الأربعاء، 20 يناير 2010

هشام لاشين يكتب عن أسخف فيلم في تاريخ السينما(كلمني شكرا)


  عندما يجتمع السخف والملل والفكر السطحي والمراهقة الدرامية في المعالجة والكلاشيهات التي عفا عليها الزمن فتأكد أنك أمام مسلسل متواضع قال عليه صناعه أنه فيلم سينمائي حمل عنوان (كلمني شكراً).. وهو نفس عنوان الرسالة المملة التي يمكن أن تصلك علي جهاز الموبايل الخاص بك أحياناً فتضطر للرد عليها بمكالمة أو لاتكترث بالمرة .. وهو مافعله الجمهور حين إنصرف قبل نصف الفيلم ! يحاول خالد يوسف بأسلوب ميلودرامي منفر ومتكرر مخلوط بنكات لفظية تستخدم الطريقة (اللمباوية) الشهيرة لمحمد سعد -والتي إستخدمها بطل الفيلم عمرو عبد الجليل طول الوقت- أن يزايد للمرة المليون علي عالم العشوائيات في مصر .. وأن يقدم سلسلة توابل حارة من المواقف لعالم لايراه المخرج الناصري إلا من منظور بشع في حارة مصرية تجتمع فيها كل الموبقات من سفاح ودعارة ونصب وإحتيال وقرصنة وجبن وبلطجة.. أنه عالم الحارة التي لايراها إلا مخرجنا الذي يكسب من جيوب الغلابة التي يبيعهم أفلامه بينما يسبهم في كل لحظة داخل هذه الأعمال مستخفاً بتسامحهم وبساطتهم بينما يصعد أمام الميكروفانات ليزعم أنه المدافع عنهم والمتحدث الرسمي لأحلامهم في ظل فراغ سياسي ودرامي مطقع..و(كلمني شكراً )فيلم سقيم يجمع مجموعة من الإسكتشات التي رأيناها في تاريخ السينما المصرية دون رابط واضح..فالسيناريو الذي كتبه (سيد فؤاد) يعاني من حالة إنفصام واضحة وترهل غير مسبوق وملل جعل جمهور العرض الخاص ينصرف قبل نصف الفيلم..ليس هناك منطق مقنع للأحداث والمواقف التي يقع فيها البطل الرئيسي للفيلم مع خليط من أولاد الشوارع علي مومسات علي قليل من المزايدات على قرصنة القنوات الفضائية واستخدام شبكة الإنترنت في عمليات النصب وغيرها..ومفيش مانع من الإشارة لشبكة دعارة دولية في الخارج.. ومزج ذلك بمواقف متناقضة للمخرج نفسه في أعمال سابقة حيث نراه هنا يبرر للأمن موقفه من تجاوز الشعب بل المدهش أن خالد يوسف الذي تعودنا منه السخرية من تصوير أفلام تسيء لسمعة مصر يقدم داخل فيلمه وصلة كاملة ينتقد فيها تقديم برامج وأفلام ممولة خارجياً بهدف هذه الإساءة حيث يلوح للقنوات الفضائية العربية التي تقوم بذلك بل ويقدمهم للمحاكمة من الشرطة المصرية داخل الفيلم.. وبنظرة بسيطة علي أحداث العمل سوف نكتشف أن المعارض خالد يوسف يدافع عن كل مواقف الحكومة وتصريحاتها داخل الفيلم فهو ضد إنفراد الفضائيات بإذاعة مباريات كرة القدم من وجهة نظر حكومية وليس شعبية وهو ضد قناة الجزيرة التي تشتم مصر وهو مع الأمن الذي له الحق في مواجهة تجاوزات سكان العشوائيات الفقراء..وهو طبعا مع رجال الأعمال الذين ينتجون له أفلامه في مواجهة المطحونين .. بل أنه يوجه تحية لكامل أبو علي منتج أفلامه علي لسان بطله في أخر الفيلم علي طريقة السبكية في بعض أفلامهم.. بإختصار نحن إزاء فيلم ينتصر لكل القيم الذي نبذها مخرجنا في معظم أفلامه السابقة أو حاول علي الأقل أن يظهر أنه كان صاحب هذه القيم.. وهو أمر في رأيي تبرره تركيبة المخرج نفسه ومحاولته الرقص علي الحبال في معظم أفلامه السابقة التي يبدو من ظاهرها الثوري أنها تقف مع البسطاء في خندق واحد بينما هي تروج للوقوف ضدهم والنظر إليهم نظرة فوقية غريبة..بل أن سكان العشوائيات التي يقدمهم لنا حضرة المخرج يظهرون وكأنهم حيوانات فقط تتصرف وفق غرائز محضة وهو سلوك غير مبرر دراميا وإنما يعكس وجهة نظر واضحة من المخرج تجاههم..وفي تصوري أن خطورة أفلام خالد يوسف الحقيقية أنها تضع عناوين وكلاشيهات ضخمة وثورية لأفكار هزلية مسفة لاتهدف إلا لبث التسطيح والغرائزية المحضة وهدم أي قيمة أخلاقية فكيف نصدق بعد ذلك موقف المخرج من حكاية سمعة مصر التي صادفت هوي لديه في هذا الفيلم مثلا وهو الذي ظل يحاربها لسنوات؟ بل المدهش أن نفس هذا الفيلم وبهذا المفهوم هو مسيئ بالفعل لسمعة مصر بتقديم أهلها وسكانها البسطاء علي هذا النحو المخزي!! أنه تناقض أخر لايجد تفسيراَ لشخصية خالد يوسف الذي نضحت علي عمل يؤدي كل أبطاله فيه دورهم بفجاجة غير مسبوقة ووفق إسكتشات سخيفة مخلوطة بقبح الألفاظ والمكان والفكر..والملل حتي الثمالة !!