السبت، 16 فبراير 2013

الثائر والإرهابي والقبيح!



بقلم/ هشام لاشين
لازلت أتذكر جيدا يوم 28 يناير الذي يعتبر تاريخا للثورة العارمة المكتملة حين خرجت الجموع من المساجد والشوارع والبيوت لتواجه مصيرها بشجاعة وتضع نهاية لعهد أسود من تاريخ مصر.. كان الثوار الذين يقودون الجموع يصرون علي كلمة سلمية كلما إشتد الحماس بالغاضبين وإتجه البعض لتمزيق صورة لمبارك أو تحطيم أي شيء واذكر في شارع العباسية قبل قسم الوايلي بقليل أن الحماس دفع البعض للإتجاه لصورة معلقة علي محل لبيع الشارات العسكرية عليه إسم حسني السيسي ويبدو أن صاحب المحل كان يتعمد وضع الصورة ايام المخلوع مقترنة بإسمه وإن كان لم يقصد بالتأكيد كلمة السيسي.. المهم أنه بمجرد الإندفاع لتمزيق الصورة وتحطيم واجهة المحل صرخ الثوار وجروا ليفصلوا بين الغاضبين وبين ذلك الفعل وهم يكررون (سلمية.. سلمية) كان هؤلاء الثوار الحقيقيون يعرفون جيدا هدفهم فأي عنف سوف يحول الثورة الرائعة إلي تخريب وقلة مندسة وغير ذلك من الإتهامات وكان من الممكن أن تنتهي هذه الثورة خلال ساعات أو ايام قليلة بنزول الجيش.. ولكن سلمية الثورة الرائعة منحتها هذا العبق وأكسبتها جلالا جعل منها درسا بليغا للعالم الذي كان يترقبنا وقتها.. والأن وبعد عامين من هم هؤلاء الذين يخربون المنشأت ويتعدون علي المباني ويحرقون ويدمرون ويرتدون الاقنعة السوداء ليعلنوا بلا ذرة حياء وفي صفاقة متناهية أنهم ثوار.. أي ثوار هؤلاء الذين يزرعون الخوف والرعب في الشوارع وعندما يقتلون يعتبرون أنفسهم شهداء؟ اي ثوار هؤلاء القافزون أسوار الإتحادية وسجون بور سعيد بالمولوتوف والاسلحة الحية؟ اي شهيد ذلك الشخص الذي نزل ليزرع الفوضي ويروع الأمنيين في الشوارع ويطالب بإسقاط حاكم منتخب بطريقة ديمقراطية؟ اي ثائر ذلك المكلوم الذي أحرق مقار وإعتدي علي أقسام ووقف أمام الكاميرات ممسكا بالطبنجات ليقتل ويصيب دون وازع من ضمير أو دين يجعل للدم حرمة..إن الفارق كبير جدا بين الثائر والإرهابي.. والذين يعيثون في الشارع المصري الان فسادا وضجيجا وعنفا ليسوا سوي إرهابيون بكل معني الكلمة.. لكن إعلامنا القبيح المزيف الموتور يصر فصيل كبير منه علي أن هؤلاء ثوار..يمنحهم كل لحظة سمات البطولة ويدفع بهم إلي أتون الدمار وينفخ في نار حريق الوطن تحت دعاوي الإنتقام من الأخوان بينما هم ينتقمون من الوطن ويشربون في نخب سقوطه ملايين الدولارات.. ليس هناك إعلام محايد كما يضحك البعض علي الناس فالإعلام لم ولن يكون يوما محايدا.. الإعلام منذ أن إحتضنته بروتوكولات حكماء صهيون لايعرف الحكمة أو العدالة أو النزاهة.. الإعلام ملك لمن يدفع ومن يمول.. والدافعون والممولون الأن لايعدوا ولايحصوا.. أحد هؤلاء باع صوريا قناته لتبث التعصب وتدافع عن الجريمة وتصف البلاك بلوك المجرمون بأنهم ثوار ومناضلون رغم إعترافهم أنفسهم أنهم وجدوا بهدف التخريب وإسقاط الإسلاميين إخوان وغير إخوان.. وهذا الرأسمالي الإمبراطور المتعصب والذي خرج من قضية تسهيل التجسس علي مصر عبر شبكته من إسرائيل يمول جرائد أخري من الباطن منها جريدة تتبني الفتنة ليل نهار تحت ستار الهجوم علي الإسلاميين بينما هي تهاجم الإسلام ذاته ..المدهش في كل مايحدث أن ألفاظ وشعارات مثل ثوار وأحرار ووطنيون تلتصق بكل هؤلاء المناضلين بهدف الخراب وإشاعة الفتنة التي هي اشد من القتل.. لقد إختلط الحابل بالنابل وساهم إعلام الفتنة في قلب الأوراق فصار الشيطان يعظ والتافه يفتي في شئون العامة.. ورغم وثيقة الأزهر الرائعة إلا أن هذا الأزهر ذاته يبدو مقصرا كثيرا في ذلك الوقت العصيب حيث يجب أن يخرج رجالا منه علي كل القنوات ليقولوا بشجاعة وجرأة أن هؤلاء الذين في الشارع تحت ستار التظاهر ومستخدمي العنف وقطع الطرقات وإحتلال القطارات ليسوا سوي إرهابيون يستحقون القتل لوأد الفتنة التي تهدد بسقوط الدولة وإنهيارها كما حذر قائد الجيش.. اي جبهة إنقاذ تلك التي تدعم الفوضي وتدمير مصر؟ اي بشر هؤلاء كيف هان عليهم الوطن وبأي مقابل؟؟ إن الفارق كبير وكبير جدا بين الثوار والإرهابيون.. بين العنف وبين السياسة ..بين التظاهر السلمي والتدمير السلبي.. الفارق كبير بين الخراب وبين  البناء.. بين الموت والحياة.. بين الشهادة والإنتحار.. لقد حاول الأعداء خلط الأوراق بين الشهادة والإنتحار ونجحوا في ذلك إلي حد كبير فتحول الشهيد الحقيقي إلي إنتحاري والإرهابي إلي شهيد.. ونتيجة هذا التصدير العولمي هو مانراه الأن.. ولكن حان الوقت لوضع الامور في نصابها وإعلان رجال الدين ولو مرة واحدة أن هؤلاء الذين يديرون العنف في الشارع الأن ليسوا شهداء.. وإنما جبناء وإنتحاريون وإرهابيون..تماما كما أعلن النائب العام حين وصف في جرأة جماعة البلاك بلوك قبل أن يعلن في نصف تراجع عدم القبض عليهم إلا متلبسين بعد هجوم الإعلام  القبيح علي قراره.. ونتمني من الله إلا يشمت هذا الإعلام في مصر بعد خرابها لأنه يدرك خطورة مايفعله.. لكن سحر البنكنوت عظيم!! والله أعظم من الجميع وسيتم نوره ولو كره الحاقدون!
نشرت بجريدة الخميس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق