الأحد، 28 سبتمبر 2014

الحل الأمني!


هشام لاشين
عندما يقوم بودي جارد وزير التعليم بضرب الصحفيين والإعلاميين  لكل من قناة دريم وجريدة الوطن ويطفأ السجائر في وجوههم فذلك هو نتاج النظرية الأمنية التي تحكم الامور في مصر الان. وعندما يصدر قانون الشرطة المجتمعية الذي يمنح لمدنيين حق الضبطية القضائية  والتلصص علي الجيران والاقارب والابلاغ عنهم فلا يعني ذلك سوي أننا عدنا لعصر بغيض كان فيه المرء لايأمن علي نفسه من أخيه حتي لايبلغ عنه.. وعندما  تعيد المصري اليوم  نشر تقريرا نشره موقع BuzzFeed الأمريكى يقول أن وزارة الداخلية المصرية بدأت عملية مراقبة غير مسبوقة لشبكة الإنترنت بعد التعاقد مع شركة Blue Coat الأمريكية، المتخصصة فى حلول الأمن والأمان الرقمى لتركيب أنظمة تسهل عمليات الرقابة والتعقب لأنشطة المستخدمين المصريين على شبكة الإنترنت وأشارت المصادر إلى أن الأنظمة الجديدة تعطى السلطات حرية غير مسبوقة فى مراقبة البيانات عبر تطبيقات المحادثة والشبكات الاجتماعية مثل «سكايب» و«فيس بوك» و«تويتر» و«يوتيوب» وغيرها. فلا معني لكل هذه الأخبار المنشورة في صحف مؤيدة للحكم سوي أننا مقبلين علي عصر محاسبة الانفاس. وأن العلماء والمتخصصين لم يعد لهم دور الأن ولارأي ولاوزن. فلا صوت يعلو فوق صوت  المعركة .. ونحن طبعا في معركة مع من يستهدفون الوطن فهل يمكن أن تحقق النظرية الأمنية الاستقرار لأي دولة في العالم مهما علا أو صغر شأنها؟؟
الإجابة المعروفة من حوادث التاريخ الطويل تقول لا.. فترك الامور لأجهزة الأمن لحل مشاكل  إقتصادية وسياسية وإجتماعية معقدة يزيد الامور تعقيدا. وقد جربنا قانون الطوارئ لسنوات طويلة ولم يفلح في صد ثغرات أمنية عديدة وبالتالي فهو لم يعالج مشاكل متراكمة أكثر تعقيدا والنتيجة هي مانواجهه الأن علي محاور كثيرة.. فقد تستطيع أن تحكم بعض الناس بعض الوقت بالتخويف والقهر ولكنك لاتستطيع أن تحكم كل الناس كل الوقت بنفس النظرية خصوصا ونحن علي أبواب معركة مرتقبة وتحالف عالمي ضد (داعش) القادمة لتقضي علي الأخضر واليابس ونحتاج لتعاطف الناس معنا وليس كسب عداوتهم لنراهم بعد ذلك مثل ذلك المصري الذي شاهدناه يحرق جواز سفره معلنا أن وطنه الذي يحمل له الكرامة والامل هو (داعش) وليس مصر. فعندما يفقد المرء كرامته وحريته في وطنه سوف يلجأ لأي بديل جهنمي حتي لو كان هذا البديل إنتحاريا. فلا معني لحياة بدون كرامة إجتماعية وهو أحد مطالب 25 يناير طيب الله ثراها.. وعندما نحتقر الحياة الخاصة للموطن ونعلي من شأن التجسس والكيد وتصفية الحسابات فلاشك أننا مقدمون علي إنهيار مجتمعي لامحالة. حيث ينتشر الخوف حتي من مجرد الفضفضة علي مواقع التواصل حتي لو كانت فضفضة نسائية عن طريقة عمل المحشي بما يمكن أن يحمل من دلالات سياسية لحشو المفرقعات أو جنسية كما قال مسئول أمني في نفس خبر المصري اليوم حين قال في نفس الخبر «نحن نبحث عن أى محادثة أو أى تفاعل يمكن أن يثير القلق أو يدعونا للانتباه إليه، نحن نراقب المحادثات بين الإسلاميين، أو من يناقش موضوعات الإسلام السياسى، نحن نراقب المجموعات التى نظن أنها تمثل خطرا». وعندما طلب المراسل من المسؤول التوضيح، أكد المسؤول أنهم سيراقبون أيضًا من يشارك فى أنشطة تتضمن «الفسوق» أو «الأفعال المثلية الجنسية»، وذلك «من أجل حماية مصر»، مؤكدًا: «نحن حماة القيم الأخلاقية المهمة للمصريين، والتى بدورها تحمينا».
ان مايحدث من مساس بالحرية الشخصية للمواطن يحتاج لوقفة من أجهزة الاعلام التي وصل الامر لعقر دارها حيث لم يشعر حارس الوزير بالحرج وهو يضرب مراسلة دريم بالقلم لتنهار وتظل تبكي ولاوهو يطفأ السجائر في مراسل الوطن.. وهذه نتيجة طبيعية لتهاون نقابة الصحفيين وكبار الاعلاميين في حقوق الصحفي فما بالك بحقوق مجتمع كامل صار مهددا بهتك عرضه بالتنصت علي حياته الخاصة وفضحه في اي لحظة ربما بمشاهد قد تجمعه بزوجته في السرير!!!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق