الأربعاء، 18 يوليو 2012

إن خرب بيت أبوك!


بقلم/ هشام لاشين

ثلاث قضايا ساخنة عاشتها الإسكندرية خلال الايام الماضية ولازالت تداعيات بعضها تفرض نفسها حتي الأن.. فقد دعيت لحضور فعاليات مهرجان الموسيقي العربية الذي تنظمه دار الأوبرا كل عام وتوقف العام الماضي بسبب أحداث الثورة ولكنه إستأنف هذا العام لتأكيد الارتقاء بالأغنية العربية والتواصل بين التراث القديم والغناء الحديث الجاد والهادف في ظل فوضي عارمة تجتاح حياتنا الثقافية والفنية عموما وفي ظل محاولات البعض لإشاعة المخاوف من صعود الإسلامين للحكم وذلك رغم تأكيد الرئيس المنتخب إحترامه للفن والفنانين في ثاني خطاب له بمجرد تولي منصبه لكن هناك طبعا من ينفخون في النار طول الوقت حتي لايستقر الوطن.. المهم أن المهرجان الذي دعت له الدكتورة إيناس عبد الدايم رئيس دار الأوبرا وأدارته وأخرجته هذا العام جيهان مرسي ببراعة واضحة بدأ مفاجأته بصعود هاني شاكر في أول ظهور له بعد وفاة إبنته ليغني وقد فوجئ بتصفيقا حادا لمدة دقائق بمجرد ظهوره علي المسرح. وخلال ليالي المهرجان كان هناك كوكبة من رواد الفن الأصيل والراقي في مصر مثل علي الحجار وجنات وخالد سليم وسومة ومحمد الحلو وريهام عبد الحكيم وكان هناك شعورا سائدا بأن مصر أم الدنيا لازالت قادرة علي تقديم الشجن والعذوبة والأصالة رغم حالة خلط الأوراق التي نعيشها.. ولكن يبدو أن الزخم الفوضوي والسياسي لم يترك الفرصة لنهنأ بلحظات علي أرض عروس البحر الأبيض المتوسط فبعد ساعات من إفتتاح المهرجان كان حادث سقوك عمارات حي الجمارك والتي ألقت بظلالها علي حالة الفساد التي عاشتها مصر ماقبل الثورة وإلتحمت بحالة التسيب والإنفلات والأنانية التي سيطرت علي الشعب المصري بعد الثورة فانطلقت المظاهرات الفئوية في كل إتجاه بينما توازي معها البناء دون ترخيص بإرتفاعات مرعبة في كل إتجاه وكدت أبكي من المرارة التي تحدث بها محافظ الإسكندرية علي الشاشة وهو يقرر أن المباني المخالفة ماقبل الثورة وصلت إلي 12 ألفف عقار طوال سنوات طويلة في حين تم بناء 8 ألاف عقار مخالف بعد الثورة ..وسخرت من قناة الجزيرة التي إستضافت بعض الجهلاء ليتحدثوا عن دور الفساد في بناء هذا الرقم الأخير بعد الثورة ولم يحاول أحدهم أن يقول لنا ومن المسئول عن بلطجة شعب يرفع شعار مزري (إن خرب بيت أبوك إلحق خدلك قالب) وهو مثل فظيع في الجشع والإنحطاط كانت نتيجته تجاوزات بالألاف في البناء مما أدي لسقوط (القوالب) علي رأس الناس.. وكنت أتمني أن يصعد شخص شجاع ليدين الطمع والأنانية التي أدت بنا لهذه الكوارث ونحن علي أعتاب شهر رمضان الكريم لكني لم أسمع سوي شجب لمسئولين.. وفي اليوم التالي للكارثة ظهر فصيل المشجعين للتظاهر ضد زيارة كلينتون للإسكندرية وإفتتاح قنصلية لها وبهم بالمناسبة عدد كبير من نشطاء ماسبيرو وحركة مايسمي بالاشتراكيين الثوريين في الإسكندرية ، وبعض الطلاب .. وكانت الدعوة لذلك قد إنطلقت في القاهرة أولا بعض وصلة شحن وسب وصراخ لتوفيق عكاشة علي قناته الملاكي فراعين بهدف إثارة الفتنة وإشاعة الفوضي وعدم الإستقرار في مصر مابعد الإنتخابات وقد إستخم ألفاظ يعاقب عليها القانون موجهة لفصائل وطنية معينة كما قام بخلط الأوراق كعادته ولاقي إستجابة قلة ذهبوا للسفارة الأمريكية في القاهرة والإسكندرية ولست أدري هل من الديمقراطية أن نترك هذا الرجل يرفع المكبرات الفضائية كل ليلة للتهيج والإثارة وتخريب الوطن أم أنه أن لهذا العبث أن يتوقف.. وهكذا جاءت محاولات الموسيقي العربية بهدف تهذيب الروح وإشاعة البهجة والأمل في الغد في مواجهة الفساد والفوضي ومحاولات التخريب والشحن السلبي لتكشف هذه المواجهة غير المرتبة عن حالة مصرية معاصرة ولحظة طويلة متأججة من عمر الوطن تجسدت علي أرض كانت رمالها زعفران قبل أن يزحف القبح والقذارة التي تحيط بشارع الكورنيش وكل الشوارع ليس بفعل المسئولين فحسب وإنما بفعل شعب زرع فيه نظام مبارك علي مدار ثلاثون عاما مثلا لم أري أقبح منه في حياتي يقول (إن خرب بيت أبوك إلحق خدلك قالب)!! وهاهي العمارات تنهار قالب قالب فوق رؤسنا دون أن ندرك أننا جميعا خاسرون!!


.نشرت بجريدة الخميس

.