السبت، 16 يناير 2016

سيد فؤاد..عمدة الأقصر السينمائي


سيد فؤاد..عمدة الأقصر السينمائي
بقلم- هشام لاشين
علي مدار أربع دورات متتالية حقق مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية -أحد أهم مشروعات مؤسسة شباب الفنانين المستقلين التي فكر فيها وأبدع لها الكاتب والسيناريست سيد فؤاد- نجاحا وتطورا ملحوظا وسريعا بسبب العمل الدؤوب وإصرار المحترفين الذي يقدم بدوره درسا في العمل الإداري لأي مهرجان ناجح . .
في البهو الخارجي لفندق المهرجان سوف تجد سيد فؤاد يجلس علي أحد (مصطبات اللوبي) مرتديا جلبابا صعيديا مهندما يناسب طبيعة المكان والمهرجان في أقصي الجنوب المصري وكأنه عمدة خرج ليرتب ،ويفرد الأوراق ، وأجهزة اللاب توب ،وحوله مجموعة متناغمة من النقاد والمساعدين للإعداد لحظة بلحظة لكل تحرك وخطوة لها علاقة بالافلام او الضيوف والندوات ، وفي ركن أخر سوف تجد دينامو المهرجان ومديرته السيدة الفاضلة عزة الحسيني شعلة من النشاط والحيوية التي لاتتوقف عن الحركة فهاهي  تحاور هنا وتشير وتضع بنفسها اللافتات هناك وقد تجدها مشغولة بتجهيز قاعة للندوات، كل ذلك والإبتسامة لاتفارق شفتيها رغم أن عقلها مشغول بتدبير نفقات لاينتبه اليها الكثيرون وسط إمكانات محدودة ودعم فقير إلي حد كبير من الجهات المسئولة أو بعض الرعاةالمتحمسين ، فاذا كان سيد فؤاد هو عمدة هذا الحدث المشغول بالأتصالات الرسمية مع الاجهزة  فعزة هي شيخ البلد الذي لاتخفي عليه صغيرة أو كبيرة ومطلوب منه حل المشاكل بأي صورة ومهما تكلف الأمر بإعتبارها مايسترو الكواليس الذي يضع اللمسات ليخرج الحفل في منتهي الدقة والتألق ، لذا فهي تقاتل بروح عالية حتي تصل للهدف مهما تكبدت من سهر وإرهاق بدني وذهني . .
هنا في الاقصر والذي يستعد لدورته الخامسة بعد شهرين حالة تناغم حقيقية تعتبر نموذجا لأي مهرجان ناجح فما بالك بمهرجان لم يمضي عليه سوي 4 سنوات.. ففي الوقت الذي كانت مصر مشغولة بثورات وجولات ومعارك داخلية وخارجية كان سيد فؤاد يعكف علي تشييد اسوار دولة المهرجان الإفريقي الذي جاءت فكرته نتيجة الغياب التام للفيلم الإفريقى فى مصر بالإضافة إلى افتقار محافظة الأقصر إلى أى أنشطة ثقافية وفنية على مدار العام ، فكان لابد من كسر مركزية الفنون ونقلها من القاهرة والإسكندرية إلى مدينة الأقصر الساحرة .
هكذا نجحت مؤسسة غير حكومية بتنظيم حدث ثقافى بذلك الحجم الكبير الذى يتطلب تنظيما فائقا وميزانية ضخمة تصدي لها الثنائي (العمدة وشيخ البلد) لدفع شباب القرية وجوقة العازفين المحترفين من النقاد والمهتمين بالفن السابع ليعزفوا سيمفونية بديعة لتنشيط السياحة والسينما ووجه الوطن عموما ، وهو ماظهرت ثماره فى العدد الضخم للمشاركات فى الدورتين الأولى والثانية ثم الثالثة والرابعة وهاهي الدورة الخامسة تستعد للإنطلاق حيث تفتتح بفيلم (نوارة) للمخرجة هالة خليل ويشارك فيها 26 فيلما بقسمي الافلام الروائية الطويلة والتسجيلية بالإضافة لأفلام الحريات .
كما تم اهداء إدارة المهرجان الدورة الخامسة إلى روح كل من الفنان الكبير عمر الشريف من مصر والناقد المغربي مصطفى المسناوى الذي توفي اثناء حضورة فاعليات مهرجان القاهرة السينمائي منذ شهرين تقريبا ، وكذلك المخرج هنرى لوبارك من ساحل العاج ، كما تم اختيار ساحل العاج لتكون الدولة ضيف الشرف هذا العام وذلك بمناسبة مرور خمسين عاماً على إنتاج أول فيلم سينمائى في ساحل العاج.
أيضا تم الإعلان عن تكريم نقابة المهن السينمائية النجوم الذين شاركوا في دعم مهرجان الأقصر بحضورهم في الدورات السابقة وهم (يسرا – إلهام شاهين – لبلبة – حسن الرداد – صبرى فواز – د. محمد العدل) بإهدائهم شهادة تقدير ودرع نقابة المهن السينمائية ، وذلك علي هامش المهرجان .
بإختصار نحن علي ابواب دورة جديدة متألقة تلخص مزيدا من الخبرة وفن الإدارة والإبداع لدي صناع هذا الحدث الذي يجب أن نفتخر به جميعا ليس لأنه في جنوب مصر الساحر والمهجور بفعل الاحداث السياسية وأمور أخري لها علاقة بعقلية التنشيط السياحي المتخلفة، وبالتالي فإن المهرجان فرصة لبعث الحياة هناك، كما ان مصدر الفخر لايعود أيضا وفقط لتجميع كل هذه الأفلام والضيوف وتحويل الأقصر لثكنة إبداعية متلألئة ومشعة بالزخارف والألوان وفن السينما البراق خلال إسبوع.. وإنما لأن جمعية أهلية صغيرة بإمكانات بسيطة تحتاج من الدولة لمزيد من الدعم ، إستطاعت تقديم نموذج إبداعي إداري رائع لمهرجان سبق الكثير من المهرجانات الإحترافية في بلدنا، وكل ذلك في 4 سنوات فقط عاشها الوطن في التخبط.. بينما كان سيد فؤاد وعزة الحسيني يقدمان درسا في الإنضباط والنجاح المنتظم رغم كل المعوقات في دولة مترهلة حفرت فيها البيروقراطية بصماتها منذ الاف السنيين.. تماما كحفريات الفراعنة علي جدران معبد حتشبسوت والتي تأبي المحو في دولة الفراعنة بإعتبارها تراث حجري لايجوز المساس به.. حتي لو كان الامر يتعلق بالإبداع !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق