السبت، 8 يونيو 2013

إغتيال اشرف البيومي!!


بقلم/ هشام لاشين
عاش اشرف البيومي غريبا ومات غريبا.. مات في المغرب البلد الثاني الذي إرتبط به عاطفيا وفنيا أثناء وجوده هناك لحضور فعاليات مهرجان مارتيل الدولي للسينما المغربية والإيبيرو أمريكية الـ 13وذلك إثر أزمة قلبية مفاجئة..أما المفاجأة الأكبر فهو وجود مشكلة واجهت نقل جثمانه للقاهرة لأسباب تبدو مادية رغم أن زوجة الراحل مغربية لكن يبدو أنهما إنفصلا قبل شهور ليموت أشرف وحيدا قبل أن يقوم الزملاء من مصر بحل هذه المشكلة الغريبة والتي تكشف بدورها عن مصير صحفي وناقد سينمائي بأحد الجرائد الحزبية المصرية وهي جريدة الأحرار التي لم يحصل صحفيوها علي رواتبهم منذ أكثر من عامين ولازالت الدولة ومجلس النقابة يتلكون في صرف بدل إعانة بطالة لهؤلاء الصفوة المهانين في مجتمع ردئ يدعي أنه قام بثورة للعيش والعدالة الإجتماعية فإذا به يكرس الظلم ويطحن عظام ماتبقي من الطبقة المتوسطة في هذا البلد.. هكذا مات أشرف دون أن يمتلك مليما واحدا في الغربة ليجمع له زملاءه لدفن جثته في بلده الذي لفظه كما لفظ كثيرون مثله رغم دماثته وإجتهاده لأخر نفس

كان أشرف البيومي محبا للحياة وللسينما التي عشقها بصورة جنونية.. كان مثل معظمنا يجد في هذا العالم السحري فرصة للتحليق بعيدا عن واقع مرير.. وكان هذا الصندوق هو وسيلة الترحال نحو عوالم مختلفة.. حيث تختلف الثقافات وتتنوع المعلومات وتنجلي الأسرار حول شعوب وأزمنة وطغاة وأخيار.. وكان أشرف يحيا كواحد من أهل هذا العالم.. يطير ويحلق ويكتب ويشتبك.. يحب ويكره.. ولكنه عاش مثل فنانيين ومثقفين كثيرين شاعرا بالغربة وربما لهذا السبب لم يقسم له إنجاب طفل يمكن أن يحمل إسمه ليربطه أكثر بالعالم وبالأرض التي ظلمته كما ظلمت أخرين..إن الفضيحة الحقيقية في وفاة البيومي لهذا البلد الذي هو مصر أننا شعب يستمرأ القتل ويستحل الطغيان.. شعب لايعرف الرحمة ويأخذ من الدين قشوره لكنه في قرارة ذاته لايعرف اي شيئ عن الدين أو الله.. كان سيدنا عمر يخشي أن يسأل عن بغلة تتعثر في الطريق.. ونحن نواجه حكاما لم ينفذوا حتي الأن الحد الأدني للأجر الإنساني ليموت أشرف وأخرين كل يوم دون أن يجدوا ثمن أمتار من القماش تواري الجسد الفاني.. مثلما نواجه نقابة صفوة لايعرف نقيبها وأعضاء مجلس إدارتها معني الرحمة أو العدالة مابين صحف العالم الأول وصحف البطة السوداء.. فقد لعبت المصادفة المقززة دورا قبل وفاة البيومي بساعات حين جلس النقيب واضعا قدم فوق قدم بينما يملي شروطا علي صحفي الجرائد المتوقفة عن الصدور بأن عليهم كتابة إقرار بأنهم لم ولن يعملوا في أي مكان أحر لكي يصرفوا بدل بطالة قدره 500 جنيه لاتكفي العيش الحاف.. وكان أشرف واحدا من محرري هذه الصحف.. ولم يقدر له حتي فرصة كتابة هذا الإقرار الذي طلبه السيد ضياء رشوان ليوفر للنقابة وللمجلس الأعلي لصحافة أولاد البطة البيضاء ثمن الخبز الحاف..ألم اقل لكم أننا شعبا يعشق الطغيان ولايعرف الرحمة؟!!لقد قتل اشرف البيومي بأيدي الفقر والمعاناة ولم يمت بمجرد ازمة قلبية.. مات بسبب أزمة الأخلاق وإنشغال حكامنا وصفوة مثقفينا بالتمكين تارة والبحث عن دور وجاه ونفوذ تارة أخري.. الجميع حكومة ومعارضة مشتركون في جرائم إغتيال البيومي وأخرين بفعل الطمع والأنانية والشعارات الإستهلاكية الداعرة عن الحق والعدل والبسطاء.. ولأن دولة الظلم ساعة ودولة الحق حتي قيام الساعة فلانتوقع أن يستمر هذا الحال كثيرا.. ولن تهدأ روح أشرف والملايين مثله إلا حين يستقر العدل في هذا البلد المنكوب بشعبه وحكامه..... جمعاءءءءء!!