الأحد، 19 يناير 2014

أحبك


بقلم/ هشام لاشين

استولت علي القلب في لمح البصر..احتلت تلافيف العقل وصوبت كل سهام حنانها لترديني مضرجا في خيلائي.. وحين أدركت أنني أدمنت الاسر لم تتوقف عن منحي جرعات منتظمة من الحب فلم أعد قادرا أن أفيق ولو للحظة واحدة من كأس الاستسلام التام لشهد رقتها وعذوبتها.. كان النبض يتصاعد حين كان القلب يرجف ليعلو صوته فوق تشنجات اسواري وحصوني المنهارة كجبل جليد أصابته شمس صيف أغسطس فغاص في قاع بلا قرار..الأن فقط أعلن بلا خجل أن الهزيمة تكون أحيانا أروع من اي نصر حين يكون المحارب أمامك لايملك غير سيف الحب والحياء وشجاعة الإستحواذ عليك بأي ثمن.. إنها المعركة التي لايفلح معها الإقدام ولاحتي الإنسحاب.. بل هو  الإحتلال اللذيذ الذي يدخل إلي الشرايين ويسبح ويعربد في كل نقطة دم.. ربما كان قيس معذورا حين لم يستطع أن يكتم عشقه الملهوف لحبيبته ولم يدرك أنه بشعره يحطم تقاليد القبيلة ويشهر بمعشوقته ..فحين نحب تنهار حصون الإدراك والحكمة ولايبقي الا الشرود والحنين والتمني والرجاء..وحين نحب تستنسخ كلمات العشق وحالات الوله وتزوغ النظرات وتجتاحنا عذوبة ملائكية وشفافية وتوهج وإنكسار.. وحين نحب تتحول الدنيا لربيع دائم فلا حر في الصيف ولاصقيع في شتاء.. أنه النسيم العذب الذي ينتشر أريجه والزهور التي تسكن أحياء القلب وأزقة وحواري النفس وطرقات الروح.. أنه الحالة الوحيدة التي يصبح فيها الضعف متعة والعطاء غاية والإنكسار فخر والتسامح قوة..ماأروعه.. بل ماأروعك يامن حطمتي كبريائي بكلمة بل بهمسة بل بصمت ابلغ من أي كلام..حياءك يسحقني..يحيلني اشلاءا وجزيئات قبل أن يعيد لملمتي في فنجانا من الشاي يتبخر في سماء عينيكي..صرت مثل مارد محبوس في فانوسك منذ ألاف السنيين أدمن سجن نظراتك وصفاء قلبك يأبي الخروج حتي لو منحوه الجنة خالصة.. فبعيدا عنك ليس هناك سوي الجحيم واللوعة والاشتياق..بعيدا عنك ليس سوي التيه في دروب الضياع والحسرة..فليست الجنة سوي نظرة من عينيكي ولهفة تجعلني اذوب واتلاشي في بحر من السهاد..الأن أدرك أن رومانسية العشاق هي التي جعلت الإنسان قادرا علي الحياة وسط كل هذه الأجواء من الكراهية والتشفي..فلولا الحب لفقدت الأرض توازنها ولأهلكها الله لياتي بقوم أخرين يعرفون معني التسامح.. وكلما إشتد سواد ليل الإنقلاب علي الحق والخير إستحضرتك لتلتئم بكي جراحي وأنسي فداحة ماحدث..فلولا الخير ماكان الشر ولولا الكراهية ماجاء الحب ليمسح جبين المعذبين والمحرومين والمظلومين بسحر الرحمة والحنان..ولأنني بكي أنسي بشاعة وإنحطاط زبانية لايعرفون الرحمة في زمن خلط الاوراق فقد قررت أن اضعك بين جفوني وضلوعي وأن أهرب بكي من عالم راسبوتين الوطن المجروح إلي البعيد.. البعيد.. سأهاجر بكي ومعكي في الزمان والمكان ربما تهدأ نفسي وتتلاشي عذاباتي.. لم يعد أمامي خيارا أخر استراتيجي أو حتي عاطفي غير تلوين ايامي باقواس قزحك وإبتسامتك التي منحنتي فجرا جديدا واملا ممتدا ورجاءا لاينقطع..فأنتي تشبهين الوطن الذي أحبه والذي عشقته زمنا حين كان صافيا ورائقا ومسالما ورقراقا.. بل تشبهين وطني حين كان عذبا ومشعا بالحياء والعفة والفضيلة والنسيم المعطر بالحب والصفاء..وأنتي تشبهين وطني قبل أن يسرقه الطغاة ويحطمون كبريائه وشرفه ويفضون بكارته ببياداتهم وخوذهم وشاراتهم التي جمعوها في غفلة من التاريخ..وطني المستباح القاسي المشبع بالنذالة والعفن.. فأنتي ياحبيبتي من بقايا الوطن الذي أحببت الصعلكة في طرقاته ومقاهييه والسهر صباحي علي كورنيشه.. وطني الذي شممت فيه رائحة النيل قبل أن يلوثوه ويدفنوا فيه الطهر والعفاف..وطني الذي كان يوما الوطن الأكبر فإذا به يتضاءل ويتضاءل حتي صرت لاأري منه إلا بصيصا.. فلو كنتي هذا البصيص المتبقي فيكفيني أنكي لازلتي تجرين في دمي ودموعي وإبتسامتي!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق