نود أن نشير في البداية أن "مهرجان
إستنبول السينمائي الدولي" تديره وتنظم فعالياته المختلفة "دائرة الثقافة والسياحة" لمدينة
أستنبول العريقة ، وهذا يعني بداهة تبعيتة للدولة والجهات الرسمية ، ومن المفترض
أن دورة المهرجان لهذا العام ، هي الدورة رقم "34" والتي عقدت في الفترة
من الرابع حتي التاسع عشر من أبريل 2015، مما يدل علي أن المهرجان بتاريخه العريق ، وفعالياته المتعددة ، وكم الحضور من الضيوف
والجمهور ، وتعدد الجوائز ، وشكله التنظيمي ، ومقر إدارته الفخم في قلب ميدان
"تقسيم" وشارع "استقلال" ، يعد من المهرجانات ذات الشأن
الكبير والقيمة الفنية في منطقة دول حوض المتوسط ... طبعا بعد مهرجان
"فينيسيا" Venice Festival السينمائي
الدولي الأعرق والأشهر والأكثر حضورا والأغني بفعالياته ، حيث تأسس عام 1932 علي
يد "جوزيبي فولبي" وترأس أولي دوراته "ماركو مولير" ، والذي يمنح
جائزة "الأسد الذهبي" Golden Lion وتحل
دورته "74" لعام 2015 ، كذلك يأتي بعد مهرجان "كان" Cannes
Festival الذي تأسس عام 1946 ويمنح جائزة
"السعفة الذهبية" Palm d'Or ...
وإلي جانب المستوي الراقي للتنظيم ودقة المواعيد وحسن الاستقبال لضيوف مهرجان
أستنبول ، علي اختلاف تخصصاتهم ، يتميز المهرجان بتعدد وتنوع الفعاليات التي تجعل
منه مهرجانا جاذبا للسينمائيين من كل أنحاء العالم للمشاركة فيه ، يحدوهم الأمل في
الفوز بأحد جوائزه ، التي يأتي في مقدمتها جائزة Golden Tulip في المسابقة الدولية ، وجائزة الإتحاد الأوربي Council
of Europe (التي ينفرد بها هذا المهرجان)
لأفلام حقوق الإنسان ، وجائزتي Golden Tulip لأفضل فيلم تركي وأفضل مخرج ... وغيرها من الجوائز ، مع استحداث
جائزة لأفضل فيلم تسجيلي أقرت في هذه الدورة.
وتأتي فاعلية السينما التركية ، ويعرض خلالها
"33" فيلما ضمن برامج: "التوليب الذهبية" لأفضل فيلم ،
"أفلام خارج المسابقة" ، "أفلام السينما التركية الجديدة" ،
"الأفلام التسجيلية التركية" ، "التولب الذهبية" لأفضل عمل
أول ، جوائز لجنة التحكيم الخاصة لأفضل: مخرج ، فيلم ، سيناريو ، مونتاج ، تصوير ،
ممثل ، ممثلة ، موسيقي
ويحفل المهرجان بفعاليات عديدة تستهدف عرض
بانوراما للسينما العالمية ، ومن كل الأنواع والألوان ... قديمها وحديثها ، بهدف
إلقاء الضوء علي فنون السينما هنا وهناك ، ولتحقيق التواصل بين الماضي والحاضر ،
في إطارهذا الجمع الغفير من السينمائيين والنقاد والصحفيين من شتي بقاع المعمورة ،
بلا تمييز أو تعصب أو انتقاء ... فينظم المهرجان برنامجا خاصا لعرض أحدث التحف
السينمائية لكبار المخرجين العالميين ، برنامج من المهرجانات الدولية الذي يعرض
خلاله أهم الأفلام التي تعكس آخر ماوصلت إليه فنون السينما وجمالياتها ، برنامج
"نظرات جديدة" New Visions الذي يعرض فيه العمل
الأول أو الثاني لمخرجه ، وحقق جوائز من مهرجانات عالمية ، وبرنامج خاص "لأفلام
التسجيلية" المعاصرة التي تعكس مظاهر الحياة: السياسية أو الاجتماعية أو
الرياضية أو الحربية ، لتعريف العالم بما يجري من أحداث من المهم تسجيلها وتوثيقها
وتوصيلها للضمير العالمي ... هذا البرنامج الذي كان بمثابة القشة التي قسمت ظهر
البعير ، بسبب ىتعنت إدارة المهرجان لمنع فيلم "تركي يتناول موضوعا شائكا حول
الأكراد ، يدين ممارسات النظام التركي تجاه مايلقونه من معاملة وصعاب في حياتهم
... وبالتالي توقف المهرجان أو بمعني أصح بتره ، بعد حوالي أسبوعين من بدء
فعالياته ، كما أعلنت مديرته "عزيزة تان" في المؤتمر الصحفي الذي حضرناه
في قاعة سينما "أطلس" المخصصة لعروض الصحفيين والنقاد.
كان المهرجان حافلا بالبرامج السينمائية
المهمة ، بالنسبة لنا نحن ضيوف المهرجان ، ولعل من أبرز هذه البرامج ، يأتي برنامج
Mined Zone (سينما خارج المألوف)
الخاص بعرض الأفلام ذات التجارب السينمائية الجديدة ، فيما يتعلق بطريقة السرد أو
الأسلوب السينمائي أو التجريب في عناصر: التصوير والإضاءة ، أو طريقة المعالجة ... وكلها تجارب تعني البحث عن
المواهب السينمائية واكتشافها ، والاستفادة من تجاربهم ، بما يحقق تطور السينما
وسعيها لآفاق جديدة. كذلك برنامج Antidepressant الذي تعرض خلاله نوعية
من الأفلام الكوميدية الخفيفة ، التي تساهم في مقاومة عوامل الإحباط ، ومحاولة
التخفيف معن الضغوط النفسية التي أصابت البشر في عالم اليوم ، وفي جميع أنحاء
العالم ، بغض النظر عن المستوي الاجتماعي لهذه الطبقة أو تلك ... دعوة للترويح عن
النفس ، ونسيان الهم والغم ولو لبعض الوقت.
ورغم كل هذه الفعاليات وتنوعها وأهميتها ، لم
تأت الرياح بما تشتهي السفن ، ففي تطور مفاجيء وغريب وغير متوقع ، أعلنت علينا مديرة
المهرجان "عزيزة تان" Aziz Tan في مؤتمر صحفي إلغاء:
المسابقة الدولية للتوليب الذهب ، والمسابقة القومية للتوليب الذهبي ، المسابقة
القومية للأفلام التسجيلية ، ومسابقة أفلام حقوق الإنسان ، وذلك بعد استقالة كل
أعضاء لجان تحكيم هذه المسابقات الرئيسية للمهرجان ، وعليه سحب المشاركون في هذه المسابقات
أفلامهم ... لكني من كواليس المهرجان وإدارته علمت أن سبب كل هذه المفاجئة
المأسوية ، يعود لعدم التصريح بعرض فيلم تسجيلي حول "الأكراد" من قبل
إدارة المهرجان ، ولم يجد السينمائيون المشاركون في المسابقات سالفة الذكر إلا
التضامن وسحب أفلامهم من المهرجان ، وكانت النتيجة أننا ، نحن ضيوف المهرجان خسرنا
مشاهدة الغالبية العظمي من الأفلام ، ولم يعد لنا إلا أن نعود من حيث جئنا ... بعد
فشل المهرجان.
كان المخرج الاسترالي الكبير Ralf
De Heer Ben رئيسا للجنة التحكيم الدولية ، و Leylika
Kaya Cik عضو الاتحاد الأوربي لحقوق
الإنسان رئيسا للجنة تحكيم "أقلام حقوق الإنسان" ، والمخرج التركي Zeki
Demirkubuz رئيسا للجنة تجكيم "الأفلام
التركية" ، والمخرج التسجيلي التركي Emel Celebi رئيسا لتحكيم "الأفلام التسجيلية" والمخرج
التسجيلي التركي Mahmut Fazil Coskun رئيسا للجنة تحكيم
"العمل الأول" ، أما لجنة "الفيبريسي" فكان يرئءسها البلغاري Alexander
Grozevis .
وقد ضمت المسابقة الدولية ثلاثة عشر فيلما
روائبا طويلا ، لعل أبرزها: فيلم Reality (فرنسا
/ بلجيكا) إخراج Quentin Dupieux ، فيلم Why
Can't Be Tarkovsky (تركيا) إخراج Murat
Dozconociu ، فيلم The Golden
Era (الصين / هونج كونج) إخراج Ann
Hui ، فيلم Wild Life (فرنسا) إخراج CedricKhan ، فيلم Phoenix (ألمانيا) إخراج Cristian
Petzo ، فيلم Itsi Bitsi (الدانمرك) إخراج Olechristian Madosen ، وفيلم Black Souls (إيطاليا) إخراج Francesco
Munzi.
أما مسابقة "أفلام حقوق الإنسان"
فقد شملت تسعة أفلام من دول مختلفة تعاني فيها بعض الطبقات من إضطهاد ما ، وظلم
علي جميع المستويات: البدني والمعنوي ... نذكر من أهمها: فيلم The
Fool
(روسيا) إخراج Tury Sykov ، فيلم Today (إيران) إخراج Reza
Miirkarimi ، فيلم Hope (فرنسا) إخراج Boris Lojkine ، فيلم Catch me Daddy (انجلترا) خراج
الأخوين: Daniel Wolf و Mathew Wolf . وفي مسابقة
"السينما التركية" كان هناك ثلاثة وثلاثون فيلما ، جاء من أبرزها: فيلم Lemonade إنتاج 2014 إخراج Ali Atay ، فيلم The Visitor إنتاج 2015 إخراج Mehmet
EryilMaz ، فيلم Secret إنتاج 2015 إخراج
Selim Evci ...
وغيرها من الأفلام.
ولكن مع كل هذا الكم من الفاعاليات المهمة ،
والأفلام المنتقاة من هنا ومن هناك ... جاءت صدمتنا ، نحن ضيوف المهرجان ، بتوقف
العروض أو بمعني أصح اضطرابها ، لأسباب غير مقبولة علي الإطلاق ، ليسجل هذا
المهرجان الكبير نقطة سوداء في تاريخه ، بل في تاريخ مهرجانات السينما الدولية ...
ويافرحة ماتمت.
ياقوت الديب
رسالة مهرجان استنبول 2015
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق