السبت، 23 سبتمبر 2017

الخلية: رامبو المصري يسحق الإرهاب


هشام لاشين
الإمبراطور، الباشا، السلم والثعبان ، تيتو ، افلام شكلت مايمكن إعتباره ملامح واضحة ومميزة للمخرج الفلسطيني الاصل طارق العريان والذي تعلم مبادئ الإخراج  في الولايات المتحدة الأمريكية  ، مما أثر على أعماله التي تمزج السينما العربية مع اللمسة الغربية، وتقتبس مشاهد وإسلوب بحرفية واضحة ، وهو مانلمسه بوضوح حتي في إقتباس بعض افلامه من نظيرتها الأمريكية علي غرار (الوجه ذو الندبة لا باتشينو)  وغيرها ، بالإضافة لنقل عناصر الديكور والإضاءة الأمريكية التي تمنح إحساسا بالإثارة والغموض وعدم الواقعية أحيانا حتي لو كان الموضوع واقعي مثل فيلمه الاخير (الخلية) الذي يناقش قضايا الإرهاب المحلية وابعادها الدولية .
وفي فيلم الخلية الذي نحن بصدد قراءته اليوم تدور الاحداث حول ضابط عمليات خاصة اسمه (سيف)، يقوم بالتصدي لإرهابي اسمه (مروان)، وأثناء هذه العملية يستشهد ضابط العمليات الخاصة (عمرو) وهو في نفس الوقت صديقه المقرب ، كما يصاب (سيف) نتيجة إنفجار قنبلة بجانبه، فيقسم على ان يثأر لحق (عمرو)، إلا أن العمليات الخاصة ترفض رجوعه ليتحايل بطلب مساعدة ضابط آخر يعمل على نفس ملف هذا الإرهابي، وبالفعل ينجح في إقناعه .


وهنا نلمح الفارق بين"سيف" أو أحمد عز الذي يمتاز بالمهارة وحسن التدريب والذكاء والتهور في نفس الوقت، بينما زميله أو (محمد ممدوح) ضابط بحث وتحرى وجمع معلومات هادئ غير انفعالي، وهي مقارنة تذكرنا بفيلم مبكر أيضا للعريان وهو (الباشا ) وشخصية أحمد ذكي ضابط المباحث الذي يسعي للوصول لتطبيق القانون باسلوب عنيف وبقدر كبير من التهور في مواجهة إسلوب أخر لضابط أخر، وهي شخصيات مستوحاة بدورها من أفلام أمريكية شهيرة .
وفي الفيلم سوي نري إستخداما مميزا لأماكن شهيرة بمصر باسلوب لم يسبق ان رصدته الكاميرا السينمائية بهذا الشكل في افلام روائية بفضل مهارة مدير التصوير مازن المتجول، مثل مترو الانفاق وإستخدام منطقتي الازهر والحسين مع حشد الناس الحقيقين أو تصويرهم بكاميرات غير واضحة في أوقات الذروة مما يشيع الإحساس بالمصداقية والإثارة في فيلم يعتمد هذا الإسلوب مع إستخدام إضاءة مناسبة لهذا الطقس ، ومن المؤكد أن إستخدام الكاميرا المحمولة في المطاردات بإرتعاشاتها ومناسبتها لفيلم حركة قد ساهم في تكريس عنصر الإثارة ، حيث تم الاستعانة بحوالي 9 كاميرات لتصوير مشاهد الحركة في الفيلم، وهو رقم ضخم بالتأكيد بجانب استخدام كاميرا “اسبايدر” وهي الكاميرا التي تطير في الهواء لتصوير المشاهد من أعلى بوضعية كاملة وزاوية مختلفة


وطبعا الديكور كعنصر رئيسي هام في افلام العريان سواء أكان طبيعي أو مصنوع كما في إستخدام ميدان طلعت حرب ووسط البلد وبعض الشقق المطلة هناك او عمل ديكور مواز يشعرك أنه في نفس المكان ، و هناك إمكانيات كبيرة رصدت للفيلم بما فيها إستخدامه لطائرات مما ساهم في إضفاء ضخامة علي شكل الإنتاج .

كما يتميز الحوار الذي كتبه صلاح الجهيني ببعض الجمل الرنانة مثل الحوار الذي دار بين الضابط والإرهابي حيث يحدثه الاخير عن القاسم المشترك بين رجال الأمن والإرهابيين وان كلاهما من وجهة نظره مضحوك عليه من الكبار سواء بإسم الوطنية او الدين وان التجار واصحاب المصالح هم من يستفيدون من ذلك ، وهنا يرد عليه الضابط بأن الفارق كبير ،  فالأمر في حالة الضابط يتعلق بوطن وكرامة ،ولكنه مستحيل ان يفهم هذه المعاني .
إختيار الممثلين أيضا احد العناصر الهامة في سينما طارق العريان لذلك سنجده قد وظف ببراعم أبطاله في افلام سابقة كأحمد ذكي في الإمبراطور والباشا أو أحمد السقا في تيتو،وأمامه الضابط المنحرف خالد صالح ، وهنا أحمد عز الذي يقدم دورا مميزا لضابط متهور يسبح تحت جلده وبين خلجاته ثار وإنتقام ، في حين ان ملامحه الظاهرية تبدو شيئا أخر ، وهناك طبعا باقي الممثلين مثل سامر المصري ومحمد ممدوح وأمينة خليل وريهام عبد الغفور .
حتي موسيقي هشام نزيه كانت متناغمة مع أحداث الفيلم وتجمع بين التيمات الشرقية والغربية لتلائم إسلوب العريان الذي تعود علي هذا المزج حتي في إيقاع المونتاج ، وكذلك أغنية (شر وخير) التي قدمتها اصالة نصري مع محمود العسيلي لتترجم واقع الحال داخل فيلم يتصارع داخله الخير والشر .
ويبقي الشعور الذي لابد ان يلازم المشاهد أمام هذا الفيلم للعريان او افلام سابقة له مثل (الإميراطور والباشا) وهي انك أمام رامبو أمريكي يقهر أعدائه بمنتهي البساطة ويخرج من بين الموت سالما منتصرا كل مرة، وهو مانلمحه داخل الفيلم في قيادة السيارات والقفز من فوق الجسر لداخل سيارة نقل والنجاة من الموت في أعتي المعارك، وأن كان ذلك يمكن قبوله في سلسلة افلام رامبو فإن ذلك يأخذ الكثير من المصداقية والواقعية في فيلم مثل (الخلية) حتي لو كان بطلنا هنا يقهر الإرهاب، لأن المنطق والواقعية تقتضي أن يتم ذلك باسلوب أكثر مصداقية لتصل الرسالة للمتلقي بسهولة ويستطيع هضمها .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق