الأحد، 14 أبريل 2013

قل شخصنة ولاتقل أخونة


بقلم/ هشام لاشين

أخونة هو المصطلح الذي يتداوله الإعلام لإثبات وجود مخطط للسيطرة علي مؤسسات الدولة كما يقولون.. ولكن المتأمل في طريقة صياغة معظم الأخبار المنشورة في هذه الصحف وفي المواقع الإلكترونية المختلفة يدرك أن مشكلة مصر الحالية هي (الشخصنة )وليست (الأخونة).. ولنتأمل في صياغة بعض الأخبار المنشورة لندلل علي أسلوب الشخصنة الإعلامية الذي يتعامل حتي مع أخبار المصلحة العامة للدولة بنفس المفهوم.. مثلا: خبر يقول (مفاجأة.. تخفيض سن التقاعد يؤدى للإطاحة بـ 6 أعضاء بالمحكمة الدستورية.. القضاة: نرفض القرار ونحذر من مذبحة جديدة ضدنا وسنتصدى لمحاولات أخونة السلطة القضائية.. وندا: الغرض سياسى ويهدف للتخلص من 3000 قاض وتخوفت المصادر من إدخال عناصر إخوانية للمحكمة، فيما كشفت المصادر عن أن الحركة يتوقع أن تتسبب فى إحالة 3500 قاضٍ للتقاعد) وهذا الخبر مثلا يتجاهل أولا أن ثورة 25 يناير التي قادها ونفذها الشباب تحتاج لدعم هؤلاء الشباب وإفساح مساحة لهم لتولي المهام والمسئوليات لقيادة قاطرة المستقبل بعد أن استنفذ جيل العواجيز فرصتهم ونهلوا من فساد العهد الساقط  مايكفي ويزيد وهم ينسون أن طبيعة الحياة هي عدم الدوام وسنتها التغير وإستمرار القضاة لسن السبعين يهدم هذه الفرصة للشباب ومن ناحية أخري فإن حصر الخبر في الإطاحة ب6 أعضاء من المحكمة الدستورية يعني الشخصنة البحتة في حين أن خفض السن كما قال الخبر ذاته يتجاوزال3500 قاض ويفسح المجال بالتالي لرقم مماثل من الشباب ليتم تصعيدهم.. فلماذا تجاهل نشر الخبر هذا المعني وركز علي 6 بدافع الشخصنة وفي ظل جدل سياسي حول موقف قضاة المحكمة الدستورية من تولي الإخوان للحكم؟ وفي نفس الخبر لابد وأن يأتي في العنوان رأي عن مخاوف من أخونة السلطة القضائية.. تأمل (مجرد مخاوف).. فهل نسمي ذلك أخونة أم نسمي المصطلح الإعلامي (شخصنة) بدافع المخاوف.. ولضرورة ضبط المصطلحات الشائعة الآن لابد من وقفة حتي لايختلط الحابل بالنابل.. وهناك مثال أخر في خبر أخر نشر علي موقع اليوم السابع يقول  (ننشر خطة الإخوان فى القبض على "غالى".. والإنتربول والتنظيم الدولى للجماعة يضيقان الخناق على الوزير الأسبق لإخراجه من إنجلترا).. وعنوان الخبر هنا يقوم علي شخصنة معلومة هامة وخطيرة وهي خاصة بخطة للقبض علي واحد من لصوص مصر الكبار الهاربين من أحكام قضائية.. ومن المؤكد أن القبض عليه هو هدف مصر كلها مثلما هو هدف قومي ووطني فكيف يتم اختزاله في خطة إخوانية وهدف للإنتربول مع التنظيم الدولي للإخوان إلا إذا كان الهدف هو الشخصنة.. حتي لو كانت في المصلحة العامة .. ولايقل متن الخبر شخصنة عن عنوانه حين يقول (يأتى ذلك فى إطار الضغوط التى تمارسها جماعة الإخوان المسلمين فى المطالبة بمطاردة يوسف بطرس غالى وإلقاء القبض عليه فى أسرع وقت ممكن وبأى شكل من الأشكال والذى تعتبره الجماعة أنه مفتاح خزينة أسرار أموال نظام مبارك فى الداخل والخارج واعتماد رموز النظام السابق عليه فى تهريب أموالهم عن طريق البنك المركزى لما له من خبرة كبيرة فى مجال البورصة وتداول الأموال والتحويلات البنكية) والأمر هنا لايحتاج إلي تعليق فقد تحول القبض علي مجرم هارب من حكم قضائي مصري وطني إلي ضغوط إخوانية وإلي أن الجماعة تراه مفتاح خزينة مبارك وكأن الجماعة شيئ والوطن شيئا خر.. وهكذا تنشر الأخبار ويتعامل الإعلام مع كل القضايا للإيحاء بأن الأخوان لهم أجندة خاصة في الحكم مع أن نفس ناشري الأخبار يتحدثون عن شأن عام وخلاف حول كارثة مصرية بحتة..بل مع خبر له علاقة بإعادة أموال مصر المنهوبة للشعب الجعان.. وقد وضحت الشخصنة في معظم التعامل الإعلامي مع الأخوان وكان أبرزها قضية النائب العام السابق الذي طالب الميدان في قمة الثورة بعزله. لكن حين يتعلق الأمر بعزله من حكومة الأخوان يتحول الهم الثوري الوطني إلي أخونة.. وهكذا دواليك في كل القضايا.ز فإذا تغير وزير أو فراش في وزارة فهو أخونة..وإذا تم ضرب الإخوان في المقطم وحرقت مقارهم فميليشيات الإخوان هي التي ضربت وسحلت.. وإذا تعثر فأر في خرابة فالإخوان مسئولين.. حتي محاولات إشعال الفتنة الطائفية يحشر فيها إسم الإخوان رغم مخالفة ذلك للمنطق الذي يقول أن الإخوان يريدون الإستقرار ليستتب لهم الحكم وليس العكس.. ولكن الشخصنة وتصفية الحسابات وخلط الأوراق وإفساح الطريق للفلول للتخريب والفوضي يقتضي هذه الأجندة الإعلامية الفاسدة والمكشوفة.. أجندة الشخصنة هي مشكلة مصر الآن وليست الأخونة كما يدعون!
----------------------
كاتب صحفي مصري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق