الأحد، 20 مايو 2012

فلوس المحطات الفضائية تنتخب الرئيس!!


في أول تقرير لها قامت لجنة متابعة ورصد وتقييم الدعاية الإعلامية والإعلانية للانتخابات الرئاسية برصد مجموعة ضخمة من التجاوزات علي الفضائيات المصرية خلال الفترة من 30 أبريل وحتي 10 مايو 2012 تكشف عن انحياز واضح في كثير من الأحيان لبعض المرشحين وتسفيه لمرشحين آخرين في خرق واضح لكل المعايير الإعلامية والأخلاقية.. وهو مايفجر بدوره الحاجة الملحة لتفعيل ميثاق الشرف الصحفي والإعلامي وضرورة إصدار تشريعات سريعة لملاحقة هذا النوع من الإعلام غير المهني في سوق فضائي مفتوح يحكمه رأس المال الشخصي والذي يدير الآن الحملة الانتخابية لرئيس مصر القادم حسب أهواء ومصالح هذا الإعلام.. ليصبح الشعار الأكثر دقة (فلوس القنوات الفضائية تنتخب الرئيس) بدلا من شعار (مصر تنتخب الرئيس) فلا يخفي أن توجيه الإعلام صاحب المصلحة للمرشحين في اتجاهات بعينها سوف يساهم بالقطع في هذه الحملة الشرسة والتي تستخدم فيها كل الأسلحة الآن وعلي رأسها سلاح رأس المال.

ومن ابرز التجاوزات التي أشارت لها اللجنة اتسام أداء بعض المذيعين بالتحيز والمبالغة فى التعبير عن تأييدهم أو معارضتهم لمرشح رئاسي معين بل أن بعضهم كان يتعمد تجاهل أسماء بعض المرشحين المنافسين فى إطار عرض المرشحين للرئاسة .
          ومن الامثلة البارزة فى هذه النقطة

-        قيام مني الشاذلي في  احدى حلقات برنامج " العاشرة مساءً" في قناة دريم  بإعلان تأيدها وتحيزها للمرشح حمدين صباحي .

-        قيام توفيق عكاشة في قناته الخاصة (فراعين)  بالمبالغة فى التعظيم لمرشح رئاسى محدد وفى نفس الوقت يبالغ فى التحقير والتقليل من شأن مرشح اخر ، فى صياغة لاتليق بمخاطبة المشاهدين ووصف المرشحين بهذه الطريقة المعيبة ، حيث يصف احد المرشحين بان " جزمته برقبة  فلان  " ويقصد مرشح أخر منافس فى الانتخابات الرئاسية ..كذلك قيامه بتقييم مرشحي الرئاسة حين تساءل عن من فيهم تولى منصب سياسى او برلمانى قبل أن يجيب على نفسه أنه لايوجد سوى حمدين صباحى او محمد مرسى ، وتسال أيضا مرة ثانية عن أي من المرشحين قد تولى مناصب سابقة اى رجل دولة واجاب احمد شفيق وعمرو موسى ، واستطرد المذيع مدعما اجابتة بمثل شعبى لايليق بالمقارنة مع السياق المستخدم فية بان " الحلاق يتعلم فى رأس اليتيم " واختتم عكاشة تعليقة بان مصر فى هذة الظروف السيئة تحتاج الى رجل دولة مما يوضح تحيزة ومحاولة تاثيرة على اتجاهات التصويت لدى الناخبين ..وفي حلقة أخري أكد  توفيق عكاشة أن المنافسة بين مرشحي الرئاسة هي فقط بين المرشح أحمد شفيق والمرشح عمرو موسى متجاهلاً أحد عشر مرشحاً للرئاسة ومتحيزاً لهذين المرشحين دون غيرهم بإدعاء أن غيرهم من المرشحين ليس لهم أي رصيد جماهيري بين الناخبين

-        وفي حلقة 6/5 من برنامج "السادة المرشحون" بقناة "اون تي في لايف " تعرض مقدم البرنامج ابراهيم عيسى بالسخرية والتشويه لشخص حمدين صباحي المرشح الرئاسي حيث تحدث عنه بطريقة غير لائقة وبأداء يتسم بالتقليل من شأنه والتندرعلى اسمه واعتباره كمرشح للرئاسة واختتم ابراهيم عيسى وأسرة البرنامج بجزء من فيلم الآخر للمخرج يوسف شاهين متعمداً التأكيد على أن تاريخ المرشح يتضمن قيامه بالتمثيل بدور ثانوي في أحد الأفلام السينمائية بهدف التأثير على اتجاهات التصويت لدى الناخبين نحو المرشح بطريقة سلبية وتتسم بالتحيز.. والطريف أن إبراهيم عيسي نفسه قام بالتمثيل مع تلميذ المخرج (خالد يوسف) في دور ثانوي أيضا فهل كان لايري في ذلك عيبا وقتها؟!!

-        ومرة أخري تعود اللجنة لتوفيق عكاشة الذي نال نصيبا كبيرا من النقد في في حلقة يوم الأحد 6/5 من برنامج مصر اليوم بقناة الفراعين حيث أكد أن مشروع النهضة الذي يتحدث عنه الإخوان مأخوذ من دولة قطر وصاحب هذا المشروع هو الشيخ جاسم السلطان مسؤل المخابرات القطرية ، واختتم عكاشة حديثه موجهاً الدعاية المضادة للمرشح عبد المنعم أبو الفتوح "أنا قولت قبل كده إن أبو الفتوح مرشح قطر..محدش صدقني"
-        كما أشارت اللجنة لنوعية أخري من التجاوزات خاصة بتوجيه الأسئلة الإيحائية للشخصيات القيادية المؤثرة التي تمثل قيادة الرأي في المجتمع وتؤثر اتجاهاتها التصويتية على الإتجاه التصويتي للناخبين نحو مرشح محدد من مرشحي الرئاسة ،حيث قام بعض المذيعين بسؤال بعض هذه الشخصيات عن المرشح الرئاسي الذي سوف يقوم بالتصويت لصالحه مما قد يؤثر بالتأييد والتدعيم للمرشح الرئاسي الذي يؤيده لدى الناخبين ،وفي نفس الوقت قد يتضمن تأثيراً سلبياً ضمنياً للمرشحين الرئاسيين المنافسين..ومن أمثلة هذه الحالات قيام  جيهان منصور مقدمة برنامج "صباحك يا مصر " في قناة دريم بطرح سؤال عن المرشح الذي سوف يؤيده عدد من ضيوفها من الصحفيين وأعضاء مجلس الشعب في انتخابات الرئاسة القادمة مما قد يعطي الفرصة للمتحدثين من الضيوف على تقديم إجابات تدعم المرشح الرئاسي الذي يؤيدونه أو توجيه الدعاية المضادة ضمنياً للمرشحين المنافسين.

-        وفي يوم الأثنين 7/5/2012 بقناة صدى البلد سألت مقدمة برنامج " ستوديو البلد" المذيعة رولا خرسا ضيفها النائب سعد الحسين عضو مجلس الشعب عن من سيعطي له صوته في انتخابات الرئاسة القادمة ليجيب أنه سيعطي صوته لمحمد مرسي مرشح الإخوان ،لتسأله مرة أخرى عن فرص فوزه بالمنصب ليجيب بأنه تتزايد وأنه في المرتبة الأولى وأنه يتفوق على المرشحين الآخرين المنافسين للرئاسة بما يملك من مقومات وامكانيات.

-        وقد سأل مقدم برنامج "مصر الجديدة " المذيع معتز الدمرداش ضيفه الكاتب الصحفي عن من سيفوز في انتخابات الرئاسة القادمة ورأيه في فرصة مرشح الإخوان المسلمين محمد مرسي فيجيب أن السباق يكاد ينحصر في انتخابات الرئاسة في عمرو موسى أولاً وعبد المنعم أبو الفتوح ثانياً ويأتي بعد ذلك أحمد شفيق أو محمد مرسي وهو الأمر الذي سيؤثر على اتجاهات التصويت لدى الناخبين بالإيجاب أو السلب.
§      وقد اشار التقرير أيضا إلي حالات عديدة أخري من أساليب ونماذج الدعاية المضادة بين المرشحين للرئاسة في الفضائيات ووسائل الإعلام كما اشار التقرير غلي التجاوزات في المناظرات بين المرشحين وخصوصا ماحدث في دريم والأون تي في بين عمرو موسي وابو الفتوح حيث اشار التقرير إلي عدم وجود مبررات علمية أو موضوعية منطقية تبرر تعمد اختيار هذين المرشحين دون غيرهما لنبدأ باستثناء استطلاع الرأى الذى وضعهما فى ترتيب متقدم عن غيرها من المرشحين ،وقد شكك بعض المشاهدين فى نتائج هذه الاستطلاعات وافتقادها إلى الدقة والموضوعية .

-        كما أشار إلي تقديم المذيعين الذين قدما المناظرة حيث اتسم بالمبالغة والتحيز احياناً فى وصفهما بالأبرز والأفضل والأخرى قالت انهما اثنين من اقوي المرشحين ثلاث مرات خلال تقديمها للمناظرة مما يعكس شكلا من الدعاية المساندة المبالغة فى تعظيم مكانتهما بالمقارنة بالمرشحين المنافسين .

-        .أما الامر الأكثر خطورة كما يري التقرير فهو أن فريق الإعداد والتقديم سيقوم بتقديم وإعداد مناظرة ثانية لنفس المرشحين فى 17/5 بين عمرو موسى وعبد المنعم ابو الفتوح للمرة الثانية وهو الأمر الذى على درجة عالية من التحيز المتعمد وإعطاء فرص أكثر لهذين المرشحين دون غيرهم من المرشحين المنافسين للرئاسة للتأثير على الرأى العام والحصول على هذا الحجم الكبير من التغطية الإعلامية لبرامجهما الانتخابية دون غيرهما من المرشحين المتنافسين فى الانتخابات الرئاسية .
-         
-        ومن النقاط الخطيرة التي أشارت لها اللجنة  ضوابط الدعاية الانتخابية التي أصدرتها اللجنة القضائية العليا لانتخابات الرئاسة والتي تنص على أنه" لا يجوز لوسائل الإعلام نشر أي استطلاعات للرأي حول الانتخابات الرئاسية ما لم تتضمن حجم العينة وأسلوب إجراء البحث وطريقة جمع البيانات ونسبة الخطأ المحتملة في نتائجه، ويحظر نشر أو إذاعة هذه الاستطلاعات خلال اليومين السابقين على اليوم المحدد للاقتراع وحتى إنتهائه".

-        وقد لاحظ أعضاء اللجنة أن نشر العديد من هذه النتائج للاستطلاعات وإعادة بثها في بعض البرامج الخاصة بالقنوات الفضائية كبرنامج "90 دقيقة" في قناة المحور وبرنامج "صباحك يا مصر " في قناة دريم "1 "  وبرنامج "مانشيت" في قناة او تي في ،قد تم دون الإلتزام بالشروط التي حددتها المادة السابقة مما يعد مخالفة لقواعد الدعاية الانتخابية فضلاٍ عن المبالغة في التعميم بأن "المرشح فلان هو الأول أو في المقدمة وان المرشح علان فى الترتيب الاخير بين المرشحين للرئاسة " وان فئة معينة الأكثر تأييدآ لهذا المرشح دون غيرها ، وان معظم سكان محافظة كذا يؤيدون المرشح فلان عن غيره من المرشحين المنافسين وكلها معلومات تستند الى عينات محدودة العدد ولايمكن ولا يجوز التعميم على المجتمع بمثل هذه النتائج التى قد تفتقر الى الدقة والعلمية .. هذا غير إستخدام الفتاوي الدينية لدعم مرشحين بعينهم أو إستبعاد أخرين وعدم توفير ترجمة بلغة الاشارة للناخبين من الصم والبكم .. وقد خلص التقرير في النهاية إلي أنه من أخطر القضايا التي اثارتها هذه التغطيات الإعلامية لإنتخابات الرئاسة مايتعلق بالقواعد المهنية والأخلاقية التي تحدد أسلوب تنظيم وتقديم وإعداد المناظرات التليفزيونية بهدف تحقيق الفرص العادلة والمساواة بين المرشحين ومساعدة الناخبين في المقارنة والمفاضلة فيما بينهم..وكذلك الازدواجية والتداخل في الأدوار والوظائف التي يقوم بها بعض الصحفيين والإعلاميين ،إذ أن بعضهم يشارك في الفرق المصاحبة التي تشارك في تخطيط الحملات الإنتخابية لأحد المرشحين ،وفي نفس الوقت يشارك في التغطية الإعلامية للانتخابات في الجريدة أو القناة الفضائية التي يعمل بها وهو الأمر الذي يطرح قضية التقنين الذاتي للممارسة الصحفية والإعلامية ..كذلك نمط الملكية الخاص بالقنوات الفضائية التليفزيونية وعلاقته بقيادة وإدارة الأحزاب السياسية والعمل السياسي في مصر، إذ أن الأمر يستلزم صياغة تشريع ينظم ملكية القنوات الفضائية لبعض القيادات والاتجاهات الحزبية السياسية..كذلك أهمية الالتزام بالضوابط والقواعد الخاصة بنشر النتائج الخاصة باستطلاعات الرأي العام في الانتخابات في وسائل الإعلام من حيث حجم العينة وأسلوب جمع البيانات ونسبة الخطأ وتوعية الأسئلة ،فضلاً عن حظر النشر والإذاعة لنتائج الاستطلاعات في الفترة السابقة على الاقتراع بيومين اثنين.

هشام لاشين
تم النشر بجريدة المشهد