السبت، 9 مايو 2015

ياقوت الديب يكتب عن مهرجان أستنبول السينمائي 2015.. فرحة ماتمت



نود أن نشير في البداية أن "مهرجان إستنبول السينمائي الدولي" تديره وتنظم فعالياته المختلفة  "دائرة الثقافة والسياحة" لمدينة أستنبول العريقة ، وهذا يعني بداهة تبعيتة للدولة والجهات الرسمية ، ومن المفترض أن دورة المهرجان لهذا العام ، هي الدورة رقم "34" والتي عقدت في الفترة من الرابع حتي التاسع عشر من أبريل 2015، مما يدل علي أن المهرجان بتاريخه العريق  ، وفعالياته المتعددة ، وكم الحضور من الضيوف والجمهور ، وتعدد الجوائز ، وشكله التنظيمي ، ومقر إدارته الفخم في قلب ميدان "تقسيم" وشارع "استقلال" ، يعد من المهرجانات ذات الشأن الكبير والقيمة الفنية في منطقة دول حوض المتوسط ... طبعا بعد مهرجان "فينيسيا" Venice Festival السينمائي الدولي الأعرق والأشهر والأكثر حضورا والأغني بفعالياته ، حيث تأسس عام 1932 علي يد "جوزيبي فولبي" وترأس أولي دوراته "ماركو مولير" ، والذي يمنح جائزة "الأسد الذهبي" Golden Lion وتحل دورته "74" لعام 2015 ، كذلك يأتي بعد مهرجان "كان" Cannes Festival الذي تأسس عام 1946 ويمنح جائزة "السعفة الذهبية" Palm d'Or ... وإلي جانب المستوي الراقي للتنظيم ودقة المواعيد وحسن الاستقبال لضيوف مهرجان أستنبول ، علي اختلاف تخصصاتهم ، يتميز المهرجان بتعدد وتنوع الفعاليات التي تجعل منه مهرجانا جاذبا للسينمائيين من كل أنحاء العالم للمشاركة فيه ، يحدوهم الأمل في الفوز بأحد جوائزه ، التي يأتي في مقدمتها جائزة Golden Tulip في المسابقة الدولية ، وجائزة الإتحاد الأوربي Council of Europe (التي ينفرد بها هذا المهرجان) لأفلام حقوق الإنسان ،  وجائزتي  Golden Tulip لأفضل فيلم تركي  وأفضل مخرج ... وغيرها من الجوائز ، مع استحداث جائزة لأفضل فيلم تسجيلي أقرت في هذه الدورة.

وتأتي فاعلية السينما التركية ، ويعرض خلالها "33" فيلما ضمن برامج: "التوليب الذهبية" لأفضل فيلم ، "أفلام خارج المسابقة" ، "أفلام السينما التركية الجديدة" ، "الأفلام التسجيلية التركية" ، "التولب الذهبية" لأفضل عمل أول ، جوائز لجنة التحكيم الخاصة لأفضل: مخرج ، فيلم ، سيناريو ، مونتاج ، تصوير ، ممثل ، ممثلة ، موسيقي
ويحفل المهرجان بفعاليات عديدة تستهدف عرض بانوراما للسينما العالمية ، ومن كل الأنواع والألوان ... قديمها وحديثها ، بهدف إلقاء الضوء علي فنون السينما هنا وهناك ، ولتحقيق التواصل بين الماضي والحاضر ، في إطارهذا الجمع الغفير من السينمائيين والنقاد والصحفيين من شتي بقاع المعمورة ، بلا تمييز أو تعصب أو انتقاء ... فينظم المهرجان برنامجا خاصا لعرض أحدث التحف السينمائية لكبار المخرجين العالميين ، برنامج من المهرجانات الدولية الذي يعرض خلاله أهم الأفلام التي تعكس آخر ماوصلت إليه فنون السينما وجمالياتها ، برنامج "نظرات جديدة" New Visions الذي يعرض فيه العمل الأول أو الثاني لمخرجه ، وحقق جوائز من مهرجانات عالمية ، وبرنامج خاص "لأفلام التسجيلية" المعاصرة التي تعكس مظاهر الحياة: السياسية أو الاجتماعية أو الرياضية أو الحربية ، لتعريف العالم بما يجري من أحداث من المهم تسجيلها وتوثيقها وتوصيلها للضمير العالمي ... هذا البرنامج الذي كان بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير ، بسبب ىتعنت إدارة المهرجان لمنع فيلم "تركي يتناول موضوعا شائكا حول الأكراد ، يدين ممارسات النظام التركي تجاه مايلقونه من معاملة وصعاب في حياتهم ... وبالتالي توقف المهرجان أو بمعني أصح بتره ، بعد حوالي أسبوعين من بدء فعالياته ، كما أعلنت مديرته "عزيزة تان" في المؤتمر الصحفي الذي حضرناه في قاعة سينما "أطلس" المخصصة لعروض الصحفيين والنقاد.
كان المهرجان حافلا بالبرامج السينمائية المهمة ، بالنسبة لنا نحن ضيوف المهرجان ، ولعل من أبرز هذه البرامج ، يأتي برنامج Mined Zone (سينما خارج المألوف) الخاص بعرض الأفلام ذات التجارب السينمائية الجديدة ، فيما يتعلق بطريقة السرد أو الأسلوب السينمائي أو التجريب في عناصر: التصوير والإضاءة ، أو طريقة  المعالجة ... وكلها تجارب تعني البحث عن المواهب السينمائية واكتشافها ، والاستفادة من تجاربهم ، بما يحقق تطور السينما وسعيها لآفاق جديدة. كذلك برنامج Antidepressant الذي تعرض خلاله نوعية من الأفلام الكوميدية الخفيفة ، التي تساهم في مقاومة عوامل الإحباط ، ومحاولة التخفيف معن الضغوط النفسية التي أصابت البشر في عالم اليوم ، وفي جميع أنحاء العالم ، بغض النظر عن المستوي الاجتماعي لهذه الطبقة أو تلك ... دعوة للترويح عن النفس ، ونسيان الهم والغم ولو لبعض الوقت.
ورغم كل هذه الفعاليات وتنوعها وأهميتها ، لم تأت الرياح بما تشتهي السفن ، ففي تطور مفاجيء وغريب وغير متوقع ، أعلنت علينا مديرة المهرجان "عزيزة تان" Aziz Tan في مؤتمر صحفي إلغاء: المسابقة الدولية للتوليب الذهب ، والمسابقة القومية للتوليب الذهبي ، المسابقة القومية للأفلام التسجيلية ، ومسابقة أفلام حقوق الإنسان ، وذلك بعد استقالة كل أعضاء لجان تحكيم هذه المسابقات الرئيسية للمهرجان ، وعليه سحب المشاركون في هذه المسابقات أفلامهم ... لكني من كواليس المهرجان وإدارته علمت أن سبب كل هذه المفاجئة المأسوية ، يعود لعدم التصريح بعرض فيلم تسجيلي حول "الأكراد" من قبل إدارة المهرجان ، ولم يجد السينمائيون المشاركون في المسابقات سالفة الذكر إلا التضامن وسحب أفلامهم من المهرجان ، وكانت النتيجة أننا ، نحن ضيوف المهرجان خسرنا مشاهدة الغالبية العظمي من الأفلام ، ولم يعد لنا إلا أن نعود من حيث جئنا ... بعد فشل المهرجان.

كان المخرج الاسترالي الكبير Ralf De Heer Ben رئيسا للجنة التحكيم الدولية ، و Leylika Kaya Cik عضو الاتحاد الأوربي لحقوق الإنسان رئيسا للجنة تحكيم "أقلام حقوق الإنسان" ، والمخرج التركي Zeki Demirkubuz رئيسا للجنة تجكيم "الأفلام التركية" ، والمخرج التسجيلي التركي Emel Celebi رئيسا لتحكيم "الأفلام التسجيلية" والمخرج التسجيلي التركي Mahmut Fazil Coskun رئيسا للجنة تحكيم "العمل الأول" ، أما لجنة "الفيبريسي" فكان يرئءسها البلغاري Alexander Grozevis .
وقد ضمت المسابقة الدولية ثلاثة عشر فيلما روائبا طويلا ، لعل أبرزها: فيلم Reality (فرنسا / بلجيكا) إخراج Quentin Dupieux ، فيلم Why Can't Be Tarkovsky (تركيا) إخراج Murat Dozconociu ، فيلم The Golden Era (الصين / هونج كونج) إخراج Ann Hui ، فيلم Wild Life (فرنسا) إخراج CedricKhan ، فيلم Phoenix (ألمانيا) إخراج Cristian Petzo ، فيلم Itsi Bitsi (الدانمرك) إخراج Olechristian Madosen ، وفيلم Black Souls (إيطاليا) إخراج Francesco Munzi.
أما مسابقة "أفلام حقوق الإنسان" فقد شملت تسعة أفلام من دول مختلفة تعاني فيها بعض الطبقات من إضطهاد ما ، وظلم علي جميع المستويات: البدني والمعنوي ... نذكر من أهمها: فيلم The Fool  (روسيا) إخراج Tury Sykov ، فيلم Today (إيران) إخراج Reza Miirkarimi ، فيلم Hope (فرنسا) إخراج Boris Lojkine ، فيلم Catch me Daddy (انجلترا) خراج الأخوين: Daniel Wolf  و Mathew Wolf . وفي مسابقة "السينما التركية" كان هناك ثلاثة وثلاثون فيلما ، جاء من أبرزها: فيلم Lemonade  إنتاج 2014 إخراج Ali Atay ، فيلم The Visitor إنتاج 2015 إخراج Mehmet EryilMaz ، فيلم Secret إنتاج 2015 إخراج  Selim Evci ... وغيرها من الأفلام.
ولكن مع كل هذا الكم من الفاعاليات المهمة ، والأفلام المنتقاة من هنا ومن هناك ... جاءت صدمتنا ، نحن ضيوف المهرجان ، بتوقف العروض أو بمعني أصح اضطرابها ، لأسباب غير مقبولة علي الإطلاق ، ليسجل هذا المهرجان الكبير نقطة سوداء في تاريخه ، بل في تاريخ مهرجانات السينما الدولية ... ويافرحة ماتمت.
                                                                                       ياقوت الديب
رسالة مهرجان استنبول 2015




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق