الأربعاء، 24 ديسمبر 2008

هشام لاشين يكتب عن الشيخة مي.. وزيرة الثقافة والإعلام البحرينية

في الوقت الذي تتراجع فيه قيمة الثقافة في عالمنا العربي ويكتسح الإعلام في طريقه كل شيء عبر منظومة العولمة التي لم تترك الأخضر ولا اليابس .. تتخذ مملكة البحرين قراراً بلم الشمل وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح بعد تسلم الشيخة مي بنت محمد آل خليفة حقبة وزارة الإعلام والتي صارت ( الثقافة والإعلام ) معاً بما يعكس اتجاها جديداً لتدشين قيمة الثقافة في الحياة البحرينية المعاصرة وهو توقيت قد لا يخطأه المتابع للمشروع الإصلاحي والذي يتجه للتنمية البشرية في مناحي عديدة .. كما أنه تزامن مع تدشين يوماً للمرأة البحرينية يتم الاحتفال به سنوياً بعد جهد كبير ومتواصل من سمو الشيخة سبيكة بما يعني أن البحرين تعيش عُرساً ثقافياً واجتماعياً وإعلامياً في هذه المرحلة .. أن دمج الثقافة والإعلام في الوقت الراهن بات ضرورة مُلّحة في ظل سيادة أفكار التفاهة والتسطيح الفكري .. بل وغياب توجه إعلامي عربي حقيقي يحافظ على الهوية المفقودة التي تاهت في دهاليز ثقافة الفيديو كليب والمسلسلات التركية الروائية وأفلام كاوبوي العصر المغرور بصلفه و الخالي من العمق والغارق في الضحالة .. الثقافة الحقيقية الآن ضرورة وليست ترفاً لخلق بيئة موحدة قادرة على مواجهة دعاوى الفتنة القادمة من كل صوب وحرب لتشتيت أمتنا وجرها إلى دروب جانبية لتنشغل عن حقيقة ما يحاك لها في الظلام .. ومن المؤكد أن الشيخة مي جديرة تماماً بهذا الموقع بحكم خبرتها بل وبحكم غيرتها على الثقافة والتراث الوطني التي تولت منصب وكيل وزارته ذات يوم وكانت تدخل في معارك شرسة ضد خصوم معظمهم رحلوا من مناصبهم الآن وظلت هي فلا يصح إلا الصحيح في النهاية . وتعتبر الشيخة مي ثاني وزير في التشكيلة الحكومية الحالية مع د. فاطمة البلوشي وزيرة التنمية الاجتماعية ، وثالث وزيرة في تاريخ التغييرات الوزارية حيث سبق أن شغلت عضو مجلس الشورى ندى حفاظ منصب وزيرة الصحة. والشيخة مي بنت محمد آل خليفة تولت منصبها الحكومي كوكيلة لوزارة الإعلام في عام 2002، وهي متزوجة ولها ثلاثة أبناء (هلا وخالد وزين)، واختارتها مجلة «فوربس» من بين أقوى 50 شخصية عربية. وهي تلعب دورا رياديا في دفع نمو الثقافة والفنون في البحرين، بالإضافة إلى كونها وقبل توليها مناصبها الرسمية كاتبة وباحثة في مجال التاريخ. وهي أيضا تدير وتشرف على مجموعة من المراكز الثقافية ومجموعة متنوعة من البيوت الفنية، مثل بيت الشعر وبيت التراث الصحفي. حصلت الشيخة مي على درجة ماجستير في التاريخ السياسي من جامعة «شيلفد» في انكلترا. وكانت السباقة إلى تأسيس أول مركز للبحوث بمدينة المحرق وبيت فن الصوت وبيت الكورار لفن التطريز الذي تمارسه المرأة البحرينية. كما أسست مشروع إقرأ، وهو عبارة عن مكتبة للأطفال لتشجيعهم على القراءة. كما حصدت الشيخة مي جوائز عديدة منها جائزة المرأة العربية المتميزة في مجال القيادة الإدارية من مركز دراسات المرأة في باريس. وتنحدر الشيخة مي بنت محمد آل خليفة من أسرة أدبية وعلمية، وبرزت في منتصف التسعينيات بوصفها باحثة تهتم بالتاريخ الخليجي الحديث، ولها في هذا المجال سبعة مؤلفات هي: مع شيخ الأدب في البحرين، الأسطورة والتاريخ الموازي، سبزآباد ورجال الدولة البهية، من سواد الكوفة إلى البحرين، 100 عام على التعليم النظامي في البحرين، تشارلز بلجريف: السيرة والمذكرات، عبد الله بن أحمد محارب لم يهدأ. وبعد أقل من شهر من تولي الشيخة مي منصبها قامت بثورة شاملة بدأت بإنهاء خدمات الرئيس التنفيذي لمشروع التسويق والترويج السياحي المكلف بإنشاء هيكل هيئة السياحة محمد ناس وعينت بدلا منه الخبيرة المصرية الدكتورة هبة عبد العزيز التي كانت تعمل كمديرة لتطوير الإعمال في شركة جميرة في دبي ولاشك أن قطاع السياحة والترويج داخل الهيئة من القطاعات الهامة للنرويج الذي تحتاجه المحطات الفضائية فما بالنا بالتلفزيون المحلي .. كما تم ترشيح عضو مجلس الشورى سميرة رجب كوكيلا للوزارة وهو ترشيح في مكانه أيضا نظراً لخبرات السيدة سميرة الثقافية ناهيك علي وضعيتها كامرأة حققت تميزا في البحرين علي وجه الخصوص وفي الخليج عموما .. كما تم ترشيح السيد البابلي مستشارا للشئون الإعلامية ومحمد البنكي لشئون الإذاعة والتلفزيون وعبد القادر عقيل لمنصب الوكيل المساعد لشئون الثقافة والتراث الوطني بدلا من الشيخ راشد بن عبد الرحمن آل خليفة الذي ولي رئاسة هيئة الإذاعة والتلفزيون.. باختصار هناك تغيير قادم يتناسب مع الثورة التكنولوجية في العالم الآن وبما يجعل تلفزيون البحرين محطة تحظي بالمتابعة من جمهور عريض انفض تماما من حولها عبر السنوات الأخيرة.. إن المشهد البحريني الآن يحتاج وبقوة إلى ذلك الدعم الثقافي الإعلامي .. يحتاج للكتاب وللمسرح وللسينما والبرامج التلفزيونية الهادفة .. البحرين التي عرفت التعليم كأول دولة في منطقتها عليها أن تواصل المشهد الثقافي وتتبوأ رايته .. لا تراجع ونحن ندشن للمرأة شعار ( القراءة والتعلم والمشاركة ) .. لا تراجع وهناك مثقفة جسورة وغيورة وطنية بحجم الشيخة مي .. فهل ننتظر طفرة ثقافية إعلامية خلال الأيام القادمة ؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق