الخميس، 5 مارس 2015

كتاب يروي مذكرات ماجدة الصباحي ومحاولة اغتيالها بسبب جميلة بوحريد




عادة ماتحمل فكرة تدوين المذكرات الشخصية في عالمنا العربي قدر كبير من عدم الصراحة ربما بحكم العادات والتحفظات الشرقية ولكن المذكرات التي تعتمد علي التاريخ الفني او الإجتماعي او السياسي تكون أكثر دقة بحكم أنها تأريخ لسيرة ذاتية منهجية قابلة للمراجعة والتعديل من المتابعين والمتخصصين وهو ماينطبق الي حد كبير علي مذكرات الفنانة الكبيرة صاحبة التاريخ السينمائي المميز ماجدة الصباحي في كتاب حمل عنوان (مذكرات ماجدة الصباحي) صادر عن مركز الأهرام للنشر وقام بإعداده الكاتب الصحفي السيد الحراني بأسلوب رشيق وتسلسل مثير يجمع بين الجانب السينمائي الإبداعي في حياة بطلة الكتاب وبين الجانب السياسي والإجتماعي البارز في نوعية الأعمال التي تصدت لإنتاجها وتمثيلها الفنانة الكبيرة وكادت تسبب في إشهار إفلاسها بل وترضت بسببها لمحاولات اغتيال في بيروت من قبل بعض المتعصبين الفرنسيين عندما انتجت فيلم (جميلة ابوحريد). وفي البداية يشير الكاتب الي ان الفنانة ماجدة او (عفاف علي كامل الصباحي) ولدت في عام 1931 وبدأت حياتها الفنية وعمرها 15 سنة من وراء أهلها وغيرت اسمها إلى ماجدة حتى لا تكتشف، كانت بدايتها الحقيقية عام 1949 في فيلم "الناصح" إخراج سيف الدين شوكت مع إسماعيل يس، دخلت مجال الإنتاج وكونت شركة "أفلام ماجدة لإنتاج الافلام" من أفلامها التي أنتجتها "جميلة"، "هجرة الرسول"، وقد مثلت مصر في معظم المهرجانات العالمية وأسابيع الأفلام الدولية واختيرت كعضو لجنة السينما بالمجالس القومية المتخصصة. حصلت على العديد من الجوائز من مهرجانات دمشق الدولي وبرلين وفينيسيا الدولي. وحصلت على جائزة وزارة الثقافة والإرشاد. ويفرد الكتاب الذي يستدعي لغة المذكرات علي لسان بطلته حديث ماجدة عن محطات مهمة في حياتها السينمائية وأفلامها البارزة مثل جميلة بو حريد التي تقول عنه:"كنت أريد المشهد الأخير في نهاية الفيلم يضم مجاميع مختلفة للثورة والثوار في العالم كله وهم يتكلمون عن أزمة جميلة التي هي أزمة الجزائر، وكل الأراضي العربية المحتلة، وكل ضحايا الاحتلال في كل بقاع العالم، ولكن الدكتور ثروت عكاشة ـ وكان وزير الثقافة والارشاد في حينها ـ أشار إلى أن يكون مشهد النهاية يضم مجاميع تظهر فيها أفريقيا فقط، ونفذ يوسف شاهين ما أراده عكاشة، وكنت ولازلت غير راضية عن هذا المشهد، وانتهى تصوير الفيلم وحضر فتحي الديب واللجنة العليا للجزائر وأحمد بن بيلا، الذي أصبح بعد ذلك أول رئيس للجزائر في عام 1962 لمشاهدة الفيلم في الاستوديو، ووقفوا في نهايته، وأدى بن بيلا ومن معه التحية العسكرية الجزائرية، وصفقوا بشدة وشكروني على تلك الهدية التي وثقت بها جرم الاحتلال الفرنسي. تضيف ماجدة الصباحي : وخرج الفيلم وعرض في سينما راديو في عامي 1960 و1961 وهو العام الذي تقرر فيه إعدام جميلة، وقامت مظاهرات داخل السينما وعلت الهتافات لتحرير الجزائر، لكن في النهاية أضاف فيلم جميلة لكل من عمل فيه وقدمهم وكأنه يكتشفهم للمرة الأولى، وتحول لفيلم عالمي صنع المظاهرات في كل بلد عرض فيه، وكانت فرنسا تحتج في كل بلد يعرض فيه، وكتب عنه الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر والكاتبة سيمون دي بوفوار يمتدحانه. لقد تسبب الفيلم في ضجة عالمية كبرى وضغط على الرأي العام العالمي فتراجعت فرنسا عن إعدام جميلة". اما فيلم "حرب اليمن" فتقول عنه ماجدة " اشتركت في فيلم حرب اليمن الذي لم يحصل على حقه الطبيعي حتى الآن، على رغم من قيمته الفنية العالية، وكان السؤال الأساسي الذي يطرحه الفيلم يدور حول العلاقة بين الحب والحرية؟ وكيف يمكن أن تتحول قصة حب بسيطة إلى ملحمة من ملاحم الكفاح الشعبي من أجل الكرامة الإنسانية؟ وتضيف إن فيلم حرب اليمن الذي أنتجته الشركة العامة للانتاج السينمائي العربي "فيلمنتاج" إنما كان يضرب المثل على أن السينما في بلادنا لم تعد تعترف بالعزلة ولا بالمغامرات الفردية التافهة ولا بقصص الحب الرخيص. فيلم اخر تتحدث عنه ماجدة في مذكراتها هو فيلم "فجر" إنتاج عباس فارس وإخراج عاطف سالم، وتقول عنه: من أكثر الأفلام إثارة في حياتي، فقد كدت أفارق الحياة غرقا وأنا أقوم بتصوير أحد المشاهد في البحر بكفر الزيات ،ففي أحد المشاهد التي كنا نصورها في مركبي صغير على شاطئ البحر فقدت توازني ووقعت في مياه البحر التي كانت المركب قد تعمقت داخله دون أن نشعر، ووجدت نفسي أغرق وأغوص في قاع البحيرة ولأنني لا أجيد السباحة نزل ورائي مسرعين غطاسوا الطوارئ الذين يوجدون أثناء تصوير أي مشاهد في البحر، واستطاعوا الامساك بي وكنت قد فقدت الوعي، وعندما رد إليّ وعيي وجدت نفسي داخل المستشفى في حالة يرثى لها فكانت المياه غير نظيفة وظللت بالمستشفى عدة أيام. اما فيلمها "المراهقات" والذي يعد واحدا من أبرز اعمالها فتقول عنه "لقي فيلم المراهقات دعما قويا من الدولة عندما أصدر وزير التربية والتعليم في ذلك الوقت منشورا يوزع على كل المدارس يحث جميع الطلبة والطالبات أن يشاهدوا الفيلم لكونه فيلما تربويا هادفا ولكن الصحف هاجمت وزارة التربية والتعليم، وعلق الكاتب الصحفي أحمد بهاء الدين بسؤال الوزارة "لماذا منشور كامل ورسمي لفيلم المراهقات". فردت الوزارة قائلة "لأنه فيلم يوضح الأضرار السلبية السيئة للتفرقة العنصرية بين الذكر والأنثى داخل الأسر". وسافر المراهقات وعرض في جميع الدول العربية، وأيضا في أميركا ودخل مهرجانات وحصلت على شهادة تقدير، وسافرت فينيسيا وعمل ضجة إعلامية واجتماعية في الخارج لأن التفرقة العنصرية داخل الأسر لا توجد داخل الأسرة المصرية فقط بل توجد في دول أخرى كثيرة، ولكن التوزيع الدولي للفيلم كشف الستار عن مخطط دعائي صهيوني ضد الأفلام العربية، فقد حدث عندما بعت "المراهقات" لفرانكفورت وشحنت النسخ بعد توقيع العقد على عرضه في الصالات السينمائية هناك أن جاءني جوابهم بالرفض لأنه يحمل اسم "الجمهورية العربية المتحدة" وأنهم لن يعرضوه إلا إذا حذفت اسم الدولة "بلدي" وبالطبع كان جوابي الرفض، وإذا كان صاحب بعض الصالات السينمائية هناك صمم على عرض الفيلم لكانوا أقفلوا صالاته كلها، وفي أوروبا كان الصهاينة يحاربون الفيلم العربي في السيتينات تحت شعار "ادفع دولارا تقتل عربيا". يذكر ان الكتاب مكون من 500 صفحة ومرفق به أرشيف صور فوتوغرافية نادرة جدا لم تنشر من قبل تجسد الحياة العائلية والاجتماعية والفنية لماجدة كما يحوي الكتاب على ثلاثة وعشرون فصلا يبدأ بالتكوين والطفولة والحياة الأسرية وتاريخ الميلاد الذي ظل مدة طويلة مثارا للجدل بين المؤلف وبين ماجدة وبين لجنة القراءة والمراجعة للكتاب بمؤسسة الأهرام، كما يحوي الكتاب وصفا تفصيليا لمصر التي عاشت بها ماجدة في الثلاثينات والأربعينات والخمسينات ويتطرق لثورة يوليو وخروج الملك وأيضا بداية الحياة الفنية ومهدها وتبعاته وأسباب خوض مغامرة الانتاج السينمائي وهي فتاة العشرين عاما ومراحل هذا الانتاج ومواجهاته‏'


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق