الثلاثاء، 30 ديسمبر 2014

«ذا انترفيو» غباء الترويج وسخف المعالجة



في




«سينماتوغراف» ـ هشام لاشين

تحول عرض فيلم سينمائي الي معركة ولافتات للدعاية والشجب وتحذيرات وتحديات، وفي النهاية عرض الفيلم علي الانترنت في نفس يوم عرضه بدور السينما ليلة عيد الميلاد.. انه فيلم «المقابلة ـ The Interview» الذي أنتجته شركة «سوني بيكشترز» ويروي قصة خيالية عن مخطط لوكالة الاستخبارات الأميركية لاغتيال زعيم كوريا الشمالية.
وكانت سوني قد أعلنت عن إطلاق الفيلم المثير للجدل على عدة منصات عرض إلكترونية في الولايات المتحدة الأميركية، وذلك تنفيذاً لوعدها بعرض الفيلم رغم سلسلة التهديدات التي تلقتها من مجموعة قراصنة تبنت مسؤولية الاختراق الذي تعرضت له الشركة الشهر الماضي.
وتوازى ذلك مع عرضه في عدد من دور السينما خلال عطلة عيد الميلاد .. ووصل الفيلم إلى الترتيب الأول على قائمة يوتيوب لمقاطع الفيديو الأكثر شعبية، وذلك خلال اليوم الثاني على طرحه ضمن خدمة الفيديو التابعة لجوجل.
هذه هي الحكاية بإختصار ولكن هل كان هذا الفيلم يستحق كل هذه الضجة ؟
«ذا انترفيو» غباء الترويج وسخف المعالجة
من خلال مواقف هشة وسطحية وسخيفة تدور أحداث الفيلم عن مهمة سرية للاستخبارات الأميركية CIA لاغتيال رئيس كوريا الشمالية من خلال استخدام ديف «جيمس فرانكو»، الصحفي الأميركي الذي لا يعنيه سوى تحقيق الشهرة من خلال متابعة أخبار المشاهير المثيرة، يقدم هو ومنتجه أرون «سيث روغن» برنامجا حواريا «توك شو» عنوانه Dave Skylark.
ويتلقى ديف وأرون اتصالا هاتفيا من بيونغ يانغ يخبرهما أن Dave Skylark من البرامج المفضلة لكيم جونغ أون، ويطلب منهما إجراء مقابلة صحافية مع الرئيس.. «المقابلة التاريخية» فرصة للصعود درجة أخرى على سلم المجد، يعتقد الزميلان، لكن عميلة الاستخبارات المركزية «ليزي كابلان» تطلب منهما مهمة تخليص العالم من الزعيم الذي يعاني منه الجميع.. في النهاية يوافقان على التنفيذ.
تتوطد صداقة الصحافي الأميركي ديف والزعيم الكوري، يلعبان معا كرة السلة، وكلاهما يحب مشروب المارغريتا، وسماع المغنية كايتي بيري. يتأثر ديف ببساطة كيم، ويظن أن التقارير الإعلامية عنه مبالغ فيها.
«ذا انترفيو» غباء الترويج وسخف المعالجة
يرتب الثلاثة لمقابلة تلفزيونية يجريها ديف ويتخيلها الزعيم سوف تقدمه كمـُلهم وفنان، لكن في لحظة فارقة يواجهه ديف بأسئلة مغايرة، «لماذا يجوع شعبك؟»
وفي فاصل مفتعل وسخيف يبكي الزعيم أو«لرب الإله» أمام الملايين، ووراء الكاميرا صراع على قطع البث بنفس السخف والافتعال وقضم الأصابع المتتالي..وطبعا الملايين على الشاشات مصدومون.. إذ كيف يبكي زعيمهم؟ او الرب الأعلي.
نحن اذن ازاء فيلم يريد ان يتحدث عن الإنسان والسياسة منتقدا غياب الحرية والديمقراطية والعدالة.. ولكن كيف قدم رسالته؟
تناول كوميدي خفيف للمؤامرة، بلا جدية.. ايقاع شديد الترهل يعتمد علي الحوار واللقطات الطويلة والاماكن الواحدة والزوايا الثابتة المتكررة .. حتي مشهد المقابلة الذي يعتبر (الأنتي كلايمكس) بلغة السينما جاء سخيفا باردا ولم تشفع اللقطات المتقاطعة مع رد فعل الجماهير فيما يشبه الفوتومونتاج في احداث تصعيد نفسي قوي.. بينما كسر المخرج إسلوب الفيلم الكوميدي الخفيف وهو يعرض المطاردة بين فريق البطل الاميركي وفريق الزعيم الكوري من خلال اكشن اميركي معتاد في نوعية اخري من الأعمال الهوليوودية المنتشرة.. وقد أنتج الفيلم بميزانية صغيرة جدا 44 مليون دولار، وهي ميزانية جد ضعيفة مقارنة بميزانية الأفلام الأميركية  .
«ذا انترفيو» غباء الترويج وسخف المعالجة
وقد بدا ضعف الإنتاج أيضا في الاماكن المحدودة جدا والحوارات الطويلة في الغرف المغلقة مما دفع الفيلم الناقد الاميركي لـ«ذا هوليوود ريبورتر» الى القول بأنه «فيلم له حاشية كوميدية رديئة مماثلة لـ(اسكتش) من برنامج (ساترداي نايت لايف/ برنامج ساخر يبث كل ليلة سبت) ».وهو كلام لاينطبق فقط علي مجموعة مشاهد هذا الفيلم ولكن أيضا علي ممثليه بالإجماع .
بينما انتقل الغضب ضد الفيلم من كوريا نفسها للصحفيين والاعلاميين الذين وجدوا في الفيلم بعد عرضه على الإنترنت إهانة للصحافة وعملها، ويتجاوز مرحلة الجدل السياسي التي اندلعت بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة، وتساءلت صحيفة «ليبراسيون»: هل الفيلم سييء إلى هذا الحد أم العكس؟ وذلك في إشارة إلى بعض مشاهد الشذوذ الجنسي التي تناولها الفيلم، بينما قالت صحيفة «20 دقيقة» الفرنسية «كل هذا من أجل هذا»، باعتبار أن الفيلم دون مستوى الجدل السياسي الذي عرفه، بينما قالت صحيفة «لوموند» إن مشاهد الفيلم من طرف سكان الولايات المتحدة وتحديدا نيويورك، «جاء للدفاع عن حرية التعبير التي تبقى قضية مصيرية»، وإن كان الفيلم حسب صحفي «الواشنطن بوست» ساخرا، ولا يمكنه أن يرقى إلى مستوى الجدل الدولي. بينما قالت صحيفة «داد لاين هوليود»، إن الفيلم يمكن اعتباره من أسوأ الأفلام التي أنتجت في الولايات المتحدة من الناحية الفنية، فيما ذهب موقع «سيماسك»الأميركي إلى وصف الفيلم بـ «الغبي»، حيث لم يفهم كاتب المقال كيف أثار الفيلم غضب زعيم كوريا الشمالية إلى هذا الحد. وهكذا شكلت الصحافة الفرنسية والأمريكية شبه إجماع على أن الفيلم «عديم القيمة» رغم أنهم ملزمون بالدفاع عليه من باب حماية حرية التعبير.
«ذا انترفيو» غباء الترويج وسخف المعالجة«ذا انترفيو» غباء الترويج وسخف المعالجة
في نهاية الفيلم يقف ديف وأورن أمام حشد جماهيري في بلديهما. يقول ديف «لقد أشعلنا ثورة».وعلى التلفاز، تبدو منشقة القصر الكورية الشمالية تقود التظاهرات ولكن مشكلة هذا الفيلم عندما يصور الديكتاتور كحاكم ظالم لشعبه وعسكري خطر يؤمن بأفكار لم يعد لها مجال في الحياة الحاضرة، فأنه يأتي بالمقابل الغربي عبارة عن شتائم وألفاظ وأفعال جنسية شائنة وإيحاءات مثلية ومخدرات. وكأن هذا هو البديل الديمقراطي والنموذج الوحيد .. ربما لهذا السبب اعتبر البعض الفيلم غبيا فهو ضحل في توصيل أفكاره وربما لم يكن يلقي كل هذه الضجة لولا حكاية القرصنة هذه والتي ربما كانت نوعا من الترويج غير المعتاد والذي قد ينكشف مع الايام غرابته.. فهل كان هذا الفيلم مثلا يستحق القرصنة؟!! وان كان لاشيئ غريبا علي العقلية الغربية في الدعاية والترويج!.

الثلاثاء، 23 ديسمبر 2014

فاطمة الرميحي رئيساً لـ«الدوحة للأفلام»

فاطمة الرميحي رئيساً لـ«الدوحة للأفلام»



الدوحة ـ «سينماتوغراف»
أعلن مجلس إدارة مؤسسة الدوحة للأفلام عن تعيين فاطمة الرميحي بمنصب الرئيس التنفيذي للمؤسسة. وستعمل الرميحي من خلال منصبها، إلى جانب كونها مديرة مهرجاني «أجيال» و«قمرة»، على تعزيز ونشر الثقافة السينمائية في قطر من خلال المبادرات التعليمية وتمويل الأفلام والبرامج التي ترفع وتنمي الذائقة السينمائية.
انضمت فاطمة الرميحي إلى مؤسسة الدوحة للأفلام منذ عام 2009، وشغلت منصب الرئيس التنفيذي بالإنابة منذ أغسطس 2014 إلى جانب دورها كمديرة لمهرجان «أجيال» السينمائي الذي اختتم دورته الثانية ، مؤخرا، بنجاح كبير. وكانت الرميحي قد شغلت في السابق منصب مديرة قسم البرامج في المؤسسة.
وقالت فاطمة الرميحي تعليقاً على تعيينها : «إنه شرف كبير لي بأن أحظى بهذه الثقة وأن أعين بمنصب الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدوحة للأفلام. ويسرني أن أواصل العمل مع صانعي الأفلام في قطر والمنطقة، وأتطلع إلى الاستمرار في دعمهم لسرد قصصهم وتعزيز بناء ثقافة سينمائية مستدامة ورفع الذائقة السينمائية في قطر».
وستتولى الرميحي انطلاقاً من منصبها الجديد وضع التوجه الاستراتيجي للمؤسسة والإشراف عليه، وكذلك المحافظة على تركيزها في الترويج للثقافة السينمائية في قطر وتعزيز حضورها على الساحتين الإقليمية والدولية. وتعمل الرميحي على الجوانب الفنية والتشغيلية لمهرجاني “أجيال” و”قمرة” ، بالإضافة إلى برامج العروض على مدار العام بمؤسسة الدوحة للأفلام، ومبادرات تمويل الأفلام والشراكات الاستراتيجية مع المؤسسات السينمائية الدولية.
انضمت فاطمة الرميحي إلى مؤسسة الدوحة للأفلام في عام 2009 بمنصب المستشار الثقافي للدورة الأولى لمهرجان “الدوحة ترايبكا” السينمائي. وبعد اكتسابها خبرة قيمة في العديد من الأقسام الرئيسية في المؤسسة، قادت فريق التواصل المجتمعي للقيام بعدة مبادرات وفعاليات تناسب شريحة واسعة من الجمهور في قطر، حيث ركزت خلال ذلك على تطوير المواهب المحلية واستقطاب الاهتمام الإقليمي والدولي للمؤسسة، وبناء شراكات رئيسية مع المجتمع وصناعة السينما بشكل عام.
وكانت الرميحي المحرك الرئيسي وراء بناء الشراكة الاستراتيجية مع تجربة «جيفوني» حيث يقوم الشباب الحكام بالتحكيم في أقسام المسابقات في مهرجان “أجيال” السينمائي. كما يجمع المهرجان مجموعة كبيرة من خبراء الإعلام الدوليين في قمة “الدوحة جيفوني» للإعلام الموجه للشباب.
وأطلقت المؤسسة بقيادة الرميحي مبادرة جديدة هي «صندوق الفيلم القطري» المختص بدعم المواهب القطرية، وأدارت بنجاح الدورة الثانية من مهرجان «أجيال» السينمائي. إلى جانب ذلك، تم الإعلان مؤخراً عن رؤية ونمط فعالية “قمرة” من 6 إلى 11 مارس 2014 والمكرّس لتطوير صناع الأفلام الواعدين.
ولدت الرميحي ونشأت وتقيم في الدوحة، وتخرجت في جامعة قطر بشهادة في الأدب الإنجليزي. هي أم لأربعة أبناء.

الخميس، 18 ديسمبر 2014

المناضل (رأفت الميهي) اول من ناقش التطرف الديني

يرقد بين الحياة والموت

                     ------------------------------------

رغم انه يرقد علي فراش المرض بين الحياة والموت فقد صدر عن حياة رأفت الميهي في إطار تكريمه الأخير في المهرجان القومي للسينما المصرية كتاب (رأفت الميهي.. رجل السينما) للناقد محمد عاطف والذي يقول فيه ان مبدعنا شفاه الله تخرج  في كلية الأداب قسم الإنجليزية ، ثم حصل علي دبلوم معهد السيناريو في مطلع الستينيات ومن هنا كانت الخلفية الخاصة التي ساهمت في عبقرية الحرفة وعمق الكتابة ، وبمساعدة المخرج الكبير صلاح ابو سيف ضرب الأستاذ بجناحيه ليعود الي القاهرة متمردا علي الوظيفة ومخترقا لعالم السينما من بوابة السيناريو بثقافة ورؤية صنعتا حراكا في المياه الراكدة وإنعاشا للحركة السينمائية بعد ماأصابها من احباط وجمود عقب هزيمة 67
وقد شهد النصف الأول من السبعينيات تعاونا بين الميهي المؤلف مع عدة مخرجين اخرين تولد عنها روائع مثل (غرباء) انتاج 73 من اخراج سعد عرفة والذي كان اول الأفلام التي ناقشت ظاهرة التطرف بشقيها الديني والوجودي برؤية سابقة لعصرها
الميهي مخرجا:
لايأتي عام 1981 الا ويشهد ميلاد رافت الميهي مخرجا لتكون البداية بنقد الاساس الجديد لتركيبة العلاقات القائمة في الاسرة والمجتمع وعلي رأسها علاقات الملكية في رائعته الأولي (عيون لاتنام) متخذا تمصير الأدب العالمي بوابة رصينة لذلك ، ثم ينتقل مع قرب منتصف الثمانينيات الي النقد الموغل في السخرية من المنظومات القانونية (الأوفوكاتو) والحرفية (للحب قصة أخيرة) والذكورية (سيداتي أنساتس) و(السادة الرجال) والامنية (سمك لبن تمر هندي) علي أرضية الإصرار علي تحدي التابوهات الثقافية والفكرية سواء الجامد منها او المستحدث (قليل من الحب كثير من العنف) مستخدما مختلف الحيل الدرامية وفي مقدمته الفانتازيا التي استعان بها في أغلب اعماله
المناضل:

كما يعتبر الميهي مناضلا لم يكتفي بالنضال علي الورق وخلف الكاميرات وانما كان يتحرك علي الأرض دائما ويبادر بتكوين جماعات للسينما وطرح افكار ورؤي جديدة ويدافع عنها ..وجاءت مرحلة الإخراج في بداية الثمانينيات فيدفع الجرئ ثمن سخريته من الأوضاع المغلوطة واقتحامه للقضايا المسكوت عنها لتنهال عليه القضايا والمحاضر والمطارادات فيذهب الي محكمة الجنح بسبب فيله الثاني الأفوكاتو كما تطارده قضية اداب بسبب جرأة فيلمه (للحب قصة أخيرة) ، كما عاني المخرج الكبير من الدوامة القضائية الخاصة بديون تطوير وايجار ستوديو جلال.. وتاتي رياح التغيير في يناير 2011 فيكون الميهي في مقدمة مؤيديها والداعمين لها وكان في مقدمة الفنانيين الذين اعلنوا تضامنهم الكامل مع ثورة 25 يناير .

الأحد، 14 ديسمبر 2014

خالد ابو النجا يواجه خفافيش الظلام بالجوائز!

اتهموه بالشذوذ الجنسي والخيانة العظمي والإنتماء لداعش

                  ----------------------------------

هشام لاشين

عقب تسلمه جائزة احسن ممثل من المهرجان القومي للسينما الاسبوع الماضي القي خالد ابو النجا كلمة قال فيها إن هذا العام لن يتكرر مرة أخرى في تاريخي السينمائي".

بالفعل.. فلايكاد عام 2014 يسدل ستاره حتي يصبح عاما حاسما وغريبا ومشبعا بالفرح والألم لدي الفنان خالد ابو النجا. ليس علي المستوي السينمائي وحسب كما قال وانما علي المستوي الشخصي أيضا.. فقد كان هذا العام  خليطا من الجوائز والحفاوة وأيضا الحزن بوفاة والدته وإتهامه بالعمالة والخيانة العظمي بل والشذوذ ووصل الأمر لإتهامه بالإنتماء لتنظيم داعش الإرهابي!

استهل ابو النجا عامه بأحزان وفاة والدته في شهر فبراير وبعدها بأسبوع واحد فقط كان ظهوره لتسلم جائزته من جمعية الفيلم كأفضل ممثل عن دوره في فيلم (فيلا 69 .).. وقبل اسدال الستارعلي 2014 نال جائزة احسن ممثل في شهرين متتالين من القاهرة السينمائي عن (عيون الحرامية)  ومن القومي للسينما عن (فيلا 69 )فهو بالتأكيد نجم هذا الموسم بلا منازع
وقبل اسبوعين فقط من بدء فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الذي شارك خالد في مسابقته الرسمية بفيلمين وحصد جائزة احدهما أطلق  تصريحات شديدة اللهجة ضد الرئيس السيسي، مؤكداً انه لم يحقق نجاحاً يذكر في إدارة شؤون البلاد، سائلاً إياه عما فعله في الحرب ضد الإرهاب: وقال خالد «الرئيس يلغي المهرجانات الفنية ويكمم الافواه بذريعة القضاء على الإرهابيين، لكن الاوضاع كما هي بل زادت سوءاً»..وكان ذلك كفيلا بإتهامه بالخيانة العظمي من المحامي سمير صبري والذي قام برفع دعوي بالفعل يتهم خالد بالخيانة العظمي والتحريض علي قلب نظام الحكم قبل ان يصدر بيانا من مجموعة من الفنانيين والمثقفين لإعلان التضامن مع الممثل الشاب وتعبيرا عن غضبهم بسبب التوقيت الخاص بملاحقة أبو النجا قضائياً ، ولم يتوقف الأمر عند الملاحقة القضائية وانما امتد لإتهامه بالشذوذ الفكري في ايحاء لتهمة اخري كان قد اتهم بها إبان عهد مبارك اعلاميا أيضا حيث روجتها احدي الصحف وتعرض بسببها الصحفي للحبس بسبب عجزه عن اثباتها هي وتهم مشابهة لفنان كبير اخر كان قد تعرض بالنقد لنظام مبارك.. فالتهم الأخلاقية جاهزة دائما لكل من يختلف مع النظام.
وتبارت اقلام اخري في الهجوم علي ابو النجا وطالب الشيخ مظهر شاهين ابو النجا ان يرحل عن مصر قائلا بالحرف: «إذا كان مش عاجبك الرئيس.. اتفضل روح العراق او سورية، هناك مفيش جيش ولا شرطة ولا حد «هيزهأك».. بس خد بالك من بنطلونك، ومراتك وأختك لو كانوا معاك»!
وكان رد ابو النجا هو اعلان استغرابه من الحرب المستعرة في الإعلام ضده، مؤكدا أن هذه الممارسات تظهر بوضوح أن النظام متوتر.
وأضاف أبو النجا - عبر حسابه على "تويتر": "حرية الرأي يجب أن تكون مكفولة أيا كان الموقف، والتشهير بشخص لأن له توجها معارضا وتكالب بعض الإعلاميين ضده يعد أخطر على مصر من الإرهاب..وتعهد أبو النجا بالملاحقة القضائية لكل من تطاول عليه بسبب رأيه.
وبعدها انتقد أبو النجا عبر حسابه على انستجرام النظام الحاكم حينما نشر صوراً لعدد من الشباب المعتقلين وطالب بإطلاق سراحهم، وكتب قائلا: "يسقط قانون التظاهر غير الدستوري، الحرية للشباب المعتقلين ظلما ".
ثم عاد ابو النجا ليكرر تصريحاته عن النظام في حوار لمحطة تلفزيون تونسية هذا الشهر علي هامش مهرجان قرطاج السينمائي.. وعاد الهجوم عليه مرة اخري ..و لم تهدا المعركة ضده.. بينما لم يهدأ خالد عن حصد الجوائز والرد إعلاميا من كل منبر يتاح له علي التهم الموجهة له فقد قرر علي مايبدو ان يكون مقاتلا وحتي النهاية في الدفاع عن رأيه .
السينما المستقلة:
هكذا تحول نجم شباك السينما، كأحد أكبر الفنانين شعبية، إلى نجم شباك للمرة الأولى ليس فى مجال الفن، لكن هذه المرة في مجال السياسة، بعد أن أصبح المادة الخصبة لوسائل الإعلام ونقاشات السياسيين والمتابعين سواء في مواقع التواصل الاجتماعى أو شاشات القنوات الفضائية.
فخالد الحاصل على بكالوريوس هندسة من جامعة عين شمس، كما حصل بكالوريوس علوم الكمبيوتر من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، بالإضافة إلى درجة الماجستير من جامعه صاري بانجلترا في مجال تصميم الأقمار الصناعية ، كان من الممكن ألا يدخل الي عش الدبايبر ويكتفي بالتمثيل بل والمشاركة الإنتاجية في تجارب سينمائية مستقلة وهامة مثل  فيلم (ميكرفون) الذي نجح به فى انتزاع جائزة التانيت الذهبى لمهرجان قرطاج السينمائى الدولى فى دورته الـ23 من بين55عملاً سينمائياً من 18 دولة مختلفة تنافست جميعا للحصول على هذه الجائزة منذ ثلاث اعوام ولم يحصل من مصر فى هذا المهرجان على هذه الجائزة سوى المخرج العالمى الراحل يوسف شاهين وكانت عن مجمل أعماله.. وقد نجح فى إيصال رسالة مهمة لجيل الشباب من الفنانين، تتمثل فى دعمه لأفلام السينما المستقلة سواء عن طريق الإنتاج أو المشاركة فى أعمال لمخرجين شباب، وهو ما حدث فى فيلمه الأخير «فيلا 69» والذي حصد عدة جوائز في ابوظبي السينمائي ومهرجانات اخري قبل جمعية الفيلم والقومي كما شارك في دعم وانتاج واحد من التجارب السينمائية الهامة والمستقلة وهو فيلم (هليوبوليس) عن السرطان والعشوائيات ، فهو فنان له رؤية ورسالة سينمائية واضحة تحاول التحرر من القوالب والإحتكار.. كذلك فيلم ( ديكور) الذي يشير لحالة الإسقطاب الحادة التي يعيشها المجتمع وكأنه بهذا الفيلم يرصد ماحدث له شخصيا ويحمل فيلم ديكور قصة غير معتادة على السينما المصرية، وقد تم تصويره كاملاً بالأبيض والأسود..
, ثم كيف لمن قدم فيلما عن القضية الفلسطينية مثلا (عيون الحرامية) ألا يكون صاحب رسالة؟!
وهو أيضا وكأي مثقف حقيقي و أحد المهتمين بالعمل الاجتماعي قرر عدم الإكتفاء بالصمت والمشاركة حيث أنه من الفنانين الأوائل الذين نادوا بالحرب علي ختان البنات في مصر والتوعية من الايدز وثقافة الحد من العنف ضد الطفل، وقد تم اختياره كسفير لليونيسيف بالأمم المتحدة منذ عام 2007م.
ادب الحوار:

ورغم ظهور بعض الأراء الإعلامية المحايدة كقول تامر امين أنه بالرغم من اختلافه الشديد مع أبو النجا، إلا أنه يرفض ما يتعرض له من تخوين واتهام له بالعمالة والخيانة العظمى، موضحًا أن الوطنية ليست حكرًا على أحد.
كما دافع اخروم مؤمنون بحق الإختلاف وحرية الراي عن ابو النجا بإعتبار ان هناك أدب الخلاف.. وأدب الحوار.. وأدب الحديث.. الذي وصل إلى أن يخلي باله من بنطلونه»!!
الا ان خالد نفسه قد رد علي محاولات التخوين في نفس سياق حديثه الذي اثار كل هذا الهجوم والجدل حين قال (أن الآخر في مصر الآن لا يقبل الاختلاف، إما أن أكون معه أو أكون عدوه، وهذا المفهوم الذي كنا نسعى لهدمه وقت الثورة وبعدها، لكن الانقسام ما زال مستمراً وثقافة التخوين أيضا)
والحقيقة ان حجم التراشق والإتهام في موضوع خالد ابو النجا كشف عن الوجه القبيح للإعلام الذي نعيشه الأن والذي لايعترف بحق الرأي والراي الأخر ويمارس اقصي درجات الإقصاء تحت شعار احتكار الوطنية ولذلك حاولوا ذبح فنان حول ان يقول رايا مختلفا.. فلا يخفي ان الرئيس السيسي نفسه لم يعترض او حتي ينتقد تصريحات خالد ولكن هناك من هم ملكيون اكثر من الملك وتصدروا المشهد بفجاجة مذرية ..اما هو وعلي الجانب الأخر فقد كان رده العملي هو العمل في صمت وحصد الجوائز .

ليست الأولي:
وربما لاتكون هذه هي المرة الأولي التي يواجه فيها فنان مصري الإتهامات السياسية والأخلاقية فقد سبقه لذلك كثيرين نذكر منهم نور الشريف الذي تم تجريصه في أخبار اليوم وقت انتاج فيلم ناجي العلي بل وبعدها بسنوات طويلة في أواخر عهد مبارك حين تم تسريب تهمة أخلاقية له عبر احد الصحف في مانشيت عريض ومباشر وكان قبلها قد أدلي بحوار لصحيفة مصر اليوم ينتقد فيها التوريث وحكم مبارك.. كماحاول انور وجدي تشويه سمعة ليلي مراد عندما ارادت الإنفصال عنه فنيا واتهمها بالعمل لحساب الوكالة اليهودية.. وهناك فنانات اتهمن بالعمل في شبكات للدعارة بغرض تلويث سمعتهن لأسباب مختلفة.. وربما الإختلاف هذه المرة في الظروف السياسية التي أفرزت بعض من يعتقدون انهم ملكيون اكثر من الملك وبعض من يتبرعون بالهجوم علي المعارضين اعتقادا منهم انهم يسعدون بذلك الحاكم او النظام.. وهم موجودون في كل زمان ومكان للأسف لكن الناس لاتتذكر بعد ذلك الا العمل الفني الذي يفرض خلوده مهما مرت السنوات.. اما الزبد فيذهب جفاء.








كمال الشيخ راهب السينما!



بقلم- هشام لاشين
كنت واحدا من المحظوظين الذين اتيح لهم الجلوس بجوار المخرج الكبير كمال الشيخ لعدة سنوات خلال لجنة مشاهدة وإختيار الافلام لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي ..كنت اصغر عضوا باللجنة التي إختارني لها الراحل المبدع سعد الدين وهبة والذي كان يشجع اي موهبة حقيقية يراها جديرة بالتشجيع فاتاح لي بذلك فرصة كبيرة إستفدت منها كثيرا بمشاهدة مئات الأفلام علي مدار أكثر من 10 سنوات قبل أن يتعرض المهرجان للإرتباك والمشاكل في أعوامه الأخيرة.. وفي نفس الوقت كان كمال الشيخ هو أكبر الاعضاء سنا هو والمبدع الراحل صلاح أبو سيف والذي كان يجلس علي يسار كمال الشيخ فجمعتني الصحبة والمناقشات بإثنان من أهم المخرجين في تاريخ السينما المصرية علي الإطلاق .
كان كمال الشيخ كعادته دمثا هادئا يتأمل الأفلام في صمت الرهبان ونادرا مايدخل في جدل حول مدي أهمية الفيلم من عدمه فكان يكتب تقريره في هدوء بعد إنتهاء العرض وكنت أنا وصديقي الناقد الجميل محي الدين فتحي نلجأ لاستفزازه لنعرف رايه ووجهة نظره في الفيلم وكان يجيب بكلمات قليلة  مكثفة ولكنها دافئة كشخصيته وموجزة ومشحونة مثل أفلامه.. ويبدو أن عمله الشيخ كمونتير لفترة طويلة قد اثر في شخصيته فجعله شديد التحديد والايجاز مما قد يراه البعض نوعا من التعالي أو العزوف عن الجدل ولكنه في الحقيقة كان اشبه بمتأمل او فيلسوف لايهدر طاقته في الثرثرة بلا طائل كما كان يترك مساحة لمن يعرفه من الغموض والتحليل تماما كما كان يفعل في أفلامه.. مونتيرا مدهشا ثم مخرجا مبدعا يعرف كيف يصيغ بناء أعماله بنسق هرمي متقن لاتجد فيه غلطة من فرط الدقة والبراعة..فلم يكن الشيخ مجرد محاكاة لإسلوب هتشكوك المثير كما يحلو للبعض تشبيهه بإعتباره كان من المعجبين به ففي أعمال مثل  (المنزل رقم 13) اول أفلامه والذي حقق نجاحاً كبيراً لدى عرضه او حتي فيلم (حياة أو موت) والذي تم اختياره ضمن قائمة أفضل مئة فيلم في السينما المصرية. سوف تجد عالما متكاملا يختلك فيه الواقعي بالخيالي والاثارة والتشويق  بطبائع المجتمع وشكل شوارعه وحواريه وهو مايبدو جليا في (حياة أو موت) والذي يستعرض منطقة وسط البلد بزحامها وبعض الفوضي المبكرة مما يجعل من هذا الفيلم نوعا من التوثيق لشوارع شهيرة في وسط البلد في تلك الفترة .. وقد كرس كمال الشيخ هذا التشريح الإجتماعي والجغرافي فيما بعد خصوصا في الأفلام المأخوذة عن روايات نجيب محفوظ  كما في (اللص والكلاب) عام 1962، و(ميرامار) عام 1969 حيث يمكن ان تلمح بوضوح شوارع القاهرة القديمة وكذلك الإسكندرية بعين مخرج يعرف طبيعة التفاصيل التي يجب أن يركز عليها بينما هناك تفاصيل أخري يجب إخفاءها حتي لاتصيب المشاهد بالتشتت او تدفعه لإستنتاج لاعلاقة لها بالفكرة الرئيسية ..ناهيك عن الإستفادة في مرحلة الأبيض واسود من الظل والانعاكسات الضوئية لخلق حالة الترقب والإثارة المطلوبة كما في الليلة الأخيرة  وغيرها .
ومثلما برع الشيخ في الافلام الإجتماعية والروائية  الادبية برع أيضاً في تقديم الفيلم السياسي  وبعضه أيضا عن روايات مثل: (غروب وشروق) 1970 (شئ في صدري) 1971، (على من نطلق الرصاص) 1975، و(الصعود إلى الهاوية) 1978 والذي تم اعتباره أفضل أفلام الجاسوسية التي قدمت في السينما المصرية.
فقد كانت لمسات الاثارة والتشويق قائمة مخلوطة بنفس الهدوء التأملي ومساحة الإندماج والتفكير التي كان دائما مايتركها للمشاهد في كل أفلامه تقريبا بما فيها الخيال العلمي كما في (قاهر الزمن) !


الأحد، 7 ديسمبر 2014

ارتباك ومقاطعة وعواجيز في مهرجان المسنيين للسينما الروائية

·       النجوم يحاربون طيور الظلام من تحت اللحاف!!

هشام لاشين
بعد توقف عامين عاد المهرجان القومي للسينما الوطنية المصرية ليفتتح برئاسة المخرج الكبير سمير سيف ليكشف عن مجموعة من الحقائق التي تحتاج لبعض التأمل وهو ماسوف نرصده في السطور القادمة ولكن علينا قبل ذلك أن نشير ألي ان افتتاح المهرجان كان مناسبة لظهور الفنان الجميل احمد حلمي من خلال شريط مصور لبعض النجوم يقومون فيه بإهداء وردة للجيل السابق لهم في إطار شعالر المهرجان وهو من جيل لجيل نتواصل.. حيث قدم حلمي وردة لنجيب الريحاني.. وقد ظهر حلمي في الشريط في حالة صحية ونفسية جيدة وكان مبتسما كعادته ومشعا بخفة الظل وهو ماطمأن جمهوره عليه بعد شفاءه من الجراحة التي قام بها مؤخرا .. كما كان المهرجان مناسبة أيضا لعرض فيلم (حلاوة روح) كأول عرض جماهيري بعد السماح به من قبل المحكمة التي نقضت قرار رئيس الوزراء ابراهيم محلب بإيقافه واعتبرته ليست جهة اختصاص بذلك القرار.. وقد اعتبر السبكي منتج الفيلم المهرجان فرصة لرد الإعتبار لفيلمه ويبدو أنه يحلم بجائزة لتعوضه جزءا من خسارته المادية التي يدعي أنها وصلت لخمسة وعشرون مليون جنيها نتيجة سرقة الفيلم وعرضه علي الفضائيات ورغم أن اكبر جائزة في المهرجان لن تحقق واحد علي عشرة من هذه الخسائر إلا ان التعويض الأدبي هنا في حالة حصول الفيلم علي جائزة سوف يساهم بدوره في الترويج للفيلم عند نزوله في دور العرض خلال الايام القليلة القادمة خصوصا وان السبكي يروج لأن النسخة التي عرضت بالفضائيات تم حذف مشاهد أكثر سخونة  سوف يتم بثها في النسخة السينمائية في محاولة لجذب نوعية من المراهقين والفضوليين للنزول لدور العرض.
هكذا يصبح المهرجان وربما لأول مرة في تاريخه مناسبة وفرصة للترويج لفيلم سينمائي دون أن يقصد طبعا حيث ان حق الفيلم هو المشاركة بإعتبار أنه إنتاج العام السابق او حتي العامين السابقين بحكم دمج دورتين في هذه الدورة الاستثنائية .. اما الحقائق التي كشفت عنها هذه الدورة ولايتوقع ان تكشف جوائزها عن مفاجأت كبيرة بحكم انحسار المنافسة بين القليل من الأفلام المشاركة  فهي أولا ذلك الحال الذي وصلت اليه السينما المصرية مابعد 25 يناير من تخاذل وعدم وضوح للرؤية بإستثناء اعمال قليلة مثل فتاة المصنع لمحمد خان وعشم لماجي مورجان والذي تدور أحداثه حول خلفية الاضطرابات خلال فترة ما قبل ثورة 25 يناير 2011  ، فأفلام هذه الدورة هي حصاد انتاج الفترة التالية ل25 يناير ومابعدها وبالتالي فهي تكشف عن حالة الترهل والتخبط وعدم إستيعاب المشهد والذي من المتوقع ان يستمر لفترة طويلة قادمة لحين استقرار المشهد العام.
 بإختصار نحن ازاء افلام مصرية صنعت وترعرعت في ظل مشهد مرتبك ولذلك جاءت بدورها مرتبكة وهو ماسيجعل مهمة لجنة التحكيم الخاصة بالفيلم الروائي اكثر سهولة لأن الجانب الفني سوف يكون هو الراجح في هذه الجوائز وإن كان الأمر اكثر صعوبة في لجنة الفيلم القصير والتسجيلي حيث يصبح رصد الواقع ومحاكاته أكثر سهولة في هذه الأفلام وسيكون الإنحياز في هذه الحالة للعمل الاكثر قدرة علي الحبكة وصياغة الفكرة والإبتكار بل والانفراد في الرصد
علي جانب اخر  يكشف المهرجان عن امر يتكرر سنويا قبل وبعد 25 يناير وهو غياب النجوم فيما يشبه المقاطعة لمهرجانهم القومي وهو مايكشف بدوره عن تخاذل واضح وتدني ثقافي وعدم قناعة النجوم بأهمية مواجهة مايدعون من حروب لطيور ظلام الفن إلا عبر تصريحات عنترية من تحت اللحاف او من منصة الفضائيات فحين يأتي الإختبار الحقيقة يختفي الجميع ويؤثر السلامة .
الحقيقة الثالثة هي وصول الإرتباك لمسئولي هذه المهرجانات أنفسهم فقد عرض المهرجان في إفتتاحه مثلا فيلم القادسية متمسحا في ذكري مئوية صلاح ابو سيف وهو ماأنكره ابنه المخرج محمد ابو سيف وقال أنه يتبقي عاما علي هذه الذكري ورغم ذلك فحين دعي لحفل الإفتتاح فوجئ بعدم ذكر اي اشارة لامن الوزير الثقافة ولامن رئيس المهرجان عن هذه الذكري حيث تم اهداء الدورة للفنانة صباح وكتب ابو سيف ساخرا علي الفيس بوك من ذلك الموقف حيث لم تصله دعوة ورغم ذلك حرص علي الحضور بحكم تكريم والده ثم انتظر اي ذكر للمئوية في قاعة الافتتاح بالأوبرا فتم تجاهل ذلك وفي النهاية تم تقديم الفيلم بإعتباره مشاركة سياسية مع العراق الشقيقة وهو كلام دعا ابو سيف للسخرية وله كل الحق خصوصا وان اكثر من فنان قد توفوا مؤخرا منهم خالد صالح بالاضافة لمعالي زايد وصباح فلماذا لانهدي الدورة للراحلين بدلا من إسم صباح فقط بل لماذا لايتم اهدائها لصلاح ابو سيف نفسه بحكم هذه المئوية التي اعلن عنها في كتالوج المهرجان وتم لحسها في حفل الإفتتاح؟ ولاإجابة علي مثل هذه النوعية من التساؤلات في مهرجاناتنا المصرية المحلية منها والدولية سوي حالة الإرتباك التي تسود هذه الفترة ولن نعتبرها نوعا من العشوائية الدارجة وعدم التخطيط الجيد في معظم مناحي حياتنا منذ القدم!!


وتبقي الحقيقة الأخيرة في هذه الدورة وهي ظاهرة كشفت عن نفسها في المهرجان الذي رفع شعار تواصل الأجيال وهو ماتطرق له وزير الثقافة ورئيس المهرجان في الافتتاح  قبل أن يكتشف الحضور أن كل المدعويين والموجودين ممن تخطوا الستين والسبعين.. فلا أثر للشباب في المهرجان الذي تحدث عن التواصل.. وكان المشهد يثير التعليقات الساخرة بعد أن تحول مهرجانا للمسنين يقول شيئا ويفعل شيئا أخر ونتمني ألا يتكرر  المشهد في حفل الختام!

الأربعاء، 3 ديسمبر 2014

داوود عبد السيد.. صانع الدهشة والغموض


 

«سينماتوغراف»  ـ هشام لاشين

منذ فيلمه الأول ( الصعاليك ) وحتى آخر أفلامه (رسائل البحر) وهناك شيئ مايشبه الإغواء في سينما (داود عبد السيد) .. فهو يجذبك الى عالمه الغريب المخلوط بكل المتناقضات منذ اللحظة الأولى .. ويظل يسحبك على وجهك هائماً بعد أن يزين لك بضاعته الفكرية المصورة التى تشبه (صندوق الدنيا) أنها ملونة بألوان (قوس قزح ) ومغلفة بورق السلوفان اللامع .. وعندما يتوقف شريط الصور المتحركة عن الدوران تشعر للحظات إنك قد خدعت او اغتويت (من الغواية) وعندما تفيق تكتشف أن كل شيئ قد انتهى وانك وقعت لا محالة فى شرك سينمائي محكم .. خلط صانعه الدجل بالواقع .. والسياسة بالخيال .. والميتافيزيقيا بالفلسفة .. وفى النهاية يمنحك تفاحة .. تشبه تماماً تلك التى قطفها أدم ومعه حواء .. فهى معادل لحرية الاختيار التى قد تنزل بك لسابع أرض ولكن طعمها يظل فى فمك !

رمز السلطة:

في فيلمه الثانى (البحث عن سيد مرزوق) نرى (سيد مرزوق) رمز السلطة التى ورثت كل شيئ .. النفوذ والمال وجهاز الأمن وها هى تتلاعب بمصير الرعايا فى استخفاف منقطع النظير.. أنه يستمتع بمشاعر الفقراء وهم يحصلون على بعض المنح البسيطة ، وهاهو يقتل مواطن غلبان ويلفق تهمة لأخر.. وتأمل رمز الأمن وهو لا ينشغل بأى شيئ آخر سوى حماية رمز السلطة حتى لو أدى ذلك الى ظلم آخرين أو العبث بمصائرهم .. ولنتأمل بالتحديد تلك اللحظة الفريدة التى يكتشف فيها يوسف البسيط أنه يمكن أن يفك (الكلابشات) من يده بسهولة ، فى الوقت الذى تكون هى سر عذابه لرحلة طويلة .. فالحرية ممكنة . بيدنا وحدنا ولا يجب ان ننتظر منحها ثم لنتأمل يوسف نفسه رمز لغالبية البسطاء المسالمين .. الذين يكتفون بالمشي بجوار الحائط .. وحينما يقرر التمرد فهو لايفعل شيئاً لأن المسدس الذي وجده بين أصابعه  .. فشنك !
وسيمفونية القهر تتوالي سواء كانت فى اقتحام الشرطة للعالم الملائكى (لسليمان) وحضانة ابنته أو فى هدير أقدامهم مع مشهد النهاية وهم يدقون الأرض وخلفهم الكلاب البوليسية !! وحينما يقرر يوسف الهرب منهم يسقط فى عربة القمامة .. وهو بذلك يفيقنا الى أن ثمن الحرية قد يكون أن نصبح كالنفايات التى تتعرض للحرق ولكن المهم أن نواجه مصائرنا فى النهاية بشجاعة !!
وفى فيلمه (مواطن ومخبر وحرامى) مثله مثل معظم أفلامه تتعدد مستويات الاغواء حيث ينتقد النظام ويهاجم المجتمع حتى يصل الى أخطر التابوهات وهى (الدين) ليتجول فيه بحرية وربما بنزق.

 داوود عبد السيد.. شيطان الشاشة المسحورة  "دبى السينمائي" ينفرد بعرض أحدث إبداعاته " قدرات غير عادية "

استخدام الدين:

وهو يركز على صورة واحدة فى كل أفلامه  تقريبا وهى استخدام الدين فى السخرية وفى الدجل والنصب وتجارة المخدارت وصولاً الى القتل .. تأمل مثلاً صورة المشايخ الثلاثة المصابين بالعمى (لاحظ العمى) في فيلمه (الكيت كات) وتأمل تحديداً صورة المقرئ القبيح التي تتحول طريقة تلاوته لشكل من أشكال السخرية والكوميديا !! وفى فيلم (البحث عن سيد مرزوق) يأخذ شكل الصدام الأمني بُعداً فلسفياً ومتيافيزيقيا حيث تصبح القوة الغاشمة والمسيطرة معادلا رمزياً غامضاً متجسدا فى ” سيد مرزوق ” الذى يظهر ويختفى دون سبب ويتحكم فى مصائر العالم بصورة تفوق قدرات البشر !! إنه معادل آخر لشخصية (حمدي غيث) فى (أرض الخوف) .. فظهوره محاطاً بذلك الطقس الروحانى والديكور الذي لا تخطئه العين ودلالته.. كذلك العبارات التى يستخدمها وحديثه عن الخير والشر ثم ارتكابه جرائم القتل بحجة المصلحة العليا للعالم .. كل ذلك يجعله أكثر من مجرد تاجر مخدارات يحكم عالم المافيا .. وهو اكثر من أب روحي يرتدى العباءة الإسلامية! بل أن هذا الفيلم تحديداً يتضمن أكثر من مستوى للتعامل خارج عالم المجرمين وتجار المخدرات والفاسدين ” فهناك العالم الأوسع والأرحب الذى تحكمه القوة بالخوف والقهر .. ويستخدم داوود أسماء الأنبياء ليمنحهم لشخوصه بالكامل فى هذا الفيلم فى حين تصبح رسالة موسى هى مفتاح الغموض والسر الذى يضل طريق ليتغير مصير الكون !.. وعلى مستوى آخر نرى كيف يتفاءل بطل (سارق الفرح) بفضلات (حمامة) تقف على نافذة ضريح أحد الأولياء الصالحين !! أما فيلم (مواطن و مخبر وحرامى) فهو يقدم بداخله حوارات مباشرة على لسان الحرامى (شريف المرجوشى) وهو شخص جاهل” يجسد دوره  شعبان عبد الرحيم “يتدفأ على نار الكتب التى يتحدث عنها بإعتبارها تحتوى أفكارا شريرة تدعو للحرام ! هذا المرجوش يفسر أفلام الأكشن بطريقة دينية مضحكة . وهو يناقش الاسلام ويفسره على هواه. وبنفس المنطق يحرق رواية المثقف (خالد ابو النجا) فى الفيلم .. أنه نموذج للغوغاء عندما يتصدرون لتفسير الدين .. ولكن (داوود) يصر مرة أخرى على مناقشة السلطة الأعلى باستخدام الدلالات بل والكلمات الواضحة عندما يقول المثقف (مفيش سلطة كاملة .. السلطة المطلقة هى المثل الاعلى .. السلطة دائماً ناقصة) بينما يتجه ببصره لأعلى .. وفى النهاية يقرر بوضوح (لازم الانسان يبقى هو سلطة نفسه) .
 داوود عبد السيد.. شيطان الشاشة المسحورة  "دبى السينمائي" ينفرد بعرض أحدث إبداعاته " قدرات غير عادية "

القهر السلطوي:

واذا كان هذا  هو موقف المخرج فى موضوع الدين والسلطة العليا الذى يمزجه بقدر كبير من الفلسفة التى يعشقها .. فان المستوى الاخر للسلطة (السياسة) يشغل  داودد  بوضوح فاذا كان الحرامى شريف المجروش هو ( روح السجن ) كما يصغه الراوى أو المعلق .. فإن المخبر (فتحى عبد الغفور) هو  رجل متوازن  هذا هو الشكل الخارجى للسلطة .. ولكن هذه الشخصية لاتلبث أن تكشر عن أنيابها فى أكثر من مشهد ربما أبرزها مشهد استجواب (حياة) الذى يتحول لوصلة تلفيق وتعذيب مرعبة ونراه يطرح الاسئلة والاجابات .. فهو الخصم والحكم بل أنه يفرض سيف الاتهام على المدعى نفسه مثلما يملى عليه كتابه العريضة بقلمه وخط يده .. ويصل الجبروت إلى ذروته عندما يقهر المواطن حتى لايتنازل عن اتهامه ليبرر استمراره فى العنف الذى يسبب له نشوى خاصة بينما هو مخمور .. فالمخبر هنا ليس الا رمزاً واضحاً من رموز السلطة الغاشمة . و ( فتحى عبد الغفور) . ومنذ المشهد الاول يرسم له السيناريو هذه الصورة.. فهو يناور ويقتحم الأشخاص الذين راقبهم من قبل .. ويعرف بدقة نقاط ضعفهم ثم يفرض نفسه على عالمهم بعد ذلك قبل أن يعيد تشكيلهم بوضعهم فى المواقف المختلفة للوصول الى ردود فعل معينة .. وهنا ما فعله تماماً مع (سليم سيف الدين) من اللحظة الاولى التى ذهب فيها اليه الآخير للابلاغ عن سرقة سيارته الى أن يجد نفسه وقد أصبح متهماً فى جناية (فقأ عين) الحرامى .. ووجه السلطة الغاشمة يمكنك أن تجد صداه فى أفلام ( داوود ) الأخرى ! مثلا فى مشهد قسم الشرطة داخل (سيد مرزوق) عندما يتعرض المواطنون للإهانة والملاحقة .. وفى (سارق الفرح) و(أرض الخوف) .. بل انه يصيغ حواراً ساخراً عن الشرطة التى فى خدمة الشعب. ويقدم وجهاً اخر لهذه السلطة فى الحوار الذى يدور بين (سليم) ورئيس المباحث (أحمد كمال) الذى يقول فيه الأخير للأول ألا تعرف ان الضحك هو اكبر إخلال بالآمن .. وكذلك السخرية . وهذا هو الجانب المباشر لفكر رجل المباحث الذى يمثل بدوره السلطة .. وتطول الفلسفة هذا الحوار بعد ذلك لتشارك فى تشكيل النسيج العام .. حيث يرفض هذا الرجل نفسه أن يخلط النسيج الاجتماعى بين المثقف والحرامى الصعلوك .. وان كان يراها فى اطارها الطبيعى اذا كانت بين مخبر وحرامى ! فالمخبر لابد أن يصادق المجرمين .. ليعرف خباياهم ولكن كيف يخالط المتعلم الجهلة والهامشين ؟! منطق غريب وتناقض لا يفسره تناقض المخرج نفسه عندما يسخر من فساد هذا الاختلاط فى فيلمه بين (مواطن ومخبر وحرامي ) فهو يعتبره زواجاً فاسداً فى مجتمع فاسد وهو ما أشار إليه فى مؤتمر صحفى اقيم بعد الفيلم .. ورغم ذلك فهو يقول بحسم ووضوح (علينا آلا نعيش فى حالة التعالى الطبقى ) وذلك فى سياق اجابته عن  سؤال حول أسباب اختياره ( لشعبان عبد الرحيم ) لبطولة فيلمه فأيهما نصدق .. تصريح داوود المنشور بعدم التعالى الطبقى أم تصريحه برفضه لهذة المصاهرة الفاسدة داخل الفيلم ؟! ومن المؤكد أن المخبر هو العمود الفقرى فى هذا الفيلم .. فهو الذى يربط الاحداث ويفرض صياغتها .. وهو الذى يساهم فى تطور العلاقة بين الطرفين الأخرين قبل ان ينضم لهما كشريك ثالث فى المسألة الاقتصادية بعد حصوله على ثروة غير معلومة المصدر تماماً مثل الحرامى وربما المثقف على نحو مختلف .. فهناك خلطة مقصودة فى الفيلم تحاول أن تعكس انقلاب الهرم حيث يختلط الشرفاء باللصوص ويرتدى الجميع أقنعة كثيرة .. فهذا الكرنفال لايختلف كثيراً عن الحفل التنكرى فى نفس الفيلم عندما يختلط الواقعى بالمزيف وتضيع الحقائق .

 داوود عبد السيد.. شيطان الشاشة المسحورة  "دبى السينمائي" ينفرد بعرض أحدث إبداعاته " قدرات غير عادية "

الجنس والمكان:

ونأتى (لتابو) الجنس الذي تعامل معه المخرج بشكل حاد فى هذا الفيلم على وجه الخصوص عندما أفرط فى تقديمه مثلما استخدام (العري) بذكاء وهو يقدم لقطة كاملة لبطلته من ظهرها بعد ان تخلع كل ملابسها فيما يشبة راقصات الاسترتيز وذلك فى إطار رهان متبادل بينها وبين البطل أثناء لعب (الكوتشينة)  ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في نظرة داوود للمرأة فى معظم أفلامه .. فهو لا يراها سوى وعاء جنس فقط لإشباع نهم الرجل .. ولست أجد تفسيراً لهذه النظرة من يخرج يزعم تبنى الافكار التقدمية فى أعماله .. وفى (مواطن ومخبر) نموذجان لهذه المرأة .. الاولى ( حياة )التى تصبح معادلا للشهوة والانكسار والخداع .. والثانية (رولا) التى تعتبر اقرب للعاهرة تماما مثل بطلة (رسائل البحر)، وفي هذا الفيلم الأخير يدق عبد السيد ناقوس الخطر فيما يخص محاولة محو خصوصية الإنسان الفرد وانسحاقه تحت سلطة الجماعة التي تستغل سلطة المقدس على الخصوص لمحو الذاكرة الفردية وإخضاعها وتدجينها ضمن محمية القطيع.. فهي تنويعة أخري علي القهر والميتافيزيقا المختلطة به لدرجة أن بطله أيضا سوف يصبح إسمه يحي بكل الدلالات الدينية وتناقض ذلك التوجه الوجودي البحت للشخصية في رحلته الحياتية  ممثلا للطبقة المتوسطة التي ظلت آخر الصامدين في وجه الفساد والذوق الرديء حتى لو اضطرها ذلك للجوء للبحر كملجإ أخير ووحيد.
وفي هذا الفيلم كما في (أرض الاحلام) يصبح للمكان وجود اساسي محفور ضمن تفاصيل روايته السينمائية فهنا بعض بنايات الإسكندرية التي تدخل ضمن المآثر التاريخية مصحوبة بشاعرية ، وكأنه يخشى على ماتبقى من عبق الذاكرة والأصالة التي تُمثلها هذه البنايات الملأى بالزخارف والنقوش والتي تعود لعصور خلت أيام أن كان للفن قيمة وشأن، وقبل الهجوم الشرس للأثرياء الجدد.. بينما سنجد المعادل في (أرض الأحلام) في بنايات مصر الجديدة المذهلة قبل أن يهجم القبح تدريجيا وهو نفس الحي الذي عاش فيه داوود نفسه وكون من خلاله الكثير من شخصيات عالمه الروائي السينمائي الساحر.. وعلي الجانب الأخر تمثل شخصية “الحاج هاشم” الذي اشترى كل المنزل التاريخي الجميل في (رسائل البحر) شخصية الحرامي أو حتي المخبر اللذان يستوليان علي رواية المواطن الراقي الذي ينتمي لمجتمع الكوزموبوليتان .
بل أن نفس هذا المواطن يصبح معادلا ليحيى في (رسائل البحر) فكلاهما منسحق بينما يدافع عن التراث والذاكرة والقيم الجميلة أمام الهجوم الشرس للأثراء الجدد الأميين والمدعومين بسلطة “الخطاب المقدس”.

 داوود عبد السيد.. شيطان الشاشة المسحورة  "دبى السينمائي" ينفرد بعرض أحدث إبداعاته " قدرات غير عادية "

صانع الدهشة:

ان داوود عبد السيد المولود في 23 نوفمبر 1946 هو نفسه صاحب العديد من الأفلام التسجيلية، أهمها (وصية رجل حكيم في شؤون القرية والتعليم ـ 1976)، (العمل في الحقل ـ 1979)، (عن الناس والأنبياء والفنانين ـ 1980). وهي بالطبع أفلام حققت لعبد السيد فرصة للاحتكاك المباشر مع الناس، ومعرفة أوسع وأعمق بالمجتمع المصري بكافة طبقاته، إضافة إلى أنها أكسبته الإحساس بنبض الحياة المتدفق ..قبل أن يضيف لها أفلامه الروائية الثمانية التي كشفت عن خصوصية سينما المؤلف ..فهو بالقطع صانع هذا العالم المفهم بالدهشة والتناقض والغموض وهو يدير عالمه بمهارة المواطن المثقف ، وبوعى المخبر المدربة عينه على الالتقاط والفرز .. أنه مثل بطله ( فتحى عبد الغفور ) يحاول أن ( يبحث عن اجابة عن الاسئلة الغامضة ) ولكنه بالتأكيد ليس مثل ( شريف المرجوش ) الذى يسمع أم كلثوم ويعلق صور عبد الوهاب بينما يتدفأ على رماد الكتب .. أنه مزيج من كل هذه الشخصيات التى بثها على مدار تسعة أفلام روائية كاملة ..فهو كما يعترف يهتم كثيراً بشخصياته أكثر من اهتمامه بالقضية المطروحة كقضية، مقتنعاً تماماً بأن أية قضية إنما تبرز عندما تتألق الشخصية وتعبر عن أحلامها وطموحاتها بصدق. وهو بذلك لا يبحث إطلاقاً عن حكاية تقليدية، وإنما يبحث عن نماذج وحالات نمطية تعيشها شخصياته.
وهو نموذج لسينما تتمرد وتسبح فى الممنوع حتى وان استخدمت الرمز اسلوباً للتحايل والنقد العنيف .
ويواصل داوود عرض  أفكاره ورؤيته من خلال أحدث أفلامه “قدرات غير عادية” الذى  يشارك فى المسابقة الرسمية لمهرجان دبى السينمائى الدولى فى دورته الـ 11 التى تبدأ 10 ديسمبر 201

الخميس، 27 نوفمبر 2014

فيلم القط بدور العرض منتصف يناير ٢٠١٥ El Ott in cinemas mid January 2015

هشام لاشين يكتب عن شلاط تونس الذي منعه زين العابدين وصرحت به الثورة



  

قبل عرضه في القاهرة تم اختيار فيلم "شلاط تونس" للمشاركة في مهرجان كان 2014 بعد ترشيح من قبل جمعية الأفلام المستقلة للتوزيع إلى جانب ثمانية أفلام طويلة من مختلف أنحاء العالم لعرضه في قسم خاص بأفلام الجمعية ACID .. وتكمن اهمية هذا الفيلم في قالبه الذي يمزج بين الروائي والتسجيلي كما يطرح قضية الجسد والهوية داخل المجتمعات العربية المحافظة.
و يستند فيلم المخرجة كوثر بن هنية على أحداث واقعية حدثت في 2003 بالعاصمة التونسية عندما كان مجهولا يضرب أرداف النساء بآلة حادة، في غالب الأحيان شفرة حلاقة أو سكين، وهو على متن دراجة وذلك بسبب لباسهن "المغري". وبالرغم من أن الشلاط توقف منذ سنوات عن جرح النساء إلا أنه لم يغب تماما عن الأذهان، بل سكن فكر كل فتاة تتزين للخروج أو عائلة ابنة قصدت المدرسة، وكل غيور على حريته في التحرك وعلى حرمته الجسدية. وقد قامت المخرجة بتضفير هذا الشبح كما اطلق عليه في سياق الأحداث ببعض الأراء السياسية والدينية لشيوخ يتحدثن عن الحجاب وأهمية الحشمة للمرأة باسلوب يستدعي المتلقي لإتخاذ موقف مناهض لرجال الدين

وتحمل المخرجة الكاميرا لتتقمص دور مخرجة في رحلة البحث عن الشلاط وعمل  الكاستينج من الشباب  الذين يسعون إلى الفوز بدور البطل، فيقتحم شاب القاعة لوضع حد لهذه "المهزلة" ويؤكد بالوعد والوعيد بأنه هو الشلاط! فكانت رحلة متابعة الشلاط "جلال" والخوض في غمار حيه الشعبي بمختلف شخصياته وفي حياته الشخصية بفراغها الجنسي والعاطفي، والبحث عن ضحاياه. وكان المشهد كافيا للتعرف على شباب مهمش وجاهل يسعون إلى إيجاد مكانة في المجتمع حتي لو كانت العاطفة لاتعني بالنسبة لهم شيئا.. فالمهم هو إثبات الوجود وبأي ثمن.. وهي نظرة راقية لاتنحاز لموقف انوثي مثلا ضد كل ماهو ذكوري بغباء منتشر في نظرات متخلفة كثيرة لقضايا المجتمع علي العكس فكوثر تثبت هنا أنها محايدة وموضوعية وهي ترصد واحدة من اهم القضايا الإجتماعية فهذا الشعب المهمش هو من انتفض على الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وأطاح به في 2011. ومن أقوى صور الفيلم رجل يصطاد في مجرى مياه عكر في قلب حي سكني. المياه تحمل جثة كلب وواق ذكري والصياد "يقتل الوقت" أمام سيل عبثي من حياة راكدة عفنة لاسمك فيها ومن النماذج المهمشة التي تبحث عن نفسها تقدم لنا المخرجة شخصية الشاب الذي يسوق لعبة إلكترونية تتخذ من الشلاط بطلا، تخلق ديناميكية المرآة وتوسع حلقة التداخل بين الواقع والافتراض.
وهو يشبه إسلوب المخرجة في بناء الفيلم وشخصياته ..فالشرطي الذي يتلقى شكاوى الفتيات وراءه متحرش جنسي. والفتاة التي ادعت أنها تعرضت للاعتداء على يد الشلاط وراءها حيلة أرادت بها وشم جلدها الذي رفضه الزوج. ووراء غياب أب الشلاط أم تتكتم على كل ما يرتكبه ابنها وتحميه أكثر من اللازم، وزر ثقيل يمنعه من ربط علاقة سليمة مع فتيات عمره.

وكل ذلك في اطار البحث والتأمل وطرح الأسئلة للمتلقي الذي يجد نفسه امام عرض مثير يختلط فيه الواقعي بالإفتراضي في شكل سينمائي يمكن اعتباره ثوريا بالفعل خصوصا مع مسحة السخرية السوداء التي تحيط بغلالته وهو ماقالت عنه المخرجة انه إسلوب  شعوبنا العربية لمجابهة الأشياء القاتمة، فروح الدعابة هي إحدى طرق المقاومة، وتحطيم الأصنام الفكرية.. إنها حيلة الضعفاء وغير القادرين على المساهمة في التغيرات الكبرى .

كما تري المخرجة ان فكرة الشلاط وقعت في عدة بلدان عربية أخرى ففي  مصر كان اسمه سفاح المعادي، وفي المغرب كان اسمه مولى البكيالة، وكأنه مرض معدي يطفو على السطح من حين الى أخر في مدينة ما وجب أن تتوفر فيها بعض الظروف ليعود الشلاط من جديد.

وقد اتاحت الثورة التونسية للمخرجة- كما تقول-  فرصة الحصول على أرشيف القضية و فهم ما وقع فعليا في تلك الفترة كما أن الثورة سمحت لها بتصوير الفيلم برخصة تصوير رسمية من وزارة الثقافة. وكان التصريح السابق للثورة متاحا فقط بصورة سرية ودون دعم من وزارة الثقافة التونسية والتي تُعد المصدر الوحيد لتمويل الأفلام التونسية وهو مايكشف عن الوجه الإيجابي الأخر للثورة التونسية التي دعمت فيلما مناهضا للتخلف والرجعية ضد المرأة.ز وهو مالم يكن متاحا في عهد كان يمنع تعدد الزوجات والصلاة في المساجد يوم الجمعة..وهي مفارقة تحتاج للكثير من التأمل المنصف بعيدا عن اي كلاشيهات جاهزة



الأربعاء، 26 نوفمبر 2014

(شحرورة السينما) رحلت في ليلة بكي فيها القمر

  




              
بقلم- هشام لاشين
منذ نزحت إلى القاهرة في منتصف أربعينيات القرن الماضي لتظهر على الشاشة الفضية في أول أفلامها «القلب له واحد/ بركات 1945» أمام أنور وجدي لتؤدي دور فتاة صغيرة، خفيفة الظل، مفعمة الروح بالبهجة والشقاوة، ظل هذا الإطار ملازما صباح لفترة طويلة... أدوار البنت الشقية المثيرة للإغراء حينا، النقية الطيبة العاشقة حينا آخر، كما قدمت شخصية الفتاة المغلوبة على أمرها بتجسيدها دور سندريللا، في أوبريت شهير باسم «فارس الأحلام» من فيلم «لحن حبي/ أحمد بدرخان 1953» أمام فريد الأطرش، الأمير الحزين الباحث عن أميرة أحلامه، وبمثل هذه الأدوار عقدت أواصر القبول والنجاح بينها وبين الجمهور.
ولم تبشر بداية صباح في فيلم «القلب له واحد» بنجاح كبير مستمر، كان صوتها غير ناضج وقدرتها على غناء الألحان المصرية محدودة وتكاد تكون عاجزة. لم تكن ملامحها التي ظهرت في الفيلم ملامح ممثلة جميلة أو مثيرة، كانت أشبه بملامح فتاة قروية، لا تستطيع الصمود في مدينة القاهرة ثم ما لبثت صباح أن صارت فتاة أحلام الشباب، وارتفعت أسهمها في مصر ولبنان وتوالت بطولاتها السينمائية بعد ذلك
تنويعات:
فبمجرد اكتشاف صباح في فيلمها الاول اتيح لها ان تظهر في ثلاثة افلام اخرى بالعام نفسه فقد ادت دورا بفيلم «اول الشهر» امام حسين صدقي احد كبار نجوم تلك الفترة ومن اخراج عبدالفتاح حسن، ثم في فيلم ثالث يحمل عنوان «هذا ما جناه أبي» الذي عاد مكتشفها بركات ليخرجه لها امام ممثل قدير هو زكي رستم، ويعد هذا الفيلم البداية الحقيقية لصباح في مجال السينما لسعة الدور وموضوعه الميلودرامي القوي والمحكم البناء اضافة الى لون الغناء الخفيف والمميز لهذه الفتاة الجذابة التي تتعرض لشتى انواع المآسي والمحملة بالمواعظ والدروس الاخلاقية البليغة ثم النهايات السعيدة لقصص الحب وجمع شمل العائلة وهو ما كان يشكل قبلة جمهور السينما السائدة الذي يغرق في احزان الآخرين وقصص حبهم وغنائهم وضحكاتهم.
ثم استطاعت صباح بعد ذلك القيام بادوار البطولة المطلقة ما بين مصر ولبنان فقد شكلت مع فريد الاطرش ثنائيا ناجحا في ثلاثة افلام هي «بلبل افندي» لحسين فوزي (1948) ثم «لحن حبي» لاحمد بدرخان (1953) وفيلم «ازاي انساك» لبدرخان ايضا (1956) مما مكنها ان تعرض جاذبيتها في افلامها التالية مع محمد فوزي الذي عمل الى جانبها في افلام «صباح الخير» لحسين فوزي (1947)، «الآنسة ماما» لحلمي رفلة و«الحب في خطر» و«فاعل خير» و«ثورة المدينة لرفلة ايضا وفي كلتا التجربتين كانت صباح تبدو في قمة تألقها سواء حين تغني بشكل فردي او ثنائي امام المطرب الذي تقف الى جانبه، فقد غنت ايضا من الحانهما واستطاعت ان تدخل معهما في تنافس باداء الادوار التمثيلية وكانت النتيجة لصالحها، لما تمتاز به من سمات الفتاة المتمردة، وخفة الظل، والفهم الخاص المتميز لقواعد الكوميديا الموسيقية.
الفيلم الغنائي:
نجحت صباح الإسهام في نهضة الفيلم الغنائي العربي في مصر، «وفي حقبة لاحقة في لبنان مع محمد سلمان ووديع الصافي ونصري شمس الدين» فإلى جانب مشاركتها فريد الأطرش أفلامه الغنائية، تقاسمت البطولة مع العديد من المطربين ذائعي الصيت آنذاك مثل: محمد فوزي «الآنسة ماما 1951 - الحب في خطر 1951 - فاعل خير 1953» وكلها من إخراج حلمي رفلة، وسعد عبد الوهاب «سيبوني أغني/ حسين فوزي 1950» حتى عبدالحليم حافظ في «شارع الحب».
لكن الأفلام الغنائية الثلاثة التي تقاسمت صباح بطولتها مع فريد الأطرش: «بلبل افندي، لحن حبي، ازاي انساك / أحمد بدرخان 1956» حققت خلالها حضورا فنيا ونجاحا مميزا على المستويين التمثيلي والغنائي.
تراجع الطرب:
ومن الملاحظ، أن صباح في طريقها للبحث عن مخرج من حصار «شخصية الفتاة الطيبة أو الشقية» بدأت مع عام 1954 سلسلة من الأفلام التي تنحو بأدائها منحى دراميا حيث يتصدر التمثيل أولوياتها الفنية ليتراجع دور الطرب والغناء قليلا، كما يقول احمد عنتر مصطفي بمجلة الكويت ومن هذه الأفلام: «يا ظالمني/ ثورة المدينة/ صحيفة السوابق/ دموع في الليل/ نهاية حب/ توبة/ الرباط المقدس» إلى جانب أفلام أخرى مثل: «سلم ع الحبايب/ العتبة الخضرا/ جوز مراتي/ الحب كدة/ الرجل الثاني/ مجرم في أجازة ».
وقد عملت صباح مع كبار المخرجين أمثال: هنري بركات، أحمد بدرخان، حسين فوزي، حلمي رفلة، حلمي حليم، عزالدين ذوالفقار، محمود ذوالفقار، حسن الصيفي، حسن الإمام.. وغيرهم. وقد أبرز كل منهم جوانب ممميزة في أدائها التمثيلي: «محمود ذوالفقار الأيدي الناعمة» و«حسن الصيفي/ خطف مراتي» و«عزالدين ذوالفقار/ شارع الحب » و«حسن الإمام/ وكر الملذات، إغراء» وكلها أدوار تحسب لصباح.
وقد تألقت صباح في افلام المخرج حسن الامام «وكر الملذات» (1957)، «اغراء» (1957) كما اكدت على طاقتها التمثيلية مجددا امام عبدالحليم حافظ في فيلم «شارع الحب» لعز الدين ذو الفقار (1958) وفيه مزجت بين بنت الاكابر الحسناء، الذكية، العاشقة وبين الفتاة الناضجة التي يغير الحب كثيرا منها وتصبح اكثر احساسا بالمسؤولية.
السينما اللبنانية:
مع منتصف الستينيات عادت صباح إلى لبنان وشاركت في ضخ الدماء في شرايين السينما اللبنانية، فشاركت في أفلام خفيفة الظل مثل «حبيبة الكل/ المليونيرة/ الصبا والجمال/ أهلا بالحب وعقد اللولو» مع مخرجي لبنان: يوسف معلوف ومحمد سلمان وغيرهما.. وغنّت في هذه الأفلام باللهجة اللبنانية التي أخلصت لها، حيث تشكل أغانيها بهذه اللهجة أكثر من ثلثي أعمالها الفنية، وفي هذه الفترة قدمت للمسرح الغنائي 27 عملا مسرحيا، استلهمت فيها الفولكلور اللبناني، نذكر منها: «موسم العز، دواليب الهوا، فينيقيا، القلعة، شهر العسل.. وغيرها» ولم يُنسها استغراقها في الدبكة اللبنانية أن تغني لمصر، التي شهدت ميلادها الفني، أغنيتها المشجية (سلموا لى على مصر)
ختام سينمائي:
في الثمانينات قررت ان تعود للسينما المصرية لتختم مشوارها السينمائي في فيلم غنائي اخرجه احمد يحيى باسم «ليلة بكى فيها القمر» ويتناول معاناة مطربة على الصعيد العاطفي وهو عمل مقتبس من الفيلم الاميركي المعنون «مولد نجمة» لمخرجه جورج كيكور، ومن خلاله عرفت صباح كيف تنسحب من العمل السينمائي في الوقت المناسب فكان مسك الختام الذي انهت به أخر ظهور لها علي شاشة السينما
يشار الي ان صباح خلال رحلة حياتها الفنية الطويلة قدمت تجربة إنتاج سينمائي وحيدة هي  فيلم معبد الحب في عام 1961 . . كما تم تكريمها في مهرجان القاهرة السينمائي  دورة عام 2004


الاثنين، 24 نوفمبر 2014

بالمستندات.. نكشف تكاليف الرحلات واللجان في دورة "التقشف"

الناقد الكبير سمير فريد
الناقد الكبير سمير فريد

تحيقيق: مصطفى حمدى

شن الناقد الكبير سمير فريد، رئيس مهرجان القاهرة السينمائي، هجوما عنيفا علي كل من طالبوا بضرورة التحقيق في الاتهامات التي وجهها له محمد يوسف مدير عام المهرجان السابق.

وسبق وأن تقدم محمد يوسف في شهر يونيو الماضي باستقالته رسميا اعتراضا منه علي ما أسماه شبهة إهدار المال العام بعد عدم التزام رئيس المهرجان، بقرار مجلس الإدارة الذي أوصي بأن يقوم المدير العام ورئيس المهرجان وهالة قدري بتوقيع الشيكات البنكية، خلال التحضيرات الخاصة بالدورة السادسة والثلاثين.

تلك الاتهامات أعيد فتحها من جديد خلال انعقاد الدور التي انتهت الثلاثاء الماضي وتحديدا عقب الكوارث التنظيمية التي شهدها حفل الافتتاح، وخرج وقتها رئيس المهرجان ليصرح بأن وزير الثقافة صفع صحفيا علي وجهه عندما سأله عن حقيقة فتح تحقيق في هذا الأمر، إلا أن الوزير نفي واقعة “الصفع” في تصريحات صحفية أكد فيها أنه لا يوجد أحد فوق الحساب، وبغض النظر عن تهديدات رئيس القاهرة السينمائي للصحفيين خلال المؤتمر الذي عقده ضمن فعاليات المهرجان للرد علي تلك الانتقادات إلا أنه لم يرد من قريب أو بعيد علي أسباب استقالة يوسف والتي فندها في نص الاستقالة الموجهة لوزير الثقافة.

وقال الناقد سمير فريد، في تصريحات صحفية سابقة، إن ميزانية المهرجان بلغت 16 مليون جنيه ورفعنا شعار "التقشف"، وهو تصريح مثير للجدل خاصة وأن الرقم الذي ذكره يمثل أعلي ميزانية في تاريخ المهرجان، ومع ذلك لم ينجح في تحقيق ما هو أفضل من الدورات التي هاجمها في مقالاته سابقا بل إن إدارته فشلت في دعوة نجم عالمي يضفي بريقا علي المهرجان كما كان الحال في السابق.

هذا "التقشف" الذي تحدث عنه رئيس المهرجان لم ينعكس علي جميع القرارات التي أصدرها منذ توليه رئاسة القاهرة السينمائي، وربما أكثر تلك القرارات إثارة للجدل كان تشكيل وفد رسمي من إدارة المهرجان لحضور فعاليات مهرجان "كان" السينمائي الدولي وذلك لعقد عدة لقاءات مع صناع السينما واختيار مجموعة من الأفلام، وضم الوفد سبعة أسماء هم سمير فريد رئيس المهرجان ومحمد سمير المدير الفني وجوزيف فهيم مدير العلاقات الدولية وعصام زكريا رئيس لجنة اختيار الأفلام وأحمد مار مدير قسم كلاسيكيات الأفلام الطويلة وسعد هنداوي مدير قسم كلاسيكيات الأفلام القصيرة، وتم إصدار قرار منفصل برقم (65) لإضافة اسم سيد فؤاد مسئول برنامج "أفاق السينما العربية" الذي تقيمه نقابة السينمائيين علي هامش المهرجان، وذلك بالرغم من أن مهرجان "كان" ليس معنيا في الأساس بالسينما العربية ولا يضيف حضور سيد فؤاد لفعاليات "كان" شيئا لهذا البرنامج، بل وصرفت له الإدارة بدل سفر قدره 20 ألف جنيه وفقا لما نص عليه القرار.

وبناء علي ما سبق تحملت إدارة القاهرة السينمائي تكاليف سفر ستة أعضاء شاملة "الطيران والإقامة" أما رئيس المهرجان فقد دفعت جريدة "المصري اليوم" ثمن تذكرة الطيران الخاصة به "فقط"، بينما تم صرف بدلات متفاوتة لفريق الرحلة الذي كان يمكن اختصاره في فردين هما رئيس المهرجان ومديره فقط إذا كانت هناك نية صادقة للتقشف.

قرارات غريبة

المدهش أن سياسة "التقشف" التي اتبعتها إدارة المهرجان كشفت عن بند غريب في قرار السفر تمثل في المادة 6 من القرار والتي نصت علي صرف 5 آلاف يورو لرئيس المهرجان تحت حساب تكاليف الاشتراك في المهرجان وبطاقات الدخول والانتقالات الداخلية وغيرها من التكاليف – التي لم تحدد بدقة في المادة- ،وهذا بالرغم من أن الصحفيين المدعوين لأي مهرجان في العالم – وهو منهم- يحصلون علي "كارنيات" لدخول العروض ومشاهدتها دون دفع مليم واحد.

الغريب أن نفس البند تكرر أيضا في قرار سفر سمير فريد إلي مهرجان برلين السينمائي الدولي وبصحبته محمد سمير وجوزيف فهيم وتم صرف خمسة آلاف يورو أخري، وذلك طبعا بخلاف بدل السفر المخصص لرئيس المهرجان والذي بلغ 3 آلاف يورو في "كان" و2000 يورو في برلين.

ونشرت إدارة المهرجان في تلك الرحلة – علي سبيل التقشف- 3 إعلانات في مجلة فارايتي وهوليود ريبورتر وسكرين انترناشيونال للدعاية للمهرجان، والنتيجة من وراء هذا الوفد اقتصرت علي اختيار 5 أفلام فقط لتشارك في مهرجان القاهرة، كل هذا "التقشف" من أجل خمسة أفلام فقط.


لقد أعلن رئيس القاهرة السينمائي في مؤتمرة الصحفي أن الجريدة التي يعمل بها تحملت تكاليف سفره وهو كلام عار تماما من الصحة بناء علي المستندات التي حصلنا علي نسخة منها والتي كشفت عن أن الجريدة لم تتحمل سوي تذاكر طيران رئيس المهرجان فقط بينما الإقامة وبقية النفقات كانت علي حساب إدارة القاهرة السينمائي، إن حديث رئيس المهرجان عن "التقشف" يبدو كمحاولة لتزييف الحقائق فوزارة الثقافة لم تبخل علي المهرجان بشيء وخصصت له ميزانية هي الأضخم في التاريخ بعد أن ألغي رئيس المهرجان دورة عام 2013 بحجة إعادة هيكلة المهرجان والتحضير الجيد وبالتالي تم دمج ميزانيتي 2013 و2014 ولكن تلك الميزانية الضخمة لم تنفق علي استقدام ضيوف يضيئون المهرجان ولم تنفق علي الدعاية السياسية لمصر بل انفق جزء كبير منها في صورة أجور فعلي سبيل المثال اصدر رئيس المهرجان قرارا رقم (64) بشأن تعيين توفيق حاكم مندوبا للمهرجان في باريس مقابل 20 ألف جنيه رغم أن حاكم لم يعمل من قبل في أي مهرجان وليس خبيرا في هذا المجال بل هو صحفي متخصص في مجال السينما فقط .


خبراء من أجل "التقشف"
واستمرارا لسياسة التقشف أصدر رئيس المهرجان قرارا آخر –رقم 51- بتعيين الخبير الأمريكي جي ويسبرج مستشارا للمهرجان مقابل 50 ألف جنيه.

أما قرار تشكيل المركز الصحفي للمهرجان فقد حرص سمير فريد علي أن يمثل فيه أكبر عدد من الصحف المؤثرة أملا في بناء خط دفاع قوي عنه أمام أي نقد، وتنوعت الأدوار داخل المركز ما بين رئيس للمركز ومدير للصحافة العربية وآخر للصحافة المصرية ومدير للصحافة الأجنبية ومدير للراديو والتليفزيون ومدير للملف الصحفي – منصب غير مفهوم- وأمين للمركز، وذلك مقابل أجور ربما هي الأعلى في تاريخ المهرجان حيث تراوحت مابين 20 ألفا و10 آلاف جنيه، إضافة إلي تخصيص مكافأة قدرها 10 آلاف جنيه لكل عضو بلجنة المشاهدة وعددهم 12، كما تم تعيين رئيس لتحرير كتالوج المهرجان مقابل 20 ألف جنيه.. 

فعلا تقشف

ليس هذا فقط بل إن كشوف مرتبات بقية العاملين بالمهرجان شهدت مبالغات لا تتفق علي الإطلاق مع ظروف الدولة الاقتصادية ولا سياسة التقشف التي تحدث عنها سمير فريد، كما أن اللجان المختلفة للمهرجان شهدت شبهة مجاملات بتشغيل زوجات بعض المسئولين والنقاد والمخرجين.


كل هذه الأرقام بخلاف ما أنفق خلال انعقاد المهرجان ويخرج علينا رئيسه ليصف الدورة بالمتقشفة، ويكيل اتهاماته لكل من طالب وزارة الثقافة بمساءلة إدارة القاهرة السينمائي عما أنفقته وفي ماذا؟ نحن لسنا جهة تحقيق أو اتهام ولا نسعى للتشكيك في الذمم المالية لأحد، ولكن ما سبق مجرد رد بالمستندات والوثائق ليعرف القارئ والرأي العام حقيقة "سياسة التقشف" التي ترددها إدارة مهرجان القاهرة السينمائي طوال الأيام الماضية .