الجمعة، 25 مارس 2016

وزير قارة السينما الإفريقية


بقلم/ هشام لاشين
قابلت في الإسبوع الماضي وزير قارة إفريقيا المتحدة .. رجلا عنيدا مشبع بالحركة والوطنية والطموح لجعل القارة السمراء كتلة واحدة تنصهر فكريا وإبداعيا بل وسياسيا للتعارف وتتكامل لتحقيق امال واحلام شعوبها.. هذا الوزير الذي التقيته وعايشته علي مدار العامين الأخيرين اسمه سيد فؤاد الذي سبق وأطلقت عليه عمدة الاقصر السينمائي، قبل ترقيته كوزير بلا وزارة يقوم علي مدار سبعة ايام كل عام بما لايستطيعه وزراء كثيرون لجمع شتات إفريقيا والعرب (الإمتداد الإستراتيجي لأمننا القومي) حول مشاكلهم وأحلامهم عبر السينما والورش الفنية والندوات والإتفاقيات.. فعلي ارض الأقصر السينمائي كان هناك وزراء ثقافة عرب وافارقة يستقبلهم فنانين ويلتقون علي مائدة واحدة كلها حب وفهم وعمل، وكان هناك فنانيين كبار واكاديميين مهمين علي غرار هايلي جريما بل وحتي النجم العالمي داني جلوفر قطع تصوير فيلمه بببلغاريا ليلبي نداء الأقصر ويرقص مع المزمار الشعبي ويركب الحنطور قبل ان يقدم مؤتمرا صحفيا حاشدا بين ضفاف معبد الاقصر لتطوف هذه الصور العالم لتقول دون طنطنة او تكلفة بملايين الدولارات اننا بلد أمن ورائع ويستحق زيارتكم وإنبهاركم (ملحوظة: لم يتقاضي الرجل مليما واحدا كما هو العرف في المهرجانات مقابل الحضور)
هكذا ينجح سيد فؤاد فيما فشل فيه وزراء كثيرون خصوصا في اعقاب ثورة وتداعيات فوضوية خطيرة أطاحت ببقايا السياحة التي كانت تأتي إلينا.. والحقيقة ان هذا المجهود لوزير القارة الإفريقية ومجموعته التي علي رأسها مديرة المهرجان والوزارة الدينامو عزة الحسيني التي تتحرك في كل إتجاه وتفعل المستحيلات لينهض هذا المهرجان في 5 سنوات فقط ليصبح واحدا من اهم المهرجانات الفنية والسياحية في العالم ، كل هذا المجهود يجعلنا نشعر بالفخر بهؤلاء الذين يمارسون شعار حب الوطن بلا طنطنة او كلمات جوفاء فهم يقدمون لنا تجربة عملية في إمكانية فعل المستحيل لو تحقق الإخلاص ونبع حب الوطن من القلب .
والمدهش ان وزير القارة السمراء غير الرسمي ظل يعاني حتي قبل إسبوع واحد مع الوزارات الرسمية ليصرف شيكات الدعم البسيطة ويسدد تذاكر الطيران وتكاليف إقامة الضيوف ومطبوعات المهرجان، وكأنه كان اكثر حرصا علي الوجه المشرف للوطن في الخارج أكثر ممن هم منوط بهم فعل ذلك بحكم مواقعهم وهو أمر يثبت أن المزايدة الوطنية القبيحة من البعض هو نوع من التصرفات تكشف عن حجم الفشل الكبير ومحاولة التغطية عليه بالخطب والشعارات.. في الوقت الذي كان فيه سيد فؤاد وعزة الحسيني يمارسان الفعل الوطني المبدع دون تصريحا واحدا يقولان فيه أنهما يحبان مصر.. أو تحيا مصر التي نسمعها في كل مناسبة الأن، بينما نمارس علي الجانب الأخر كل انواع الإساءة والكراهية لها .

لقد عشنا أجواءا ساحرة في مدينة إستثنائية  يعتبرها العالم متحفا مفتوحا لبضع ايام ومنذ لحظة الإفتتاح كان الإتجاه لمعبد حتشبسوت عبر كرنفالات شعبية لتعزف موسيقي الهارب ويصعد النجوم في خلفية المعبد التاريخي تغلفه إضاءة كرست المزيد من سحره وغموضه بينما يحمل شريط الصوت لنا أغنيات العزبي المغلفة لرقصات محمود رضا وفرقته للأقصر ولحتشبسوت ، بينما يتسلل إلينا صوت فنانة مدهشة هي سلوي محمد علي لتعلن (بإعتبارها حتشبسوت نفسها) ترحيبها بالضيوف ، وأزعم ان هذه الاساليب الترويجية فيها قدر كبير من الابتكار والإبداع معا القادران علي الجذب السياحي ناهيك عن الترويج العالمي، وكل ذلك بفضل وزير بلا وزارة رسمية إختار أفضل المساعدين وقدم درسا عمليا في حب الوطن ليرد به علي المزايدين، وتجار الوطنية الجوفاء، وهو مايستحق كل الدعم والتشجيع من الوزارات الرسمية والدولة كلها خلال السنوات القادمة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق