الاثنين، 14 يوليو 2014

سجن النساء!


بقلم/  هشام لاشين                                            
الفساد الفكري والسياسي والأقتصادي.. ثلاث اسباب تقف في خلفية كل الجرائم الإجتماعية والمأساويات المبكية التي  يحتويها مسلسل (سجن النساء) واحد من أهم وأجرا المسلسلات في رمضان هذا العام رغم الدعوات المطالبة بوقفه والتي إنتشرت علي مواقع التواصل الإجتماعي علي إعتبار إحتواءه علي وجبة دسمة من العري والرقص والإيحاءات الجنسية الخادشة للحياء والتي لاتتناسب مع الشهر الكريم
فرغم عدم مناسبة المسلسل بالفعل لهذا الشهر الكريم مثله مثل معظم المسلسلات هذا العام إلا أن (سجن النسا) يفجر الكثير مماهو مسكوت عنه في مجتمع يزخر بالجريمة والتحايل والأمراض النفسية الناتجة عن فوضي قيمية طغت في مرحلة مابعد السبعينيات لتأتي علي الأخضر واليابس ناهيك عن حالة القهر السياسي التي عاشها المجتمع لسنوات طويلة ولازال رغم كل شيئ
نحن إزاء ثلاث فتيات يجدن أنفسهن مضطرات لإرتكاب الجريمة باشكالها المختلفة ليجمعهن سجن النسا في النهاية حيث تتفاعل الحكايات وينكشف المستور في باطن المجتمع.. فهناك الفتاة (رضا) التي تعيش في ظروف بائسة تضطرّها للعمل في بيوت الدعارة لتدخل السجن في قضية آداب، ولكنها تستغلّ حارسة السجن الطيبة (غالية) وتهرب... قبل أن تتمكّن الشرطة من إلقاء القبض عليها مجددًا.الفتاة الثانية هي دلال التي تتعرّض للاغتصاب وتصاب لفترة بانهيار عصبي فتقرّر الانتقام من المجتمع والعمل في بيوت الدعارة. ووسط هذه الأحداث تقع دلال في حب أحد الأشخاص لتكتشف ليلة زفافها أنه متزوج من أخرى لتصاب بصدمة حادة.وغالية السجانة بدورها ضحية سجن من نوع أخر حيث تتعرض للتحايل من (صابر) الذي يستولي علي مالها وشرفها ثم يتركها ليتزوج بأخري قبل أن يعود لها مجددا ليعيد إستغلالها وتربي له إبنه من الزوجة المتوفية.. وهي علاقة من نوع غريب ويغلب عليها الطابع السادي وتزخر بتحولات نفسية مدهشة.
وربما يكون أهم مافي هذا المسلسل هو المباراة الدرامية الرائعة في الأداء بين نيللي كريم ودرة والوجه المتألق ( أحمد داود)، لذي لعب شخصية صابر والذي أعتقد أن هذا المسلسل سوف يفجر منه نجما للمرحلة المقبلة حيث يتمتع وجهه بمزيج من البرود الخارجي المعجون بإنفعالات مبالغة طائفة وشريحة من المجتمع السفلي تكشف عن الفهلوة وتجاوز كل الخطوط والأعراف في ظل غياب قانون العدالة الإجتماعية الذي يحكم علاقات الأفراد والمجتمع في كل الدنيا إلا في مصر..كما يكشف أداء نيللي كريم لشخصية غالية عن كم مدهش من الإنفعالات الداخلية المعقدة التي عبرت عنها باقتدار وهو نفس الامر الذي حققته درة تلك الشخصية المركبة والتي دفع بها المجتمع لأتون الإنحراف.. وكذلك كان أداء سلوى خطاب، وسلوى عثمان كما يكشف إخراج كاملة أبو ذكري عن الإستفادة من لغة السينما في منح المسلسل مساحات تأملية بالصوت والصورة يختلط فيه التجريد بالواقعية علي نحو خلاب ليقترب العمل من الملحمية أو البكائية الصادمة عبر سيناريو مغزول بمهارة لمريم نعوم والتي نجحت في تحديث رواية الراحلة فتحية العسال والمأخوذة عن مسرحية لها بنفس الإسم لمنح العمل ابعادا إنسانية وسياسية كشفت عن حجم الفساد والقهر في مجتمع لازال يقبع في جهالة الظلم والحقد منذ سنوات طويلة جدا... ولايزال!!
ويبقي تساؤل يفرض نفسه علي هامش هذا المسلسل مؤداه: هل الحديث عن سجن النساء في هذا التوقيت تحديدا محاولة للتغطية علي نوع أخر من السجن يقبع فيه الان ألوف المعتقلين سياسيا كل جريمتهم أنهم قالوا رأيا معارضا؟



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق