الأربعاء، 29 ديسمبر 2010

أمل الجمل تكتب عن الفيلم الإيراني( يرجي عدم الإزعاج)


• «يُرجى عدم الإزعاج» للمخرج الإيراني محسن عبدالوهاب والحاصل على الجائزة الفضية في مهرجان دمشق السينمائي الدولي الثامن عشر كان واحداً من أهم أفلام مسابقته الرسمية للأفلام الطويلة. لا يمكن وصفه بالعمل العظيم أو الكبير، لأنه شريط سينمائي سهل ويسير، من دون أية تعقيدات أو حوارات فلسفية، ومع ذلك لا يخلو من عمق المشاعر وجمال الرؤية. يُمكن وصفه بالسهل الممتنع. تتحرك فيه الكاميرا المحمولة بسلاسة وخفة لتبث فينا توتراً يغلف الشخصيات والأحداث. يستمد الفيلم قوته وخصوصيته من بساطة المعالجة السينمائية وطبيعتها، من قدرة مخرجه على تقديم حكايات شبه عادية نعايشها يومياً بأسلوب سرد سينمائي مغاير مشدود الإيقاع، مستعيناً بالخط الكوميدي وخفة الظل والسخرية المتكئة على المفارقات، معتمداً على الحوار بدرجة كبيرة من دون إغفال أهمية الصورة.
حوار الفيلم تلقائي رشيق يكشف خلفيات سلوك أبطاله ومنبع بعض مشاكل المجتمع الإيراني التي يمكن تعميمها على كثير من المجتمعات لما فيها من صبغة إنسانية. هو من دون شك فيلم يحمل رسالة إنسانية وأبعاداً درامية، ويبحث في جماليات لا تعتمد على الإبهار.
ينتقل السرد السينمائي من حكاية إلى أخرى عبر الصدفة التي تجمع الشخصيات في أماكن واحدة. يحكي في شكل أساسي ثلاث قصص عن خمس شخصيات رئيسة تتخللها حكايات فرعية وشخصيات أخرى ثانوية. يتناول مواضيع شتى، للمرأة حظ وافر منها، إذ يطرح قضية ضرب الزوجات وانتهاك حقوقهن حتى في الأوساط الثقافية، وإشكالية ارتباط النساء المتقدمات في السن بشباب أصغر منهن، فيثير تساؤلاً استنكارياً عن علاقة الحب بالسن؟ يطرق مشكلة ترك الأبناء لذويهم العجائز واختفاء أواصر المودة والرحمة، ومن ثم حالة الرعب والخوف الشديد عند كبار السن جراء عزلتهم. لا يغفل العمل مشكلة البطالة التي أصبح يُعاني منها كُثر من مختلف الأعمار. يُحذر هامساً بأسلوب كوميدي من مخاطرها وما يُمكن أن ينجم عنها من تدمير للأسر وللروابط الإنسانية.
على رغم عنوانه الذي يُحيل إلى تلك الجملة المدونة على لافتة تُعلق على أبواب الغرف في الفنادق «يُرجى عدم الإزعاج»، فإن لا علاقة للفيلم بالفنادق من قريب أو بعيد. إنه يحكي عن المشاكل التي تزعجنا وتزعج الآخرين. من خلف باب موصد في وجوهنا نسترق السمع إلى الحكاية الأولى. يأتينا صوت عراك وبكاء. ما أن يُفتح الباب حتى تتدفق التفاصيل بسيولة وخفة ظل. مذيع تلفزيوني شهير، لبرنامج «توك شو» قائم على المسابقات، يقوم بضرب زوجته الشابة لأنها تُصر على أن يصطحبها إلى حفل زفاف صديقتها الحميمة. يسمح لها بالحضور من دونه شريطة ألاَّ تُلتقط لها صور بصحبة الرجال. تخرج الزوجة غاضبة باكية. يطاردها الزوج محذراً إياها بأنها ستدمر زواجهما الذي لم يمر عليه ستة أشهر. أمام عناد الزوجة يتحول التهديد إلى رجاء وتوسل بألاَّ تذهب إلى بيت والديها حتى لا تُفسد صورته أمامهما. يحاول الزوج تقديم التبريرات لفعلته المشينة، مؤكداً أنه ليس استثناء بين الرجال، فمنذ العصر الحجري تُضرب المرأة، حتى في القرن العشرين كان الرجل لا يزال يضرب المرأة، حتى وسط المثقفين لا يخلو من مثل تلك التصرفات. مع ذلك ينتهي إلى الإقرار بأنه في حاجة إلى إصلاح ثقافي. تُصر الزوجة على تسجيل محضر ضده في مركز الشرطة. يحاول منعها من دون جدوى. أمام قسم الشرطة يُؤكد له العسكري أن هذا المكان يزوره المشاهير من الفنانين ولاعبي كرة القدم، ثم ينصحه بشراء الهدايا لزوجته، لكنها حتى بعد شراء فستان سهرة لها تُصرّ على الذهاب إلى النائب العام مشددة على أهمية ما تفعله لأنها تقوم بإصلاحه ثقافياً.
طوال الحكاية الأولى يكشف السيناريو، عبر تفاصيل دقيقة سريعة، عن مشاكل أخرى مزعجة منها الضريبة الفادحة للشهرة، حيث تُنتهك الخصوصية ويفقد أصحابها حريتهم الشخصية. يكشف أيضاً تفاهة برامج «التوك شو» وسطحيتها وقيامها بدور خطير في تسطيح الناس. ينزع الغلالة عن رغبة الزوج الشرهة في تكوين ثروة وشراء منزل وفيلا وتحقيق رخاء مادي، فذلك أهم من مصاحبة رفيقته، في حين ترغب الزوجة في علاقة إنسانية قائمة على الود والحب والتواصل حتى في ظل ظروف مادية معقولة. تطلب منه أن يعود إلى عمله كصحافي، أن يعود للتعبير عن رأيه ومشاعره إزاء ما يحدث في مجتمعه، فقد كان يلعب دوراً اجتماعياً لكنه تحول الآن إلى ببغاء.

حنين البحريني.. وشجن جديد







بقلم/هشام لاشين
 
جاء عرض الفيلم البحريني بدورة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الاخير ليكشف عن جرأة واضحة في معالجة قضية حساسة تمس كل بيت بحريني لاسيما في الأعوام الأخيرة وهي قضية العرقيات وتحديدا قطبي الأمة من السنة والشيعة والخلاف المصطنع بينهما .. الفيلم هو بالطبع (حنين) للمخرج البحريني الشاب حسين الحليبي وهو ثاني تجربة روائية له بعد فيلم (4 بنات) ، وهومن تمثيل، مريم زيمان، وهيفاء حسين، وعلي الغرير، والمطرب خالد فؤاد، وياسر القرمزي، ومجموعة من الفنانين.

وقد عرض الفيلم مسبوقا بضجة نقدية صاحبت عرضه في مهرجان الخليج الماضي بالإضافة للعرض المحلي بصالات البحرين نفسها .. فقد أثني معظم من كتبوا عن الفيلم علي جرأته  في التطرق لقضية الطائفية وتداعياتها في البحرين، وهي جرأة غير معهودة في السينما العربية، إلا أنهم في المقابل عبروا عن استيائهم الشديد من الفيلم ليس لمستواه الفني وحسب، لكن لما قدمه من نقل غير دقيق للمشهد البحريني الشيعي – السني ولما تسبب فيه من تشويه لواقع الشعب البحريني وتاريخه الحديث.. هكذا بدت الصورة قبل العرض في القاهرة.. والفيلم يحكي عن  "عائلتين أحدهما سنية والأخرى شيعية تجتمعا في بيت واحد ، بسبب  زواج  الأب والأم  بعد  ترملهما، وتجري القصة وسط سلسلة أحداث عاشتها البحرين في الفترة من1982 حتى 2000.والعلاقة التي تربط أبناء كل منهما بعضهما ببعض.

وفي الندوة التي أعقبت عرض الفيلم وكان لي شرف إدارتها.. قمت بالإشادة بالمشهد السينمائي في البحرين ليس باعتباره فقط رائدا في منطقة الخليج ولكن لوجود أسماء حريصة علي النهوض بصناعة السينما هناك مثل بسام الذوادي وحسن حداد وغيرهما  .. واعتبرت الفيلم جريئا بالفعل وشاعريا أيضا رغم بعض الهنات وعدم تماسك السيناريو الذي كتبه خالد الرويعي .. أما المخرج والذي حضر الندوة أيضا فقد علق علي وجود "صورة جمال عبد الناصر وبأنها  مازالت موجودة في كل بيت في البحرين لأنها ترمز للوحدة العربية، ولا يستطيع أحد أن ينكر دور عبد الناصر في المجتمع العربي والمنطقة ككل ..وقال أن هناك مشكلة صناعة سينما في الخليج فلا يوجد هناك أي دعم من الحكومات  لكي تخرج الأفلام بالشكل اللائق إلا في ظروف نادرة مثلما حدث في الفيلم الإماراتي "أهل الحي". مشيرا إلي أنه من الصعب أن نجد إنتاج خليجي خاص وذلك بسبب ضعف التوزيع سواء في دور العرض الخليجية أو حتى في الخارج نظرا لإقبال الجمهور الخليجي علي الأفلام الأجنبية  فالأفلام الخليجية وأيضا الأفلام المصرية لم تعد تجد نفس الاهتمام الذي يعتقده الناس كما كان في الماضي ـ علي حد تعبير المخرج ـ، وعن الطريقة المباشرة التي عرض بها المخرج قضية الفيلم قال أنه حاول تقديم فيلم يفهمه جميع أفراد الجمهور العادي لأنه يحاول حاليا  بناء قاعدة جماهيرية للفيلم البحريني لدي الجمهور العربي لذا فمن الصعب وضع الأشياء في صور رمزية قد لا يفهمها الكثيرون .
أما عن سبب ظهور بعض المشاهد الخاصة بمصر وحبه لها قال ":أنا وجميع البحرينيين وخصوصا جيل الشباب يكنون حبا  عميقا لمصر بسبب وجود العديد من المدرسين المصريين هناك ".. ونحن بدورنا نؤكد علي هذا الحب المتبادل بين الشعب المصري والبحرين.. وهو الحب الذي دعمه بالنسبة لي الفترة التي قضيتها بهذا البلد الودود والذي يحمل شجنا وحنينا خاصا جدا لكاتب هذه السطور.



الثلاثاء، 28 ديسمبر 2010

أحمد عاطف في لجنة تحكيم الفيلم المغربي بطنجة



اعلنت الدورة الثانية عشرة للمهرجان الوطني للفيلم المغربي والتي ستقام في الفترة ما بين 21 و 29 يناير 2011 بمدينة طنجة عن اسماء لجنتي تحكيم مسابقتي هذة الدورة حيث يتراس لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الطويلة أحمد غزالي رئيس الهيئة العليا للاتصال البصري السمعي بالمغرب و تضم في عضويتها كلا من ماري بيير ماسيا (منتجة فرنسية) ومديرة صندوق سند لمهرجان أبو ظبي ، ودونيس أوديل (منتجة بريطانية) ، وديما الجندي منتجة ومخرجة لبنانية ، وباربيل موش منتجة ألمانية ، وماما كايتا مخرج غيني والمختار آيت عمر ناقد سينمائي مغربي.

أما لجنة تحكيم مسابقة الأفلام القصيرة التي سيرأسها المخرج المغربي محمد مفتكر ، فتتكون من الممثلة المغربية فاطمة خير والصحفية اللبنانية هدى إبراهيم والمخرج والناقد السينمائي المصري أحمد عاطف والناقد السينمائي المغربي محمد بلفقيه.

وقررت ادارة المهرجان برئاسة الناقد نور الدين صايل مدير المركز السينمائي المغربي إضافة يوم واحد في عمر المهرجان أي تسعة أيام بدل ثمانية، من أجل الاستجابة للعدد المتزايد من الأفلام المشاركة.وتضم لائحة الأفلام الطويلة المشاركة، المنتجة خلال السنة الجارية، سبعة عشر فيلما هي فيلم “الجامع” لداوود ولاد السيد، و”العربي بنمبارك” لإدريس المريني، و”مجيد” لنسيم العباسي، و”المرأة بين الأمس واليوم” لسعد الشرايبي، و”الخطاف” لسعيد الناصيري، و”سوينغم” لعبد الله فركوس، و”الوتر الخامس” لسلمى بركاش، و”ذاكرة من طين” لعبد المجيد رشيش، و”مغيس” لجمال بلمجدوب، و”سراب” لطلال السلهامي، و”واك واك ألحب” لمحمد مرنيش، و”ليلى” لمريم بكير، و”فيلم” لمحمد أشاور، و”القدس باب المغاربة” لعبد الله مصباحي، و”الأستاذة” لمصطفى خياط، والفيلم الوثائقي “أجزاء” لحكيم بلعباس، و”قطعة مختارة” لعبد الحي لعراقي.
وتجاوز عدد الأفلام القصيرة المشاركة في المهرجان 80 فيلما قصيرا ولم يتم بعد تحديد قائمة الأفلام المشاركة في هذة المسابقة
-------------------------------------------
الصورة للمخرج المصري احمد عاطف

الخميس، 9 ديسمبر 2010

الشوق يحصد الهرم الذهبي للقاهرة السينمائي





تمكنت السينما المصرية من اقتناص خمسة من أهم جوائز الدورة الرابعة والثلاثين لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، هى: أفضل فيلم روائي طويل، وأفضل فيلم عربي وأفضل ممثل وأفضل ممثلة بالإضافة لجائزة ملتقى القاهرة السينمائي الأول.

خرجت السينما المصرية بنصيب الأسد من جوائز الدورة الـ34 للمهرجان، التي كانت بشهادة الجميع، واحدة من أفضل دروات المهرجان، وأكثرها ثراء بأفلامه ونجومه وضيوفه وتنظيمه، وكانت الجوائز من نصيب كل من:

فاز فيلم "الشوق" بجائزة "الهرم الذهبي" أفضل فيلم روائي طويل بالمسابقة الرسمية، وقدم الجائزة الفنان العالمي عمر الشريف، رئيس شرف المهرجان، وصعد فريق عمل فيلم بالكامل على المسرح لتسلم الجائزة، التي أهداها المخرج خالد الحجر لروح المخرج العالمي يوسف شاهين، ولمهندس ديكور الفيلم الذي توفي أثناء التصوير حامد حمدان.

كما حصل فيلم "ميكروفون" للمخرج أحمد عبد الله، على جائزة أفضل فيلم عربي 100 ألف جنيه، وتقسم بين منتج العمل والخرج، لحداثة الطرح وتصديه لعدد من القضايا العامة والمؤثرة، ، وتسلم الجائزة أحمد عبد الله وخالد أبو النجا، المتشاركان في إنتاج الفيلم، ووجها الشكر لكل من عمل بالفيلم، وللفرق الموسيقية التي شاركت به، ولكل الإسكندرية.

كما فازت المخرجة المصرية الشابة أيتن أمين بجائزة ملتقى القاهرة السينمائي الأول، عن فيلمها "69 ميدان المساحة"، إنتاج إيهاب أيوب.

أما جوائز التمثيل، فكانت جائزة أفضل ممثل من نصيب الفنان عمرو واكد، عن دوره في الفيلم الإيطالي "الأب والغريب"، مناصفة مع الفنان الإيطالي الذي شاركه بطولة الفيلم إليساندرو جاسمان.

وفازت الفنانة سوسن بدر بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم "الشوق" للمخرج خالد الحجر، الذي مثل مصر في مسابقة الأفلام الرسمية.

وجاءت باقي جوائز المهرجان كالتالي:


* جوائز المسابقة الدولية:

-جائزة لجنة التحكيم الخاصة "الهرم الفضي"، للفيلم الأيرلندي "كأنني لم أكن"، وسلمها الفنان عزت أبو عوف لمخرج الفيلم.

عمرو واكد يتسلم جائزة أفضل ممثل
- جائزة خاصة للممثلة الفرنسية إيزابيل هوبرت، تسلمها مخرج فيلم "كوباكابانا" مارك فيتوس. - جائزة أفضل مخرج: للمخرج البلغاري سفيتوسلاف أو فتشاروف عن فيلمه "التعليق الصوتي".
- جائزة أفضل سيناريو "سعد الدين وهبة": كانت من نصيب الفيلم الإيطالي "الأب والغريب".
- جائزة أفضل عمل أول للمخرج "نجيب محفوظ": للمخرج البولندي أندرية كوتكوسكي، مخرج فيلم "ولد من البحر".
- جائزة أفضل إبداع فني "يوسف شاهين" للموسيقى للفيلم الفلبيني "أمير" موسيقى أوركسترا الفلبين الهارموني.

* جوائز مسابقة الأفلام العربية:

قدمها المنتج محمد العدل رئيس لجنة تحكيم الجائزة، والفنان فتحي عبد الوهاب عضو اللجنة، الذي تولي قراءة الترجمة للإنجليزية، وأوصت لجنة التحكيم بإجماع الأصوات بأمرين، أولا: التأكيد على استمرار المسابقة ودعم السينما العربية، وثانيا: توسيع قاعدة الجوائز الممنوحة لتشمل كل أفرع العمل حتى لو لم تكن جوائز مادية.

ثم أعلن العدل وعبد الوهاب عن فوز الفيلم المغربي "الجامع" للمخرج داود أولاد السيد بشهادة تقدير من "مسابقة الأفلام العربية".

كما منحت لجنة التحكيم شهادة تقدير للفنانة التونسية الناشئة هند الفاهم، عن دورها في فيلم "آخر ديسمبر"، وتميزها في أول ظهور سينمائي لها.

وذهبت جائزة "أفضل سيناريو" وقيمتها 100 ألف جنيه، مناصفة بين فيلمين، الأول: الفيلم العراقي "ابن بابل" تأليف وإخراج محمد الدراجي، ويمنح الجائزة لحساسية موضوعه.
والثاني: الفيلم اللبناني "رصاصة طائشة" تأليف جورج هاشم، وحصل على الجائزة لقوة الحبكة الدرامية وصياغته الدقيقة وصدق المعالجة.

* جوائز أفلام الديجيتال:

حصل الفيلم البلغاري "تعليق صوتي"، الذي استطاع عرض تأثير نظام ديكتاتوري على اشخاص عاديين، وتسلمها مخرجه ستيو فلاف أو فشاروف، على جائزة لجنة تحكيم النقاد الدولية.

وحصل الفيلم الهولندي "جوي" على الجائزة الذهبية لأفلام الديجيتال 10 آلاف دولار.

الأربعاء، 8 ديسمبر 2010

هشام لاشين يكتب عن الفيلم التركي (كوزموس) )cosmos






في إطار إحتفاء مهرجان القاهرة السينمائي بالسينما التركية بتقديمه أضواء علي السينما التركية الجديدة وعرضه مجموعة من هذه الافلام يأتي فيلم (كوزموس) كتحفة غير مسبوقة ليكشف أن السينما التركية قادمة بقوة بعد أن غزا الأتراك عالم الدراما التلفزيونية.. وتعني كلمة (كوزموس) باللغة الإغريقية (المجرة) التي تحوي جميع الكواكب.. فهي بمثابة (درب التبانة) التي تدور في فلكها باقي الكواكب والمجرات الإخري.. أنها تقريبا نفس صفات بطل هذا الفيلم .. فكل الشخصيات والإحداث تدور في فلك (بتال) أو كوزموس هذا الشخص الغريب الساحر والغامض معا والذي يشبه أبطال الاساطير .. أنه مثل نبي أو مسيح تنبثق المعجزات من بين يديه.

حين يدخل إلي الكادر مندفعا مع الإستهلال نلمح رجلا نحيلا يجري وسط الثلوج والجبال المحاطة بالاشجار الشاهقة الجرداء وكأنه يهرب من مطاردة أو قدر غامض يدفع به نحو المجهول.. نحن الأن علي أعتاب مدينة أسرة تبدو وكأنها خارج الزمن .. يسقط علي الارض وسط الثلوج والصقيع يكاد يفتت ضلوعه.. حين يقترب من الإنهيار يخلع حذاءه ليخرج منه بعض النقود ويلتفت ليدسها بين الصخور منتبها إلي صوت صراخ متتالي .. نكتشف أن مصدر الصوت هو الفتاة( نبتون) فتاة ذات وجه ملائكي مدهش وأن كان يخفي قدرا من الغريزية.. صراخ الفتاة يختلط بصراخ كوزموس علي نحو بدائي يستمر بعد ذلك عند تكرر لقاءهما طول الفيلم دون حوار لنكتشف واحدا من مفاتيح هذا الفيلم فيما بعد حيث تمتزج الرموز لتنسج علاقة ما بين الحيوانات والبشر بل ولغة خاصة جمعت البشر في القرون الأولي قبل أن يعرفوا لغة الكلام..ونكتشف أن جثة أخيها الطفل تطوف فوق الماء ليقفز كوزموس ويحتضن الجثة ويرجها بعنف وسط صراخ متكرر لتدب الحياة في الطفل.. هنا تظهر أولي معجزات هذا الرجل.. حيث تكون هذه الحكاية وحدها كفيلة بالتمهيد لأعتبار أهل المدينة الغريبة لكوزموس كأنه صاحب كرامات يلجأون له في لحظات اليأس الشديد.. وهو مايتكرر بالفعل عبر حكاية غير تقليدية مع أخرين مثل زوجة الضابط المشلولة أو مع العجوز الذي يعاني من السعال الشديد.. ولكن كوزموس الذي يقترب أحيانا من شخصية روبن هود حين يسرق من المحلات الطعام ويذهب به للفقراء والمحتاجين ليس مجرد صاحب كرامات أو لص يحمل قيمة محددة بداخله.. كما أنه ليس مجرد فيلسوف يطرح حكمه حول الحياة والموت بأسلوب يقترب من الوجودية ذاتها.. إنه في هندامه وسلوكه أقرب للمشردين أو الصعاليك الذين يحملون الحكمة في حوارهم اليومي..لكن عالمه الخاص يتزامن مع بدر مكتمل وسحاب يتحرك وحيوانات ساكنة تحرك عيونها في ترقب وغموض.. علي الجانب الأخر يبدأ المخرج التركي (رها أردم ) وبإعتباره كاتب السيناريو أيضا في رسم عالم فيلمه الخاص بشخصياته وطقسه المكاني والزماني فنحن أمام بلدة يلفها الحزن والكأبة والشعور بالبرد والوحدة.. هناك حرب غامضة لم يفصح عنها الفيلم لتأكيد الشعور بالأزمة وإنتظار أمل في الغالب لايأتي ابدا..أننا أمام عوالم عبثية تشبه عوالم ألبير كامي.. وأحيانا نستشعر الفلسفة الوجودية بين ثنايا الحوار والحالات الإنسانية .. حوار الحياة والموت ومابعد الموت يتكرر بين ثنايا الفيلم وعلي لسان معظم الشخصيات.. أن المدرسة التي شارفت علي سن اليأس وإنتحرت في نهاية الفيلم بعد وقوعها في الخطيئة مع كوزموس تعاني من كابوس له علاقة باليأس من الحياة وعدم الرغبة في الخلود الذي يبدو لها مؤلما..ولذلك تقرر عدم إنتظار الموت..انها نفس المرأة التي شفاها كوزموس من صداع مزمن كان ينتابها ورغم ذلك فهي مثل معظم أبطال الفيلم تعاني الوحدة والترقب .. نفس الأمر عند معظم رواد المقهي و غالبيتهم (بالمناسبة) من العجائز.. أنهم يلتفون حول كوزموس بإعتباره أملا.. ولكن إلتفافهم هذا لايخلو من فتور وإحباط يسكن وجوههم بل وضلوعهم فهم مستكينون طول الوقت يحتسون الشاي في صمت وإكتئاب ..ومن خلال سرد بصري تشكيلي فريد للغاية ينسج المخرج لوحاته التي يختلط فيها التجريد بالواقعية والفلسفة بالحكمة والدين بالدجل والعبث اللانهائي.. فكوزموس صاحب المعجزات هو نفسه الذي يصلي في الجامع ويتحدث عن الحياة والموت بحكمة الصوفيين ثم أنه غير قادر علي حماية نفسه من المجهول ومن التشرد..وإذا كان يسرق النقود والطعام إلا أنه لايأكل سوي السكر فهو زاهد تماما في الطعام معظم الوقت.. وهو غير شهواني لكنه يسقط في الرغبة مع المدرسة في لحظة تواصل غير مرتبة.. وهو زاهد وعاشق لنبتون في نفس الوقت.. إنها نفس سمات التناقض داخل الفلسفة الوجودية وأن غلفها المخرج بالعظة والتصوف.. أننا أيضا أمام بلدة تعتبر نفسها ورغم كل الإحباط والشيخوخة بمثابة بوابة الله التي تملك الدين والحكمة وهي بدرجة من الطيبة بالفعل التي تجعل اللصوص يمتنعون رغم زمن الحرب..ورغم ذلك يقدم لنا المخرج حكاية هؤلاء الاشقاء الأربعة الذين يحملون تابوت ابيهم ويتنقلون به من مكان لأخر في محاولة لإثبات تهمة قتله علي رابعهم غير الشقيق لإعتقادهم أنه إستولي علي أرضهم بالحيلة والمكر.. ليتأكد رغم طيبة هؤلاء الناس أن الشرور قد بدأت تتسرب إليهم كما قال كوزموس..إنها خلطة غريبة ومعقدة تماما مثل إسلوب الفيلم الذي يبدو كالقصة القصيرة ذات الإسلوب والحالة المزاجية المكثفة رغم شدة تعقيدها.. بل هي لحظة سينمائية شديدة الروعة في تشكيلها وفي الطقس الإبداعي المغلف وأن إمتلأت بالرموز.. هناك حالة ميتافيزيقية .. حيوانات وطيور وعجائز.. إناس مستسلمون ومدينة إسطورية يلفها الحزن والفلسفة المغلفة بالإكتئاب.. لص لانعرف هل هو صاحب معجزات يتزامن مع ظهوره إشارات ضوئية تشبه الذبذبات القادمة من الفضاء مع التركيز علي عيون لحيوانات مثيرة.. أم أنه رجل مجنون أو ساحر لايملك من أمره شيئا لنفسه.. هناك حيوانات تذبح ودماء تسيل وصراخ يجمع كوزموس ونبتون وكأنه العشق البدائي المتوحش.. والحقيقة أن المخرج الحاصل علي درجة الماجستير من الجامعة بباريس في الفنون التشكيلية قد رصع فيلمه بالفعل بعشرات اللوحات مستخدما الإضاءة والديكور والثلج والبخار والمباني والمقهي والبيوت بصورة مدهشة ..ويعد مشهد طلاء الاظافر بين كوزموس ونبتون واحدا من أبدع المشاهد التي ظهرت في تاريخ السينما علي الإطلاق بكل معطياته الفنية ودلالته التشكيلية الموحية بالدم والجنس.معا.حتي ذلك التقطيع بين البطل والحيوانات والذي يشير له في حواره مع المدرسة حين يقول لها (أن الحيوانات لاتخيف البشر وأنما تخافهم.. وأنها مثلهم ولكن لايعيبها الغرور الموجود بالشر مع أنهم سينتهون للعدم جميعا) .. يكشف بدوره عن وجهة نظره في ذلك المزج بين الإثنين من خلال شخصية كوزموس الأكثر رقيا وسموا.. فهو يريد بذلك أن يقول أن الحيوان قد يكون في أحيان كثيرة أرقي من الإنسان بغروره وعنجهيته..هناك أيضا مشهد اسراب البط.. والابقار وهي تذهب للذبح في تقطيع متوالي مع إنكسار زجاج نافذة وسير زوجة ضابط الشرطة علي عكاز تستند عليه ربما بنفس إسلوب سير البط في تلك اللحظة.
بإختصار نحن إزاء فيلم عن حالة ولايمكن تلقيه إلا في هذا السياق.. حالة وجدانية فلسفية تشكيلية لابد وأن تسري في أنحاء المتلقي بصرف النظر عن صعوبتها وتعقيدها.. (كوزموس) فيلم عن الامل والحلم بالخلود.. وهو فيلم أيضا عن اليأس والبرودة في عالم موحش تحاصره الحروب والدمار من كل مكان.. أنه فيلم البحث عن المطلق واللانهائي عبر صيغة بصرية مدهشة وشريط صوت يسبح في الفضاء العريض مستلهما روح العمل الميتافيزيقي وأداء عالمي لممثلين عرفوا كيف يعبرون عن الحزن والضياع والتشتت والضبابية.. وكاتب سيناريو ومخرج قادر علي صنع إسلوب خاص به لايقل تفردا عن كبار أمثال ستانلي كوبريك وألان باركر وغيرهم.. فنحن بصدد تحفة سينمائية يمكنها الإنضمام بسهولة إلي كلاسيكيات الفن السابع دون تحفظ .


الجمعة، 3 ديسمبر 2010

الجدل حول التطبيع ينتقل من أبوظبي الى مهرجان القاهرة السينمائي


كتب: سلامة عبد الحميد


في ظل احتدام النقاش حول اتهام الدورة الأخيرة لمهرجان أبو ظبي السينمائي الدولي بالتطبيع فوجئ متابعو ندوة تراث السينما المصرية التي عقدت ظهر الخميس ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الـ34 بحضور بيتر سكارليت مدير مهرجان أبو ظبي.



وقال مصدر مسئول في مهرجان القاهرة لـ"مصراوي" إن سكارليت مدعوا لحضور المهرجان بشكل رسمي وأنه سيحضر اجتماع رؤساء المهرجانات العربية الذي يقام صباح السبت القادم على هامش مهرجان القاهرة السينمائي الدولي.



وأضاف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه أن المهرجان أن سكارليت موجود بصفته كمدير لمهرجان أبوظبي السينمائي وكأحد خبراء تنظيم المهرجانات في العالم نافيا أن يتم إثارة فكرة اتهام مهرجان أبوظبي بالتطبيع ضمن فعاليات مهرجان القاهرة "فليس المكان ولا الزمان مناسبين" على حد قوله.



وفي رد مقتضب على سؤال مباشر من "مصراوي" رفض سكارليت التعليق على اتهام المهرجان الذي يديره بالتطبيع قائلا إنه يحضر مهرجان القاهرة في مهمة سينمائية محددة وليس موجودا للدفاع عن المهرجان أو التحدث باسمه في هذا الشأن.



وقال سكارليت لمقربين منه في إدارة المهرجان حكوا لـ"مصراوي" على لسانه إن حديث المنتجة البريطانية ليسلي وودوين في أبو ظبي عن كونها اسرائيلية أمر لا يعنيه كمدير للمهرجان مشددا على أن المهرجان ليس مسئولا عما يقوله ضيوفه سواء على الملأ أو في أحاديث خاصة.



وظهر سكارليت في الندوة التي يديرها خالد عبد الجليل رئيس المركز المصري القومي للسينما كمتابع وجلس وسط الحضور دون أن يلتفت كثيرون لوجوده مما دعاه لطلب توجيه سؤال للمنصة مما أثار انتباه كل الحاضرين الذين تهامسوا حول سبب حضوره في ظل حالة الهجوم التي شنتها الصحافة المصرية على المهرجان الذي يديره عقب الحديث عن منحه جائزة الجمهور لمنتجة اسرائيلية في دورته الأخيرة.



واتهمت الصحافة المصرية في تقارير عدة نشرتها على مدار الشهر الماضي مهرجان أبو ظبي بالتطبيع بينما ألمح كثيرون إلى كون سكارليت نفسه يهوديا بينما التزم المهرجان الصمت حتى الأن.



وأصدر اتحاد النقابات الفنية المصري في وقت سابق بيانا يندد فيه باستمرار مهرجان أبوظبي السينمائي في مساعي التطبيع مشددا على ضرورة مقاطعة كل أعضاءه من الفنانين المصريين لكل فعاليات المهرجان طالما أنه لم ينف عن نفسه التهمة ولم يرد على كل التقارير التي نشرت في هذا الإطار.



وقال عزت أبو عوف رئيس مهرجان القاهرة السينمائي في المؤتمر الصحفي الرسمي للمهرجان إن فكرة التطبيع مع اسرائيل فنيا غير واردة تماما في المهرجان وأنه شخصيا يرفض وجود أفلام أو فنانين إسرائيليين على الإطلاق سواء كان رئيسا للمهرجان أو حتى بعد تركه لمنصبه.



عن موقع مصراوي نقلا

الثلاثاء، 30 نوفمبر 2010

هشام لاشين يكتب عن الفيلم العراقي المرشح للأوسكار (إبن بابل) son of babylon




يمكننا إعتبار هذا الفيلم هو الأكثر إحتفاءاَ في كل المهرجانات الدولية والعربية.. فهو حاصد الجوائز الكبري بلا منازع.. في بروكسل نال الجائزة الكبرى للدورة الحادية عشرة من مهرجان سينما المتوسط.. وفي الدورة السابعة لمهرجان "سيفيليا" الاسباني للسينما الاوروبية، أعلن المنظمون فوزه بالجائزة الكبرى للمهرجان، وهي جائزة "الجيرالدا الذهبية" وقالت اللجنة في بيان اعلان الجوائز، ان الفيلم هو "اول فيلم طويل مهم عن العراق" لانه "يحكي احدى التراجيديات الاكثر غموضا في عالم اليوم"، كما انه يظهر "بلغة سينمائية خلاقة صورة الكارثة التي حلت في العراق" وكان لافتا ان يحصل الفيلم على كبرى جوائز مهرجان مخصص في الاساس للسينما الاوروبية ..أما مهرجان برلين السينمائي فقد حصل فيه الفيلم على جائزتين لعام 2010، الجائزة الأولى هي جائزة افضل فيلم من منظمة العفو الدولية، وجائزة الابداع السينمائي. وقد خصص فريق انتاج الفيلم مبلغ الجائزتين وهو سبعة الاف ونصف يورو لدعم حملة التوعية للمقابر الجماعية في العراق.أما مهرجان أبوظبي السينمائي فقد أعلن عن اختيار المخرج العراقي محمد الدراجي من قبل مجلة "فارييتي" للفوز بجائزة "مخرج الشرق الأوسط" التي تقدمها المجلة في كل عام وقد وصفت مجلة "فارييتي" الدراجي بأنه "السينمائي الأكثر اجتهاداً في المنطقة" وأشادت بتصويره الآسر للحياة في عراق ما بعد صدام، الموضوع الذي تناوله في كلّ من أعماله الوثائقية والروائية. وقد تلقى فيلم "ابن بابل" منحة مهرجان أبوظبي السينمائي و تم ترشيحه إلى مسابقة جائزة الأوسكار للأفلام الأجنبية لعام 2011، وبهذا يدخل التاريخ كأول فيلم عراقي يترشح لهذه الجائزة العالمية.. وعلي الجانب الإخر فإن فيلم (إبن بابل) شارك في انتاجه عشرات الشركات الكبري في أمريكا وأوروبا والعالم العربي حيث يمثل "ابن بابل" تعاونًا عالميًا؛ اجتمع فيه عدد كبير من المنظمات ذات الثقل، وتشمل منظمات من المملكة المتحدة وفرنسا وهولندا والولايات المتحدة، مثل Sundance Institute (الولايات المتحدة)، والمجلس السينمائي بالمملكة المتحدة، و Screen Yorkshire (المملكة المتحدة)، و CNC (فرنسا)، وHivos، وDoen، وصندوقي نيدرلاند وروتردام للسينما (هولندا)، بينما تولى المبيعات العالمية Roissy Film فرنسا. ..كما شارك في إنتاجه صناع السينما مثل المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي والمخرج اليمني بدر بن حرسي والمؤلف الجزائري كاد عشوري والإعلامية المصرية نشوي الرويني .. وهو فيلم لايختلف علي روعته وشجنه وصدمته إثنان وإن كان التحفظ الوحيد هو عدم إدانته الواضحة للإحتلال الأمريكي للعراق.. علي العكس فهو يكاد يرحب به من وجهة نظر مشاركيين في إنتاجه وعلي رأسهم أمريكا وإنجلترا الضالعتان في إسقاط العراق.والفيلم يشارك أيضا في مسابقة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي للفيلم العربي

بناء الشخصيات:
---------------
تدور أحداث فيلم "ابن بابل" في شمال العراق، عام 2003، بعد مرور ثلاثة أسابيع على سقوط صدام حسين، حول أحمد الصبي الكردي الذي يبلغ من العمر 12 عام- ويعيش مع جدته، التي تسمع أن بعض أسرى الحرب وجدوا أحياء في الجنوب، فتقرر أن تعرف مصير ابنها المفقود (إبراهيم)، وهو نفسه والد أحمد، الذي لم يُعد إلى منزله منذ حرب الخليج عام 1991
وتمتد رحلة البحث التي تجمع الإثنان..الجدة والحفيد طوال أحداث الفيلم حيث تذهب إلي بغداد ثم إلي الناصرية وبابل وفي الطريق تمتد المشاهدات ويحدث التنوير لتكتشف أن الإبن في الغالب ضمن عشرات المشوهين والمدفونيين في مقابر جماعية تمتد بطول الرحلة .

يستهل الفيلم أحداثه متسللا بنعومة حيث تراقب الكاميرا الطفل أحمد يجري في صحراء العراق المترامية بإتجاه سيارة نصف نقل يقودها سائق أشعث ليستوقفه طالبا منه توصيله هو وجدته إلي بغداد بينما يخبره السائق أن الأمر يحتاج إلي 500 دينار ليفاجئ بثورة الطفل الذي يعتبره مستغلا.. لكن في المشهد التالي يكون الطفل وجدته في داخل السيارة لنري أحمد يعزف علي الناي الذي كان يمتلكه والده كما نفهم من الحوار الساخر حيث يطلب السائق من الطفل أن يعزف لمايكل جاكسون في إشارة إلي الثقافة التي باتت تسيطر فيما بعد الإحتلال .. ويبدأ السيناريو في الكشف التدريجي وبنفس البساطة والنعومة عن الشخصيات والمعلومات .. فالطفل يتحدث عن أبوه الشجاع الذي أنقذ أصدقائه كما روت له جدته.. وهو يحلم بزيارة حدائق بابل المعلقة التي وعدته بها الجدة أيضا.. وهو فخور بوالده الذي لم يراه منذ ولادته ويصر علي إرتداء جاكت الجندية الذي يمتلكه ابوه وسط توبيخ الجدة ..أما الجدة نفسها فهي محطمة لكن الأمل يحدوها أن تصل بالحفيد إلي ابوه الذي هو إبنها أيضا في سلام.. وأن تجده ولو في سجن (الناصرية) حيث تحتفظ بخطاب من أحد أصدقاء الإبن يبلغها أنه تم القبض عليه أثناء غزو الكويت بواسطة الامريكان وأنه موجود حاليا بهذا السجن..أما السائق فهو يثرثر طول الرحلة بسخرية من التاريخ ومن صدام حسين الذي يذهب لقضاء حاجته بإسم مكالمة تليفونية معه يلعنه خلالها.. كما يغني أغنيات كردية بصوت أجش يؤكد فيها حنينه وعشقه لهذا الوطن..والأهم أنه يقرر في أحد الدوريات التي تستوقف السيارة أن كلاب أمريكا أفضل منهم!! فهو لازال منبهرا وسعيدا بدخول قوات الإحتلال علي مايبدو..ونكتشف أن السائق قد فقد بدوره إبنته التي إختفت منذ عامين بعد زواجها رغما عنها وعنه.. وحين يسأله الطفل أحمد (من هم الأنفال) الذين يذكرهم في أغنياته يخبره بأن صدام حسين قد إتخذ قرارا بتدمير العراق بدأه بقتل الكردستانيين ثم العرب.. وأنه في طريقه لذلك قام بتدمير المنازل والقري والأطفال والعائلات وهم يسمون(الأنفال) .. هكذا يمهد السائق لمشاهدات الرحلة التي سيتابعها الولد والجدة بعد إنفصالهماعن السائق في بغداد وبعد أن تكون علاقة إنسانية ما قد نبتت بين السائق وأحمد مما يدفع الاول لإعادة النقود له فيما يناديه الثاني (بعمي).. خطوة إنسانية في إتجاه نضج الطفل التدريجي وبناء الفيلم ذاته والذي يعتمد علي التراكم خلال هذه الرحلة الكاشفة والتي تقطر مرارة وشجن ونبل إنساني .

رحلة البحث:
--------------
وأذا كان هذا هو الامر فيما يخص الشخصيات فإن الرحلة ذاتها وسواءا من الشمال إلي بغداد أو بعد ذلك تكشف بدورهاعن أشلاء بلد.. حرائق في بعض المباني وفوضي وقذارة وكأننا عدنا للعصور الوسطي.. و في بغداد يجلس الثنائي(أحمد وجدته) في المحطة الرئيسية بإنتظار الحافلة المتجهة إلي الناصرية.. في هذا اللوكيشن سوف نري كل الجدران مشوهة بكتابات وشعارات مختلفة من نوعية (يسقط البعث) يبرز من بينها (مرحبا ببغداد صدام.. عاصمة العرب).. هكذا هي عاصمة العرب محتلة ومنكسرة ومشوهة.. الصورة تشي بذلك بينما تجلس نساء عجائز يفترشن الارض بشكل قروي فوضوي.. وحين تأتي الحافلة يتدافع الركاب في زحام غير أدمي بالمرة ويكاد يتوه الحفيد الذي تدفع به الجدة من نافذة الحافلة للداخل وتفشل في اللحاق بها بعد التحرك ليتوالي صراخ أحمد.. وينجح صديقه (قاسم )الذي تعرف عليه في ساحة إنتظار السيارات في إيقاف الحافلة وتسليم الحفيد للجدة الملتاعة.. لنري مشهدين متتابعين لهما دلالة في إتجاه نفس التراكم الإنساني الذي يعتمد عليه بناء الفيلم.. الأول لوداع أحمد لقاسم رغم الدقائق القليلة التي جمعتهما كأصدقاء والثاني للفزع الرهيب الذي سيطر علي الطفل وكذلك الجدة عنما شعر كلاهما بإمكانية الإفتراق عندما سارت الحافلة بعيدا.. فهناك خوف وإرتباط ..فزع من المجهول ومن تكرار اللوعة والإختطاف بعيدا.. وحين يتقابلان مرة أخري يرتميان في حضن طويل يكشف طول المشهد فيه وكذلك أداء الممثلين عن لحظة مدهشة من الحميمية في مجتمع يفقد فيه الأحباء كل يوم دون عودة.. هاهي الرحلة تكشف لأحمد عن عواطف جديدة وصداقات سوف تتصاعد قبل أن يحل الفراق ودائما.. .
دلالات وقراءات:
--------------------
داخل الحافلة المتجهة للناصرية يحدث الصبي جدته عن خوفه من الموت.. فتروي له قصة سيدنا إبراهيم مع ذبح سيدنا إسماعيل.. ينام الصبي علي حكاية الجدة دون أن يتوقع أن أول توقف للسيارة المتهالكة سوف يكون بجوار بيت أو مقام كبير مكتوب عليه (بيت نبي الله إبراهيم ابو الانبياء) وحين يهرع ليزف البشري لجدته شبه النائمة بالحافلة (جدتي .. إبرهيم .. إبراهيم) فتسأله في سذاجة(أبوك؟) فيقول لها( لا.. النبي).. فتعاود النوم في لامبالاة..وفي الناصرية يبدأ السؤال عن مكان السجن لنكتشف ومعنا ابطال الفيلم أن معظم ركاب الباص من النساء متجهات إلي هناك..ليبدأ فصل جديد من المأساة حين نكتشف أن المكان ماهو الا تجمع لإعلان أسماء المفقودين في مدافن جماعية .. ونري نحيب النساء وغنائهن الفلكلوري الحزين لرثاء شهدائهم.. الطفل الكردي الذي يفهم العربية يصرخ ويثور حين لايجد إسم أبوه.. يجري في إتجاه الزنازين المهجورة.. يردد في هستيريا( أبي.. أين أنت؟) يندفع للأسماء المعلقة علي الجدار عله يجد أي خبر عن الأب دون جدوي.. وحين يلتفت لجدته يجدها منكبة فوق صورة الاب التي ترافقها داخل برواز ملقي علي التراب .. وكأنها تشم رائحته في المكان وتقول للصبي( أبوك هنا).. هذا المشهد يتكرر مع الجدة في كل مرة يذهبان فيها للبحث عن مقبرة جماعية.. وهو مشهد يريد به المخرج أن يقول.. أنه ليس مهما أن يكون إبراهيم في مقبرة بعينها.. فهو مثل الألوف موجودا بأحدها.. وهذه الأماكن ماهي إلا نصب تذكارية لمفقودين بنفس الطريقة.. ولذلك تصر قبل مشهد النهاية علي أن جثة إبنها التي صارت عظام وجماجم هي جثة بعينها في أحد المقابر الجماعية.. وحين يبدأ الحفيد في قراءة الاسماء المرفقة بكل جثة في المقبرة لايكون الاب من بينها.. ويبلغ الجدة بذلك لكنها وبنفس الدلالة الرمزية تصر علي أن إحداها هي للإبن.. فأي جثة من هؤلاء يمكن أن تكون هي.. كما يكشف هذا المشهد بدوره ومن خلال الاسماء التي يتلوها الحفيد أن كل الاعراق موجودة.. فالمقابر لم تفرق بين شيعي أو سني أو مسيحي أو كردي.. الجميع كانوا ضحايا القتل الجماعي والدفن أحياء.. وهذا المعني في الحقيقة يمنح الفيلم ابعاداَ إنسانية أكبر وأخطر.. فإبن بابل يمكن أن يكون أي عراقي.. الجميع ضحايا الفاشية والجبن..وحين يلتقي ثنائي الفيلم عبر رحلتهما (بموسي) الذي كان ضمن قوات الحرس الجمهوري التي إستخدمت في القتل دون ذنب يستمر الفيلم في بناء الجدار الإنساني الذي يتصاعد.. ويسعي موسي للتكفير عما إضطر إليه لتسامحه الجدة الرافضة له في النهاية.. فموسي الذي قتل كان مثل نبي الله هو الأخر.. لقد تورط ثم تاب وبدأ في الإصلاح .. تماما مثل إبراهيم الذي إفتدي إبنه وكان الإبن له من الصابرين مثلما كان المبتلي من عبدة الأصنام بوضعه في حفرة حياً لحرقه.. فدلالات الاسماء ليست ببعيدة كثيرا عن سياق الفيلم وبناءه الدرامي .. وربما كانت الجدة هي نفسها سارة أو هاجر التي سارت الرحلة مع سيدنا إبراهيم بكل قسوتها ومعاناتها.

حدائق الموت:
---------------
ويبدو إستخدام الناي مع الحفيد وقراره بأنه يتمني أن يصبح موسيقيا لاجنديا كما كان يتمني طول الفيلم بدوره يحمل ذلك المعني الشاعري الحالم.. فالرصاص لن يكون الامل لإنقاذ هذا المجتمع وإنما الناي والحلم والموسيقي.. إننا نكتشف أن إبراهيم ذاته لم يكن يوما جنديا أو قاتلا وإنما موسيقي حالم قضت نزوات الديكتاتورية علي حلمه بالمدينة الفاضلة.. أما الحفيد فهو نسخة من هذا الأب ولذلك تناديه الجدة كثيرا بإسم إبراهيم بينما يبدو مستغربا أحيانا..أن شخصية الجدة التي تبدو أنها قد بدأت تفقد صوابها يرسمها السيناريو بأبعاد أخري يمكن أن تدلنا علي أنها في منتهي الحكمة.. بل هي ضمير جيل كامل في هذا الفيلم .. جيل عاني الإضطهاد وسرق منه الامان ورغم ذلك ظل متمسكا بالامل وبالحكمة..
الان تمر حدائق بابل (التي كانت ذات يوم حداق معلقة أو من عجائب الدنيا السبع فصارت حدائق للموت) أمام السيارة التي يركبها الحفيد وجدته.. يبلغها في سعادة..( جدتي.. هاهي حدائق بابل.. جدتي..) لكن هيهات.. لقد أو أوان رحيلها هي الاخري.. لذلك لن ترد..بينما تنزل التترات لنقرأ علي الشاشة أنه( خلال الأربعين سنة الماضية فقد العراق أكثر من مليون شخص بين أطفال ونساء ورجال.. وحتي أبريل 2009 إكتشف مايقارب من 300 مقبرة جماعية تحتوي مابين 150 إلي 250 ألف جثة.. الغالبية لاتزال مفقودة أو مجهولة الهوية)

إنها تراجيديا أواخر القرن العشرين وبداية الحادي والعشرون.. ففيلم (إبن بابل) هو بكائية اللوع والحرقة وإدانة كل النظم الفاشستية.. إنه الفيلم الذي يعري الظلم والهمجية أينما كانت ليبقى الموت الحقيقة الأزلية والحكمة الأبدية.. وهو نموذج للبناء الدرامي الذي يمزج الواقعية بالسرد السينمائي المدهش في بساطة وسلاسة.. إنه نفس إسلوب محمد الدراجي في فيلمه ألأول " أحلام " حيث حركة الكاميرا الواسعة .. واللقطات الثابته الطويلة والأحجام القريبة والمتوسطة المجسدة لخلجات الممثلين والذين هم في الغالب من الناس العاديين غير المحترفين لتأكيد النزعة الواقعية.. ولكن هيهات أن يكون هؤلاء من غير المحترفيين.. فنحن أمام جدة تستحق الاوسكار بلا جدال عن هذا الأداء المدهش والذي جسدته كما لو كانت بالفعل قد عاشت هذه المأساة.. والصبي بدوره كارثة تمثيلية في كل لفتتاته وإنحناءاته.. صراخه ودموعه.. كل شيئ.. والحقيقة إنه لولا وجود مخرج متمكن لما أمكن أن نحصل علي هذا الاداء العبقري.. إنه بالفعل العمل الفني الخارق بصدقه وإحكام بناءه وشمولية قضيته.. ربما لكل هذه الاسباب وغيرها إستحق كل الجوائز التي نالها والتي سيحصدها.. مثلما كان جديرا به أن يشارك في إنتاجه كل هذه الشخصيات والمؤسسات.. فإذا كان (إبن بابل) قد تم إهداءه إلي كل مفقود.. وكل عراقي.. فإننا نراه جديرا أيضا أن يهدي لكل طلبة معهد السينما في العالم.. فهو درس بليغ في الصدق والشجن والمتعة.. حتي لحظات النهاية ومابعدها!!

السبت، 27 نوفمبر 2010

هشام لاشين يكتب عن الفيلم اللبناني (شتي يادني)


شتي يا دنيي تيزيد موسمنا ويحلا..وتدفق مي و زرع جديد بحقلتنا يعلا......كانت الكلمات السابقة هي مطلع واحدة من روائع الإغنيات التي قدمتها الفنانة الكبيرة فيروز بصحبة الرحبانية والتي اعتمدت على الدبكة اللبنانية والإيقاع وأداء الكورال.. وهي أغنية تكشف عن تفاؤل وعن شجن وحنين للحب والاسرة وللزمن الذي يفل من بين أصابعنا.. ربما لهذه الاسباب كان إختيار المخرج بهيج حجيج لهذه الإغنية لتصبح عنوانا لفيلمه الروائي الثاني موفقاً إلي حد كبيروالفيلم يشارك في مسابقة الأفلام العربية بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي هذا العام.. فإنتظار المطر مرتبطا بإنتظار الامل وترقب الخير بعد سنوات عجاف يعادلها في الفيلم سنوات الحرب اللبنانية ومانتج عنها في نفوس اللبنانين من خلال "رامز" العائد إلي الحياة بعد غياب 20عاما كان مختفيا تماما خلالها حيث اختطف في احد الحروب اللبنانية وألقي به في السجن وتعرض للتعذيب وعندما يفرج عنه يكون قد بلغ الخمسين من عمره. هذا الرجل المريض والذي يبدو منفصلا عن الواقع بات مهووسا بجمع أكياس الورق الفارغة وهاهي عودته وهو علي هذه الحالة تهز عائلته هزة قوية ..سنوات المعتقل وآثار العنف الجسدي والمعنوي تأبى ان تتركه يعيش بسلام بينهم. إنه يظل أسير هواجسه وكوابيسه وقلقه وعجزه عن استعادة التوازن المطلوب مما ينعكس على عائلته التي بدلاً من ان تعيش سعادة عودة الأب والزوج باتت مهددة بالإنهيار.. الابنة (ديامون بو عبود) طار حلمها الكبير بالالتحاق بالمعهد الموسيقي الباريسي مع عودة والدها..أما. الابن (ايلي متري) فقد وجد نفسه عاجزاً عن التعامل مع أب غريب الأطوار لايعرفه وهو بدوره يعيش حالة من التخبط والضياع وسط السكاري في المرابع الليلية ...أما الأم «ماري» (جوليا قصار) فهي بدورها متابعة لأحوال الزوج العائد وهو ينهار نفسيا بجوارها.. إنها تحاول أن تساعده وتساعد نفسها لأستعادة أسرتها المفككة دون جدوي ..وفي هذه الظروف المأساوية يلتقي بزينب(كارمن لبس) التي تنتظر عودة زوجها الغائب منذ 20عاما حيث تنشأ بينهما صداقة عميقة.. وزينب هذه هي المعادل الاخر لشخصية (رامز) فقد إختطف زوجها هي الأخري وكانت تسأل عنه رامز وهل إلتقاه في السجن أم لا.. فهي تجد في رامز نوعاً من تطهّر أو أمل أخير بالمعرفة الحقيقية بمصير الزوج لكن رامز يحاول أن يتذكره دون جدوي بينما تطارده هلاوس تؤكد له عكس ذلك حتي يتأكد مع المشهد الأخير بالفيلم أنه كان بالفعل زميله بالسجن لسنوات طويلة.. أن زينب بالنسبة لرامز تبدو بدورها بمثابة أمل لحياة جديدة مثلما هو بالنسبة لها.. إنه يستعيد شيئاً من اتزّانه النفسي والمعنوي.. وفي مشهد متميز يطلب منها أن ترافقه في نزهة خارجية وفي قارب صغير بالبحر يتنزهان وفرحة طفولية تعتريهما.. لكن فجأة يصاب بأزمة ربو تجعلها تحتضنه طويلا ليتوحد كلاهما في حالة واحدة من المعاناة والوحدة والخوف والحاجة للأخر..لكن توحد الجميع في ذات الهم يدفع بالزوجةماريا لكي تبحث عن زينب وتستدعيها لأن الزوج الراقد في المستشفي يهلوس بإسمها.. وعلي باب الغرفة بالمستشفي نري الزوجة والصديقة والابن والإبنة بينما يعترف رامز لزينب بأنه كان يعرف زوجها حيث كان معتقلا معه وأنه كان يخبره بمدي حبه لزينب وبمدي قلقه عليها.. .
والفيلم تتصاعد احداثه علي إيقاع رسائل (نايفة نجار) الأربع التي نشرتها تباعاً في جريدة «السفير» اللبنانية في الثمانينات وتحديا في عام 1984 بإعتبارها«ضمير الفيلم» الوثائقي فنايفة نجار ليست الا واحدة من أمهات كثيرات انتظرن ابناءهن المخطوفين دون جدوى،فإنتظرت 9 أشهر قبل ان تضع حداً لانتظارها الطويل فكان انتحارها هو الحل الوحيد .. هذه المرأة هي العد التنازلي للفيلم والمخرج يريد بذلك أن يقدم لنا مزجا موحيا بين الواقع والمتخيل وبين التسجيلي والروائي بهدف منح عمله مصداقية أكبر ولذلك يبدأ فيلمه بهذه الرسائل وينتهي بها قبل أن يقدم مشهدا متخيلا للحظات السابقة للإنتحار حيث طلبت إستدعاء مصور الجريدة وطلبت منه أن يصورها صورا تبدو فيها جميلة.. ربما لتتركها مخلدة لأخر رسائلها التي ترثي بها إبنها الشاب المخطوف ذو الأربعة عشرة ربيعا .
وقد سبق وقدم المخرج ملف المفقودين في الحرب اللبنانية في فيلمه الوثائقي «مخطوفون» عام 1998 ولكنه يقدم فيلمه هذه المرة عن عودة هؤلاء المخطوفين وليس عن كواليس إختطافهم إن الفيلم كما يقول المخرج نفسه عن (المجتمع اللبناني الراهن لا عن قضية المخطوفين. إنه فيلم عن العودة. وهي عودة مستحيلة وذات دلالات). فإذا كان فيلمه الروائي الاول (زنار النار) عن الحرب اللبنانية،فقد اختاران يكون فيلمه الثاني عن بيروت اليوم من خلال قضية تعتبر من أبرز ملفات الحرب العالقة.. وهي قضية 17 ألف مفقود أو بالأحري عن عودة نموذج منهم وكيف يمكن أن يعيش مثل هؤلاء بعد فترة إختطاف وتعذيب طويلة.. فالفيلم الجديد معني بهذه المشاعر مثلما هو معني بمشاعر المحيطين بمثل هؤلاء.. كيف يواجهون الواقع .. وماذا واجهوا في الماضي من عذابات.. فإذا كانت زوجة رامز قد نجحت في التغلب علي أثار هذذا الماضي للم شمل الاسرة حيث صارت الاب والأم لإبنتيها إلا أن أمثال رامز وزينب سوف يظلان مشدودين إلي هذا الماضي الذي يطاردهما طول الوقت..حتي حين يفكرا في التخلص منه.. حيث يرسم سيناريو بهيج حجيج بداية علاقة يمكن أن تنبت بين رامز وزينب,, وفي لحظة فاصلة يكتشف كلاهما أنه مطارد بهذا الماضي ففي أعقاب لقاء يمهد لإمكانية تواصلهما تفاجيء زينب بالجارة تخبرها أن نشرات الأخبار قد أعلنت أنه سيتم الإفراج عن دفعة جديدة من المعتقلين.. لتفيق علي الأمل في عودة الزوج (خليل) من جديد.. الفيلم يبرع أيضا في إشارته غلي أن المحنة تشمل المسيحيين والمسلمين معا.. فهم في مركب واحد سواء علي مستوي الطرح المياشر بعائلة رامز المسيحية أو عائلة زينب المسلمة أو ببعض المشاهد السينمائية كمشهد القارب الواحد الذي اشرنا إليه وجمع زينب ورامز في عناق طويل في اعقاب أزمة الربو المعادلة بدورها للأزمة الاكبر للمجتمع وسط البحر المترامي.

في الفيلم أيضاً تحية الى المرأة (كما يقول حجيج نفسه)، سواء من خلال ضمير الفيلم (نايفة نجار) او من خلال الزوجة («زينب») التي لا تزال تعيش على ذكرى زوجها المخطوف أو الزوجة («ماري») التي ربّت اولادها وحدها ثم اختارت ان تواصل حياتها، ولكن ما ان ظهر زوجها المفقود حتى حاولت جاهدة إعادة الروابط الى العائلة المفككة.. وإن كان لم يفسر لنا سر ذلك الإنهيار السريع لنموذج (نايفة النجار) في الواقع أو إنهيار الإبنة داخل دراما الفيلم.. فهما النموذجان الأضعف في بناء الشخصية النسائية داخل النسيج وإن نجح إستخدامهما للتدليل علي الإنهيار الذي صاحب الإختطاف.. الإبن لإي الأولي والاب في الثانية.

الممثلين بدورهم كشفوا عن براعة مدهشة في الممثل اللبناني ..حسان مراد الذي جسد شخصية «رامز» المضطربة والمكسورة، و جوليا قصار في دور «ماري» المحاولة لإستعادة أسرتها المرتبكة عقب عودة زوجها المخطوف المفاجئة، الى كارمن لبس في دور «زينب» التي وجدت في «رامز» عبق زوجها المخطوف والأمل في السعادة من جديد، ثم (ديامون بو عبود) المحبطة من عدم الالتحاق بالمعهد الموسيقي بباريس، وكذلك ( ايلي متري) الذي يعاني الإضطراب والضياع بعد عودة والده.

الموسيقى جزء رئيسي من الشجن المهيمن علي أحداث الفيلم سواء تلك الكلاسيكية الحزينة التي تعزفها الفتاة الشابة لباخ وغابريال فوري وأخرين، أوموسيقى الفيلم ذاته بإنسيابيتها المناسبة للأحداث وأجواءه التأملية.. عناصر الفيلم المختلفة من تصوير ومونتاج وصوت وغيرها تكشف عن كاتب سيناريو ومخرج متمكن يعرف كيف يصيغ قضيته الدرامية وكيف يدير أدواته وممثليه.. والأهم إصراره علي إعتبار السينما رسالة يجب أن تفتش في الواقع وتبحث في المشاعر والإحباطات لتدفع بالبحث عن حلول لمشاكل ظلت لسنوات طويلة معلقة .. لن يكون أخرها بالطبع مشاكل المخطوفين والمفقودين في حرب عبثية طالت الأخضر واليابس في وطن كبيرلازال يجتر هذه الألام.


الخميس، 25 نوفمبر 2010

محمد الأحمد ينال جائزة مركز العرب الثقافي الأمريكي التقديرية للعام 2010

منح مركز العرب الثقافي الأمريكي الداعم لأنشطة منظمة اليونيسيف ومقرة الرئيسي كاليفورنيا جائزة المركز التقديرية للعام 2010 للسيد محمد الأحمد رئيس مهرجان دمشق السينمائي ، حيث قام الدكتور وضاح السعيد ممثل المركز بالشرق الأوسط ورئيس مجموعة رديانت للإعلام والدعاية والإنتاج في دبي (الشريك الإعلامي والتجاري لمركز العرب الثقافي الأمريكي بكاليفورنيا) بتسليم الجائزة للسيد محمد الأحمد في ختام مهرجان دمشق السنيمائيي ، يذكر أن المركز قد سبق وأعلن في مقره الرئيسي بكاليفورنيا عن دور مهرجان دمشق السينمائي في دعم الثقافة العربية وتحسين صورة العرب في الغرب وتفعيل الحوار الايجابي بين الشرق والغرب وأعلنت خلالها الدكتورة نهال كامل مديرة المركز عن منح جائزة المركز التقديرية للعام 2010 لرئيس مهرجان دمشق السينمائي ، بعد أن نجح المهرجان في أن يحمل إلى العالم العربي والغربي من تاريخ السينما أهم الأفلام والأعمال والنجوم وأطياف مختلفة من الفنون الراقية والإبداعات ولقاءات هامة استطاعت أن تسد الكثير من الهوة في الأفكار والثقافات والرؤى بين الشرق والغرب ، كما أستطاع المهرجان أن يبرز صورة سورية ذات الوجه المشرق والمتحضر في العالم ، فكان المهرجان بمثابة مهرجان لثقافات العالم أجمع وفرصة قوية لجمع الأواصر الثقافية والفنية والاجتماعية وتبادل الآراء والنقاشات ، بل واستطاع مهرجان دمشق أن يتحول الى قيمة فنية كبيرة يشعر بها كل فنان لأنه يشعر أن ما يقدمه من أعمال قيمة تُقدَّر وتُتابع ويُكرَّم عليها إذا نال التميز, كما حفر مهرجان دمشق السينمائي لنفسه بصمة في تاريخ الدراما استمدها من قوة عروضه ونسبة الحضور العربي والعالمي الكبير وحرص النجوم على المشاركة فيه، هذه التظاهرة الجميلة جعلت لمهرجان دمشق السينمائي خصوصية ثقافية كبيرة ولهذا كانت جائزة المركز التقديرية للعام 2010 لرئيس مهرجان دمشق السينمائي.




نقلا عن موقع سيريا بوست

الاثنين، 22 نوفمبر 2010

دكتور رياض نعسان أغا يصحح ماكتبه هشام لاشين عن دمشق السينمائي

تعليقا علي المقالة التي كتبتها حول مهرجان دمشق السينمائي جاءني اتصال من السيد وزير الثقافة السوري السابق رد رياض نعسان أغا يؤكد اعتزازه بما أكتب حول السينما والمهرجانات عموما ولكنه أبدي تحفظا حول بعض المعلومات المنشورة بالمقالة خصوصا في مقدمة الموضوع وهي التي تتعلق بتأخر الإعداد للمهرجان حتى قبل ثلاثة أشهر فقط من بداية الدورة الثامنة عشر وكذلك مايتعلق بالتدخل لدي وزارة المالية لرفع ميزانية المهرجان وانعقاده من الأساس وعملا بحق الرد والتصحيح ننشر هذا الرد مع الاحتفاظ بحق التعليق عليه




يقول الدكتور رياض نعسان أغا: (الحقيقة أن هناك معلومات غير دقيقة بمقالك ياعزيزي..فأولا المهرجان لم يتعثر ولايعاني من مشاكل مالية علي الإطلاق علي العكس فقد تم رفع ميزانية هذه الدورة منذ العام الماضي ولم يكن ذلك وليد اليوم .. كما أن الإعداد للدورة الثامنة عشر قد بدأ بالفعل في موعده تماما وقد أرسلت الدعوات قبل أكثر من شهر لضيوف المهرجان.. وقد حرص صديقي المبدع والفنان وزير الثقافة الدكتور رياض عصمت ومعه الناقد الجميل محمد الأحمد علي الإعداد الجيد للمهرجان مبكرا جدا وهو ماظهر للنور وشاهده الملايين علي شاشات الفضائيات .. فقد كان موعد هذه الدورة معروف سلفا وتم كل شيء في وقته تماما بما في ذلك البرمجة والتكريمات والدعوات وهو مايحسب للقائمين علي المهرجان.. ولذلك أردت التوضيح خصوصا وأنني أحترم قلمك وأعتز بك ككاتب وصديق ولم أرد أن تقع في خطأ من المعلومات الكاذبة التي قد تكون قد استقيتها من أشخاص غير ذي صفة أو ربما لهم مأرب من تشويه للحقائق الثابتة.. وأعتقد أنك تتابع المهرجان منذ سنوات مثلما تابعت هذه الدورة وأتمنى أن أسمع رأيك فيها.. مع تحياتي وتقديري.. دكتور رياض نعسان أغا)

وبدوري أشكر المبدع الكبير الدكتور رياض علي هذا التوضيح الذي أنشره كما هو ولكن بدوري أحاول تفسيرماكتبت فببساطة أنا متابع بالفعل لمهرجان دمشق السينمائي منذ أكثر من عشر سنوات وهو واحد من الفعاليات المحببة جدا لقلبي مثلها مثل سوريا الحبيبة التي نعتبرها وطننا الثاني مثلي مثل مصريين كثيرين لازالوا يذكرون أيام الوحدة وأيام العبور العظيم الذي كان لسوريا دورا لايمكن إنكاره فيه.. فالتاريخ والجغرافيا والشجن يربط بين الشعبين المصري والسوري مهما حدث ويحدث.. وقد حرصت علي التنويه بذلك داخل سطور نفس المقالة محل التصحيح الواجب واللازم.. بل أنني انتقدت بصراحة موقف بعض النجوم المصريين من الضغط للحصول علي الجائزة وقلت أن جائزتنا الحقيقة هي حب وتدليل السوريين وبالذات صناع المهرجان لمصر والمصريين.. واعترضت بشدة علي هذا الاسلوب من النجوم المصريين بل وقلت أن (الوتر) فيلم بوليس محكم الصنع وليس فيلم مهرجانات وبالتالي لايجب أن يغضب من حرمانه من أي جائزة .. وقلت أيضا بالحرف الواحد في نهاية المقال (هكذا لم يشفع الاحتفاء السوري المتكرر بمصر حين وقف الأمر علي جائزة وكأنه لابد أن يصل الاحتفاء إلي فرض جوائز علي لجان التحكيم.. وهو منطق بغيض ومتغطرس ولا يمنح قيمة للفيلم المصري.. فالمجاملة لاتصنع فنا مثلما لايمكن أن تكون بوابة للسياسة.. فالبوابة الحقيقية هي ذلك الحب المتكرر الذي نتعاطاه دائما وأبدا بين ربوع دمشق الفيحاء من خلال السينما وخارج السينما).. هذا هو موقفنا الثابت والمعلن.. أما مسألة الأخطاء الواردة بخصوص تعثر الدورة أو تدخل وزير الثقافة السابق فأعترف أنني استقيتها من صحفية وناقدة سورية كانت تتابع المهرجان وكنت أظنها مقربة لكواليسه ويبدو أنها ضللتني لعلة في نفس يعقوب.. وبدوري أعتذر عن هذا الخطأ وأؤكد كل تقديري لصناع المهرجان وعلي رأسهم محمد الأحمد الرائع دائما والأخ رأفت جركس أمين عام المهرجان الذي يحتفي بنا دائما وأخيرا وليس أخرا وزير الثقافة الحالي والفنان المبدع الدكتور رياض عصمت.. فكل هؤلاء منظومة من الإبداع أكدها ويؤكدها مهرجان دمشق طوال سنوات إقامته





السبت، 20 نوفمبر 2010

هشام لاشين يكتب عن دورة مهرجان دمشق السينمائي الثامن عشر





لم يكن من المتوقع أن تظهر الدورة الثامنة عشر لمهرجان دمشق السينمائي الدولي للنور هذاالعام .. فقبل ثلاثة أشهر فقط كان هناك اتجاها من وزارة الثقافة السورية التي تولي رئاستها د رياض عصمت بدلا من الدكتور رياض نعسان أغا إلي إلغاء الدورة تقليصا للنفقات وضيق الوقت قبل عيد الأضحي مباشرة لكن الوزير السابق جلس مع الوزير الحالي في سابقة فريدة من الحب والتعاون الذي ندر أن تجده في عالمنا العربي في مثل هده الحالات بل وجلس مع وزير المالية ومعه رئيس المهرجان ونجح في إقناع الأخير بأهمية إستمرار المهرجان الذي صار سنويا بعد أن كان كل عامين في الماضي بالتبادل مع قرطاج السينمائي في تونس وقامت وزارة المالية برفع ميزانية الإنتاج السينمائي من 45 مليون ليرة إلي 135 مليون.. ورغم ضيق الوقت إلا أن رئيس المهرجان الناقد المثقف وعاشق السينما محمد الأحمد نجح في التحرك سريعا وترتيب أقسام المهرجان ودعوة الضيوف وكل شيئ بحيث من المستحيل اكتشاف أن هذه الدورة قد سبقها إعدادا لمدة ثلاثة أشهر فقط.

شمس البارودي:
 فبعيدا عن كم الأفلام والبرمجة المنتظمة كانت هناك أكثر من مفاجأة فرضت نفسها ربما كان أبرزها جماهيريا تكريم النجم المتجدد حسن يوسف الذي كان سببا في مفاجأة أخري هي ظهور زوجته السيدة شمس البارودي معه خلال فعاليات المهرجان وهو أول ظهور لها في مناسبة سينمائية منذ أكثر من عشرون عاما تقريبا ورغم رفضها التصوير كالمعتاد إلا أن كاميرات التصوير نجحت في كسر هذا الحصار فظهرت في أكثر من مناسبة بدءامن وصولها لفندق الشام الذي يستضيف المهرجان مرورا بحفل العشاء الذي أعقب الإفتتاح في قصر النبلاء وكذلك حفل الختام.. وبدوره شعر حسن يوسف بالحرج من تكرار طلبات التسجيل معه فقرر عقد مؤتمر صحفي أعلن فيه إعتذاره لكل من طلبوا حوارات وأنه مستعد للإجابة عن أي أسئلة وكان بالفعل مؤتمرا شاملا كثف حالة حب من الصحافة والجمهور السوري للفنان الذي إشتهر بالشقاوة في عشرات الأدوار قبل أن يتجه مؤخرا للأعمال الدينية ثم الإجتماعية

أما المفاجأة الأخري فقد تمثلت في ذلك الظهور الباهت جدا لهيفاء وهبي التي حاول المهرجان الإستفادة من شعبيتها كنغمة إغراء يتم تكريمها لتستقطب كاميرات التصوير وكانت المفاجأة أنها لم تثر شهية الصحافة الفنية السورية بل علي العكس فقد واجه المهرجان هجوما بسبب إستضافتها بإعتبارها دخيلة علي فن السينما التي إستثمرتها بدورها لأسالة لعاب جماهير المراهقين حين قدمهاخالد يوسف في (دكان شحاتة) .. وكان ظهور شمس البارودي بحجابها الطويل كفيلا بأن يسرق الأضواء من هيفاء بالكامل0

أول فيلم قطري:
وتأتي المفاجأة الثالثة من العيار السينمائي حيث عرض المهرجان أول فيلم قطري روائي طويل داخل المسابقة الرسمية وهو فيلم (عقارب الساعة) تأليف وإخراج خليفة المريخي..وهو فيلم يستلهم التراث القطري من خلال إستلهام إسطورة قطرية قديمة حول رجل عجوز يبيع الساعات في سوق قديم يحن لماضيه كمغن وأحد المبدعين في الفن الغجري الذي إندثر وبعد وفاة صديق عمره يعود بنا إلي الثلاثينات من القرن الماضي في رحلة الي عالمه.. والفيلم محاولة جادة نحو صناعة سينمائية قطرية لاتخلو من إجتهاد.. وقد تصادف أن عرض فيلمإ إماراتيا أيضا للمخرج سعيد سالمين بعنوان (ثوب الشمس) وعقدت لمخرجه ندوة ضمن فعاليات المهرجان..ومن الطريف أن عرض الفيلمين الخليجيين قد كشف عن مفارقة وجود مهرجانات خليجية بدون أفلام من هذه الدول في حين أن أول إنتاج لها يعرض بدمشق فالفيلم القطري إنتاج خاص للمخرج.. أما الفيلم الإماراتي فقد عاني من التمويل حتي قدم مهرجان ابو ظبي له المساعدة ليظهر للنور.

تركيا والسياسة:
وبدورها كانت السينما التركية ضيف شرف المهرجان وكان هناك وفدا تركيا ومجموعة أفلام من تركيا وعلمت أن اول دورة لمهرجان إسطنبول السينمائي سوف تعقد العام القادم وكان رئيس الوفد حريصا علي طلب دعوة لحضور مهرجان القاهرة السينمائي لفتح أسواق سينمائية بين مصر وتركيا خصوصا وأن مهرجان القاهرة يقدم هذا العام بدوره أضواءا علي السينما التركية.. وقد فسر البعض إهتمام تركيا بمنطقة الشرق الأوسط سينمائيا الأن بأن له علاقة بالتوجه السياسي والإنفتاح التركي الحالي علي المنطقة وعلي القضية الفلسطينية بشكل خاص .. وهو ماحاول رئيس المهرجان محمد الأحمد أن يؤكد عليه حين قال أن إختيار تركيا كضيف شرف للمهرجان تحكمه عدة إعتبارات منها أن هذا البلد الجار معني اليوم بالهم العربي والفلسطيني وهو يقدم محاولة نبيلة في سبيل هذا الهم .. كما أن السينما التركية سينما عريقة طافت مهرجانات الدنيا المهمة وخرجت بجوائز كبيرة وفي جعبتها أفلام حائزة علي جائزة الأسد الذهبي في فينسيا وكذلك السعفة الذهبية في كان وبرلين)..

إحتفاء سوري بمصر:
السياسةإذن تلعب دورها في مهرجانات السينما في دمشق أو غيرها وهو وضع صار طبيعيا فلا فصل بين الفن والسياسة.. كلاهما وجهان لعملة واحدة.. فالفن وسيلة تقارب وتواصل حين تضع السياسة أوزارها أو يضيق الحال.. فحتي في قمة برودة العلاقات السورية المصرية الرسمية هاهي دمشق تحتضن مصر والمصريين.. ودائما مايكون الوفد المصري هو أكبر وأهم وفد في هذه الإحتفالية السنوية.. كانت هناك سميرة أحمد وماجدة الصباحي ونبيلة عبيد التي جاءت في اليوم الأخير.. وكان هناك منال سلامة وأمل رزق والمنتجون عادل حسني وصفوت غطاس وإسماعيل كتكت وسميةالخشاب ونقاد وصحفيين.. وكان هناك غادة عادل ومجدي الهواري ومصطفي شعبان بصحبة فيلمهم (الوتر) وقد جاءت فرقة شعبية سورية علي باب فندق الشام لتحتفل بالفيلم وبمصر وسط غناء ورقص متواصل وسط جمهور الشارع العريض.. وهو مايتكرر للإفلام المصرية كل عام حتي ,أن خرجت هذا العام خالية الوفاض من أي جائزة.. ربما لأن الوترليس فيلم مهرجانات بالمرة فهوفيلم بوليسي محكم الصنع لكنه ليس من نوعية الأفلام التي تصلح للمهرجانات.. ولذلك كان غريبا غضب الوفد المصري ومحاولة الضغط تجاهلا لأعراف أي مهرجان دولي.. وقد وجد محمد الأحمد نفسه أمام هذه الضغوط إلا أنه إحترم في النهاية لجنةالتحكيم ولم يسع للتدخل وهو مادفع غادة عادل ومجدي الهواري لتقرير السفر ليلة الختام وبصحبتهم (ساندرا نشأت) احدي عضوات لجنة التحكيم.. وقد حاولت ساندرا أن تنفي أن دفاعها عن الفيلم المصري ورفض رئيس اللجنة الموافقة علي منحه جائزة هو السبب في إنسحابها مع المخرج السوري نجدت أنزور وقالت مثلماقال نجدت في المؤتمر الصحفي الذي أعقب إنسحابه بأن جليطة رئيس اللجنةالروسي هي السبب في الإنسحاب.. ولكن لم يفسر أي منهما لماذا تأخر هذا الإنسحاب حتي اليوم الأخير..أما الفنانة السورية سوزان نجم الدين فقد أقامت أكثر من إحتفال للوفد المصري علي مدار أيام المهرجان أبرزه ذلك الإحتفال بمزرعتها بزابادان بالجبل وقد جمع هذا الحفل بالإضافة للوفد المصري وزيري الثقافة السوريين الحالي والسابق وكذلك السفيرين المصري واللبناني بسوريا وكان حفلا بديعا.. هكذا لم يشفع الإحتفاء السوري المتكرر بمصر حين وقف الأمر علي جائزة وكأنه لابد أن يصل الإحتفاء إلي فرض جوائز علي لجان التحكيم.. وهو منطق بغيض ومتغطرس ولايمنح قيمة للفيلم المصري.. فالمجاملة لاتصنع فنا مثلما لايمكن أن تكون بوابة للسياسة.. فالبوابة الحقيقية هي ذلك الحب المتكرر الذي نتعاطاه دائما وأبدا بين ربوع دمشق الفيحاء من خلال السينما وخارج السينما.. أما الأفلام الهامة خلال هذا المهرجان فلها حديث أخر ذو شجون أخري..  .

الخميس، 4 نوفمبر 2010

مصر تحظر التعامل مع مهرجان أبو ظبي السينمائي وتتهمه بالتطبيع


أصدر اتحاد النقابات الفنية بمصر "التمثيلية والسينمائية والموسيقية"، بيانًا حظر فيه تعامل أعضائه مع مهرجان أبو ظبي السينمائي، في ضوء قرارات النقابات الثلاثة منذ عام 1981 بعدم التعامل أو التطبيع مع إسرائيل، مؤكدًا أن ذلك ثوابت لن تتغير ما دامت إسرائيل تنتهك حقوق الفلسطينيين.

وأوضح بيانٌ للاتحاد أصدره مساء الأربعاء 3 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، أن هذا القرار تم اتخاذه نظرًا لقيام مهرجان أبو ظبي بتوجيه الدعوة إلى المنتِجة الإسرائيلية ليسلي وودوين ومنحها جائزة "الجمهور" عن فيلم "الغرب غربًا"، والبالغة قيمتها 30 ألف دولار.

وأكد البيان أن هذا الحظر لن يُرفع إلا بعد قرار رسمي من مهرجان أبو ظبي باستبعاد كل ما هو إسرائيلي أو له علاقة بإسرائيل من المهرجان. ودعا الاتحادُ أعضاءَ النقابات الثلاثة إلى الالتزام بهذا القرار، فيما حذر غير الملتزم بالقرار بالفصل من عضوية النقابة.

وقد وقَّع على البيان كلٌّ من رئيس اتحاد النقابات الثلاثة ممدوح الليثي، ونقيب المهن التمثيلية أشرف زكي، ونقيب المهن الموسيقية منير الوسيمي، ونقيب المهن السينمائية مسعد فودة.

وكان مهرجان أبو ظبي في دورته الرابعة التي انتهت مؤخرًا، قد منح المنتِجة البريطانية ليسلي وودوين جائزة "الجمهور". وقالت وودوين في ندوةٍ لتكريمها إنها تفتخر بكونها إسرائيلية، "وسط صمت مطبق" من قِبَل إدارة المهرجان وكل وسائل الإعلام المحلية والعربية، وفق وكالة الأنباء الألمانية.

وقال الناقد المصري المقيم في باريس صلاح هاشم، إنه لا يستغرب أن يقع التطبيع في مهرجان أبو ظبي الذي يديره الأمريكي بيتر سكارليت. ورجَّح أن يكون لهذا الأخير "رغبة في تمرير أفلام إسرائيلية".

وأضاف هاشم: "يجب- في رأيي- ألا نشكوَ ما دمنا سلمنا قيادة مهرجان سينمائي في بلد عربي لأجنبي، وأرى أن سكارليت لا ينبغي أن يُلام، بل اللوم على الإدارة أو الحكومة التي عينته"، مشيرًا إلى أن توظيف بيتر سكارليت جاء "لتنفيذ مخططات وتوجهات سياسية لا تخضع لإرادة شعبية، بل لإرادة حكومية".

ومن جهته، قال الناقد الفلسطيني بشار إبراهيم: "ما حدث تواطؤ من قِبَل إدارة المهرجان، ومجرد كتابة قائمة بأسماء فريق بيتر سكارليت الذي يدير المهرجان، وخلفياتهم ودياناتهم وجنسياتهم، تكشف الكثير من الأمور"، وأضاف: "المهرجان في قبضة فريق أمريكي يهودي"، في الوقت الذي طالب فيه رئيس تحرير موقع "شبكة السينما العربية" أشرف البيومي نقابة الصحفيين المصرية بالتحقيق مع كل أعضائها الذين حضروا الدورة الأخيرة للمهرجان؛ لكون أيٍّ منهم لم يعترض على وجود منتِجة إسرائيلية، ولم يكتب أيٌّ منهم على الإطلاق عن الوقعة، فيما يبدو أنه محاولة لتمريرها.

وقال الناقد المصري محمد قناوي إن موقف مهرجان أبو ظبي تجاه التطبيع واضح منذ الدورة الأولى التي صدر قبل انطلاقها قرارٌ من اتحاد النقابات الفنية المصرية بالمقاطعة ردًّا على مشاركة الفيلم الإسرائيلي "زيارة الفرقة الموسيقية"؛ ما دفع إدارة مهرجان أبو ظبي إلى التراجع واستبعاد الفيلم، لكن الدورة نفسها ضمَّت عددًا من الأفلام التي تتناول العلاقات العربية الإسرائيلية بنوعٍ من الانحياز لصالح إسرائيل؛ ما يُعَد دعوةً غير مباشرة إلى التطبيع، حسب قوله.

وأشار إلى غرابة موقف الصحفيين المصريين الذين حضروا المهرجان، والذين لم ينسحبوا بعدما علموا أن هناك تطبيعًا حقيقيًّا؛ "ربما لأن اختيارهم تم بناءً على علاقاتٍ شخصيةٍ بالمنسق العربي في المهرجان الذي يقال إن أصوله يهودية أيضًا".
نقلا عن mbc  نت

الثلاثاء، 2 نوفمبر 2010

الأحد انطلاق فعاليات مهرجان دمشق السينمائي الدولي


تنطلق يوم الأحد المقبل فعاليات الدورة الثامنة عشرة من مهرجان دمشق السينمائي الدولي بمشاركة 45 دولة عربية وأجنبية وبحضور مجموعة من أبرز المشتغلين العرب والأجانب في قطاع السينما.

وبحسب وكالة الأنباء السورية، يتنافس في المهرجان 24 فيلماً في المسابقة الرسمية فضلاً عن فعاليات ونشاطات مرافقة أهمها طاولة مستديرة حول أثر المهرجانات السينمائية العربية في تنشيط الإنتاج المحلي.

وقال محمد الأحمد مدير المهرجان في تصريحات لوكالة الأنباء السورية، إن الأفلام الأربعة والعشرين التي ستشارك هي "إذا أردت أن أصفر فسأفعل" من رومانيا، و"مصففة الشعر" من ألمانيا، و"على الممر" من البوسنة، و"كوزموس" من تركيا، و"كونفوشيوس" من الصين، و"كيف أمضيت هذا الصيف" من روسيا.

كما تشارك أفلام "لا تدعني أرحل" من بريطانيا، و"سعادتي" وهو إنتاج ألماني هولندي روسي أوكراني مشترك، و"ما يخص شقيقة" من اليابان، و"حياتنا" من إيطاليا، و"ثعالب" من سلوفينيا، و"الغواصة" من الدانمارك ،و"يرجى عدم الإزعاج" من إيران، و"فينيزيا" من فنزويلا ،و"أميرة مونبونسييه" من فرنسا، و"الزنزانة 211" من إسبانيا، و"الخارجون عن القانون" من الجزائر، و"آخر ديسمبر" من تونس، و"الجامع" من المغرب، و"الوتر" من مصر، و"ثوب الشمس" من الإمارات، و"عقارب الساعة" من قطر إضافة إلى "مطر أيلول" و"حراس الصمت" من سوريا.