الاثنين، 17 ديسمبر 2012

ربيع الخير


بقلم/ هشام لاشين
رغم الإحباطات العديدة التي تحاصرنا  في فترة مابعد نجاح الثورة المصرية في ظل ربيع عربي قادم رغم أنف المتأمرين إلا أن شعاعا رائعا يطل من بين ثنايا هذه المحاولات لهدم النصر الكبير.. ففي النفق المظلم اشرق ربيعا من نوع أخر .. ربيعا للخير المفتوح والتضامن الممتد مع أخوة عرب يواصلون نضالهم لكسر الليل الحالك في سوريا .. فخلال جولة مستفيضة في مدينة السادس من أكتوبر علي وجه الخصوص وفي القاهرة عموما شاهدت فيضا من نهر هذا الخير عبر مجموعة من الجمعيات الخيرية ومنظمات المجتمع المدني التي لاتبغي إلا وجه الله سبحانه وتعالي دون إنتظار لتمويل مشبوه يدفع للخراب أو مكاسب زائلة نحو الكرسي الذي لايدوم.. رأيت في أكتوبر جبهة للإغاثة المصرية لدعم اللاجئين السوريين يديرها طبيب إمتياز شاب بعد تفويضه من جمعية (مصر أولا) كل مهمته جمع التبرعات العينية لتقديمها للأخوة السوريين المهجرين والذين أجمعوا أن مصر هي الوحيدة التي منحتهم الدخول والعمل دون حبسهم في خيام علي الحدود.. الطبيب الشاب إسمه إبراهيم ومعه مهندس شاب إسمه حسام .. الشابين ومعهما كتيبة صغيرة من المتطوعين قاموا بتأجير دور أرضي في أكتوبر علي المحارة ودون بلاط وبدأوا في طلاء المكان بأنفسهم وبياضه وفرشه من جيبهم الخاص وناموا فيه بعد أن واصلوا الليل بالنهار لتقديم المعونات من بطاطين ومراتب وأطعمة بل وساهموا في إسكان الأخوة النازحين مثلما ساهموا في تشغيل بعضهم من الشباب دون إنتظار شكر أو أجر.. المشكلة الوحيدة التي قالها لي إبراهيم أنهم بحاجة لمراتب وسخانات بسبب العجز في هذه المعونات والبرد القارس خصوصا في أكتوبر بإعتبارها مرتفعا وهو مايشكو منه الأخوة النازحين وقد تفضل الدكتور عمرو الليثي بعد إبلاغه بحل هذه المشكلة عبر ينبوع أخر للخير والتكافل في مصر أسسه هذا الرجل وهو مؤسسة واحد من الناس..وفي مكان أخر إشتهر بدعم الخير هو مؤسسة الشيخ الحصري رأيت تكافلا مذهلا مع الأخوة السوريين إستكمالا للخير الذي يجري لدعم المحتاجين في مصر وكفالة اليتيم ومشروعات البر والتعليم ودعم زواج الفتيات.. والمؤسسة خلية نحل منحتها الحاجة ياسمين الحصري كل ماتملك من حب ومال والأستفادة من تبرعات أهل الخير ليخرج هذا الكيان الخيري الخارق للنور.. وعلي مستوي الأفراد قابلت الدكتورة راوية .. أستاذة الاثار بجامعة القاهرة.. سيدة رائعة تبنت عمل الخير ومنحته كل وقتها وحياتها فركزت علي مشروع تزويج الفتيات والسيدات المطلقات والأرامل بعد إن إكتشفت من خلال الدروس التي تعطيها شكاوي عديدة بسبب العنوسة  أو عدم وجود عائل أو ظروف إجتماعية وحتي تنأي بنفسها وبمشروعها عن المزايدة أو الإستغلال تقوم بمساعدة مجموعة بعمل البحث الإجتماعي والدراسة لكل حالة قبل أن تجري التوافق بين الجادين والجادات في هذا الصدد وهو نفس المشروع الذي تقوم به الأن العديد من الجمعيات الشرعية في أكتوبر ومصر الجديدة والعديد من المؤسسات الدينية والشرعية علي مستوي مصر كلها وقد إلتقيت في شارع هارون بمصر الجديدة بأستاذ في كلية أصول الدين ترك الجامعة وتفرغ ليكون إمام أحد المساجد هناك ليقدم بالإضافة للمسجد الدعم العيني والعملي للأخوة السوريين النازحين ورأيته يقدم فرص عمل بضعف الثمن للعامل السوري بالإضافة لتيسير فرش الشقة عبر رجال البر والخير الذين يعرفهم شخصيا  ومنهم رجال أعمال في مدينة العبور.. وفي ربوع مصر كلها الأن تقدم المساعدات والإحتضان الكامل للأخوة السوريين ليتأكد أن مصر كانت ولازالت هي قلب هذه الأمة النابض ومهد العروبة والقومية والخير وقد اعترف لي العديد من الأخوة والاصدقاء في سوريا الحبيبة بأن مايشاهدونه من الموقف المصري يبدو مفاجأة للكثيرين فالمحن تكشف المعادن..وإن كان يبدو طبيعيا لمن يعرف مصر جيدا.. وقد أكد رسولنا الكريم أن الخير فيه وفي أمته حتي قيام الساعة.. ويبدو أن هذه المقولة تتحقق علي أعلي مستوي في مصر التي إختصها الله سبحانه وتعالي في لوحه المحفوظ.. فرغم كل الإحباطات إلا أن ربيعا مصريا أخر يشرق الأن بشمس الخير الحب والتكافل في أروع صورة! نشرت بجريدة الخميس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق