الاثنين، 1 سبتمبر 2014

زمن الرويبضة!!



بقلم _ هشام لاشين
عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتٌ يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ, وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ, وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ قَالَ: الرَّجُلُ التَّافِهُ يَنْطِقُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ ".
وجاء في لسان العرب: "قال أَبو منصور: الرُّبَيْضةُ تصغير رابضةٍ وهو الذي يرعى الغنم، وقيل: هو العاجز الذي رَبَضَ عن معَالي الأُمور وقَعَد عن طَلبها، وزيادة الهاء للمبالغة في وصفه، جعل الرابِضَة راعِيَ الرَّبِيض كما يقال داهية، قال: والغالب أَنه قيل للتافه من الناس رابضة ورويبضة لربوضه في بيته وقلة انبعاثه في الأُمور الجسيمة".
والرويبضة، هو الرجل الجاهل التافه الوضيع، يتولى المناصب الكبرى، ويتكلم في الشؤون العامة للناس، ولربما كانت له سلطة التقرير والتوجيه، إما إداريا، وإما ثقافيا، فيحشر الجماهير إلى الضلال، ويوجه الرأي العام إلى الزلل، ويكون ذلك مقرونا بتبدل الأحوال، بأن تجعل الأمانة خيانة، والخيانة أمانة، والصدق كذبا، والكذب صدقا. قال صاحب اللسان: "الرويبضة هو العاجز الذي ربض عن معالي الأمور وقعد عن طلبها". فبعض الناس يستبيحون لأنفسهم أن يتولوا أمر التكلم بلسان الأمة، فيدعون إلى معتقداتهم الباطلة بألسنتهم، وأقلامهم، بأعمدتهم على صفحات الجرائد والمجلات، أو برامجهم على الإذاعات والشاشات، أو مواقعهم على الشبكات وهي امور تحيط بنا الأن من كل جانب في الفضائيات والمواقع الألكترونية وشبكات التواصل الإجتماعي.. فوضي مخططة بإتقان وبصورة ممنهجة لإشاعة الفتن وتدمير المنطق والقيم مما ادي لانقلاب المعايير لدى الناس وفساد التصور الذي يجعل الإنسان يستعذب المذاق المر الحامض ويأبى الحلو الطازج دليل على مدى التغير الكبير الذي أصاب النفوس ودليل على الفساد الكبير الذي نخر فيها ..حيث الكاذب محله الصدق.. والصادق محله الكذب.. وحيث الخائن محله الأمانة.. والأمين محله الخيانة.
والرويبضة في تفسير ابن تيمية تصغير للتحقير، وهو الرجل الفاسق التافه الحقير القاصر العاجز الناقص، يتكلم في أمر الأمة في أمر العامة، وهذا من فساد أحوال الزمان أن يصدر ويتدخل في الأمور في قضايا الأمة الناقصون والقاصرون والجهال والتافهون، بينما القضايا العامة هذه من شأن ذوي الحِجَى ذوي العقول، وذوي المدارك والآراء السديدة وأهل البصائر.نحن اذن وبلا تردد نعيش زمن الرويبضة العظيم ولكن مالذي وصل بنا لهذا الزمان؟ هناك احاديث شريفة أخري قد تفسر لنا الإجابة علي هذا السؤال مثل قال رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم: يأتي زمان علي أمتي يحبون خمس و ينسون خمس ...يحبون الدنيا و ينسون الآخرة..يحبون المال و ينسون الحساب..يحبون المخلوق و ينسون الخالق..يحبون القصورو ينسون القبور..يحبون المعصية و ينسون التوبة..فإن كان الأمر كذلك..ابتلاهم الله بالغلاء و الوباء و موت الفجأة و جور الحكام. اما الحديث الأخر فهو: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:- (توشك أن تداعى عليكم الأمم كما  تداعى الآكلة إلى قصعتها) . قيل (أومن قلة نحن يومئذ؟) قال : بل انتم كثير ولكن كغثاء السيل  ويوشك الله أن ينزعن المهابة من صدور أعداءكم يقذف في قلوبكم الوهن  قيل وما الوهن يا رسول الله؟ قال (حب الدنيا وكراهية الموت).
قد يفسر لنا هذين الحديثين طبيعة ماوصلنا إليه وخطورة ماننتظر.. فالغد ليس بأفضل بالتأكيد مع أنني لست من المتشائمين بطبعهم.. ومن لم يدرك خطورة وطبيعة عصر الفتنة والرويبضة الذي نعيشه الأن فلا يلومن إلا نفسه.. وحسبنا الله ونعم الوكيل


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق