السبت، 16 فبراير 2013

علي جثتي!



 بقلم / هشام لاشين
( اسف على الازعاج - عسل اسود - الف مبروك – إكس لارج)  مجموعة هامة من الافلام التي نجح بها أحمد حلمي في أن يحفر لنفسه مكانة وسط نجوم الافلام الجادة المهمومة بالوطن ومشاكله خلال السنوات الأخيرة وهاهو يواصلها بفيلمه الجديد (علي جثتي) من حيث الفكرة فقط أما المعالجة والإخراج والإنتاج فقد خيبا أملنا مما يثبت المقولة الخالدة أن النوايا الطيبة لاتصنع وحدها افلاما جيدة ..الفيلم يستخدم حيلة درامية معروفة ومشهورة لاسيما في السينما الإيطالية والأوروبية عموما وهي رصد النفاصيل والوقائع من وجهة نظر رجل بين الحياة والموت أو بالأحري في حالة من الغيبوبة وإسقاط الوقائع والأحداث علي واقع سياسي أو إجتماعي موجود بالفعل ومن أشهر من إستخدم هذا الإسلوب العبقري الإيطالي فلييني في فيلم (المقابلة) وأعمال أخري والفيلم المصري الذي كتب له السيناريو تامر إبراهيم يفتقر للإحكام ويتوه في دهاليز ويركن للمباشرة وهو يقدم لنا شخصية مدير الشركة ومالكها في نفس الوقت الذي يدير من مكتبه جميع موظفيه بميكرفون داخلي وكاميرات مراقبة بحسم واضح وديكتاتورية لاتقبل المناقشة وفي حادثة عبثية تسقط سيارته في النيل وفي المستشفي يرقد في غيبوبة ليري أثناء ذلك كل من حوله من موظفين وحتي زوجته وإبنه الوحيد يخونوه وتتحول شئون الشركة والمنزل إلي فوضي غير مسبوقة تماما كما هو حال مصر الأن بعد خلع حسني مبارك وفي عالم الاشباح يقابل المستشار (نوح) لاحظ دلالة الإسم الذي يكشف له عن خطأه التراجيدي في أهمية تطبيق القانون وروحه معا لتستقر العدالة وينصلح الحال ..وفي إفاقة تحدث مرتين للبطل يواجه من إعتقد أنهم خانوه بالعنف والتوبيخ ورغم ذلك يقرر عمل توكيل لزوجته لتدير أعماله في تناقض غريب وحين يعود للغيبوبة يتابعها من العالم الأخر فيجدها تفرح بموته وتخونه قبل أن يعود مرة أخري ويكتشف والمشاهدين معه أن كل ذلك لم يكن حقيقيا وإنما كان من وجهة نظر رجل لم يفهم طول الوقت إلا قانون جامد يطبقه وإحساس يلازمه بالتأمر من الأخرين ومحاولة حبسهم في إطار صنعه لهم وقام بإخراجه بنفسه إعتقادا منه أن ذلك يحميهم قبل أن يتعلم من هذه الرحلة ومن جولته مع ممثل العدالة الميت إكلينيكيا (نوح) أن إنقاذ سفينة الوطن لايتم إلا بمنحهم الثقة حتي يحصد العدالة والحب كما حدث في المشهد الأخير الذي يدعو للحصول علي فرصة ثانية لعودة الروح إلي جسد هذا الوطن!!
نحن إذن إزاء فكرة ألمعية ومناسبة لوقت عصيب تمر به مصر الان ولكن كيف جاءت المعالجة؟ للاسف المفردات المتناقضة التي رسمها السيناريو لم تصل لابالفكرة ولاالفيلم لبر الأمان فأولا الحاكم لأي وطن لايمتلكه مثل أحمد حلمي في هذا الفيلم وإنما هو موكل للإدارة فقط..كما أن السيناريو يعاني من تفكك مرعب وتشتت لابد وأن ينعكس علي المشاهد رغم المباشرة في العديد من المواقف والحوارات مثل هذا الحوار بين المستشار والبطل عن العدالة وتوقع معظم ردود افعال المشاركين مثل الزوجة والإبن والموظفين في كل مرة.. وللأسف يفتقر الإخراج (محمد بكير) لأي نوع من الإبداع..فظلال الأشباح واضحة علي من يسيرون في الشارع والالوان التي تكسو الفيلم لم تتغير وهي ألوان فترة الستينات والسبعينات دون دلالة واضحة أو جمالية تضيف لمعاني الفيلم والخدع البسيطة لايستخدمها بإستثناء المشهد الوحيد لجلوس البطل والمستشار فوق إعلان فودافون وهوبدوره مسروق من عدة افلام أجنبية ناهيك عن العديد من الإعلانات المحشورة بفجاجة في الفيلم الفقير إنتاجيا والذي شارك في إنتاجه احمد حلمي نفسه ببخل واضح قضي علي أي أمل في إنقاذ عمل كان من الممكن أن يكون له شان أخر لو صرف عليه ووضع في يد مخرج متميز.. تأمل مثلا السيارة الكارتونية التي تغرق في النيل في مشهد هزيل للغاية ثم كيف يركب رئيس الجمهورية صاحب هذه الملايين في الفيلم هذه السيارة المتهالكة وباي منطق.. ولازلت اذكر المخرج سعيد حامد في أول أعماله (الحب في التلاجة) وكان فيلما سياسيا من الدرجة الأولي ويعتمد علي الموت والخدع بالدرجة الأولي أيضا وكان إحدي التحف الفنية التي لازالت ذاكرة السينما المصرية تعتز بها!!
 نشرت بجريدتي الخميس وعاجل 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق