السبت، 14 ديسمبر 2013

رحلة رومانسية!!



بقلم /هشام لاشين

هل صحيح أن الأذن تعشق قبل العين أحيانا؟ أعرف أن توقيت السؤال غريبا.. فكيف تكون مصر في مأتم كبير وإحباط غير مسبوق ومستقبل غائم وقهر مهين وأنا أتحدث في العشق؟ ربما أردت عقد إستراحة مع الذات أو مع من يقرأني.. إستراحة لإلتقاط الأنفاس والبحث عن معني لحياتنا وسط كل هذا الركام المزري من المشاعر.. فهو دائما الحب الذي يسحبنا علي أنوفنا ويرغمنا علي الاستسلام لمشاعر رائعة تسبح بنا في خيالات مدهشة وتحول الدنيا إلي شاشة سينمائية بالألوان الطبيعية تشبه هذه الألوان التي ظهرت في السينما المصرية في بداية عهدها بالألوان فقد عشقت هذه الألوان لقدرتها المدهشة علي إحداث البهجة وإشاعة الزخم والرغبة في الحياة المزينة باقواس القزح والرسم التشكيلي الخلاب.. نعم الاذن تعشق قبل العين أحيانا.. فحين تتوحد الأرواح وتتعانق الأفكار وتنساب المشاعر في هارموني واحد فلابد أن يتولد العشق وكل ذلك يمكن أن يحدث عبر الاسلاك والمسافات والقطارات والطائرات.. حالة من الشجن والشوق والفرحة والصفاء بمجرد التوحد مع صوت يبعد عنك عشرات أو مئات الاميال ثم يصر هذا القادم الغامض المدهش الاسر الا تراه رغم التكنولوجيا التي كسرت كل المسافات.. حالة من الوجد والحنين لزمن الابيض واسود حين كان الحبيب يحوم حول منزل حبيبته من بعيد وياسعده ياهناه لو فاز بنظرة أو صدفة قربته منها ويوم أن يكون هناك تليفون منزلي فهو ينتظر الفرصة التي يبعد فيها الأهل ولو ثواني ليختلي بحبيته في مكالمة قصيرة يظل بعدها يرقص فرحا وتنام هي علي أحلام وردية وأمل بلقاء قريب قد يحتاج اسابيعا أو شهورا.. يسقط الموبايل ولتذهب التكنولوجيا إلي جحيم في زمن اللارومانسية واللاحب.. زمن يجري فيه كل شيئ سريعا حتي الحب والزواج والطلاق.. زمن مادي لايعرف غير الفواتير والشيكات والرصيد في البنوك ويفتقد السعادة رغم كل ذلك..زمن يصفق فيه البعض للقتلة ويشمتون في الحرق والسحل وإقصاء الأخر إلي الجحيم.. زمن يباع فيه الحب علي أرصفة الشوارع وأجهزة الأنترنت والموبايل بثمن بخس وقصير جدا جدا مثل اي رغبة في ماخور.. تسقط التكنولوجيا التي جعلت كل شيئ رخيصا وعابرا ومتاحا وربما مقززا..لازلت أتابع أفلام الأبيض واسود وأغنيات حليم وأم كلثوم بشجن جارف لأهرب من حصار أخبار المجرمين والقتلة في وطننا المنكوب بالسفاحين ومصاصي الدماء.. اسرح مع شوارع خالية إلا من حبيبين بجوار شجرة علي نهر النيل أوحديقة غناء مثل حديقة الأندلس في الايام الخوالي حين لمحت صورة لي مع اشقائي فوق تلك الاسود أعلي بحيرة بديعة وسط ألوان مبهجة وهدوء لايقطعه إلا اصوات العصافير وبجوارنا والدتي رحمها الله وأبي أطال الله في عمره.. وحين أشاهد فيلما مثل معبودة الجماهير وأتابع ذلك اللقاء بين شادية وحليم في نفس المكان الذي إلتقطت لنا فيه الصورة تتشابك الأفكار والمعاني واسترجع مصر التي كانت يوما جميلة قبل ان يتصدر التبجح والقبح كل شيئ.. مصر الهامسة الرقيقة الخجولة التي تقطر حياءا ومودة لم تعد كما كانت.. ورغم ذلك لازلت متمسكا بها في ذاكرتي وأحلامي وهروبي من أكاذيب نتنفسها الأن ليل نهار بعد أن أدمناها.. أنا ذاهب لأعيد إكتشاف رهاني علي إمكانية إستعادة حالة من الصفاء والخجل في الجنوب حيثت لازالت القيم بخير.. رهاني علي إمكانية أن تعشق الاذن قبل العين أحيانا في زمن العناق من أول لحظة عابرة حيث العولمة والنخاسة والنجاسة من أول نظرة.. قد تكون رحلة للتطهر والامل في إستعادة ولو أقل القليل من الزمن الجميل.. فهل سأنجح في رهاني ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق