السبت، 16 يوليو 2011

شاشات العدالة!


بقلم / هشام لاشين
نشرت صحيفة الأهرام الإسبوع الماضي تصريحا للمستشار السيد عبدالعزيز عمر رئيس محكمة استئناف القاهرة، يقول فيه 'إن القضاء المصري لن يرضخ لأي ضغوط حتى يغير من معتقداته وثوابته وأن الشارع لديه رغبة جامحة في القصاص ولكن يجب الا يكون ذلك على حساب العدالة..وأنه ليس من مصلحة أحد القبول بمبدأ الظلم كون ذلك يهدم المجتمع
وحول المطالبات التي تنادي بتصوير المتهمين قال أنه 'كلام لا يستند لحقيقة'، لأن المحاكمات علنية بطبيعة الحال والسماح بتصويرها اعلاميا يهدر كرامة المتهم وحقوقه إذا ما قضي ببراءته..وطبعا تغير الأمر بعد صدور قرار تصوير المحاكمات وتوسيع القاعات.. ولكن إستوقفني في كلام السيد المستشار عدة أمور أراها جديرة بالمناقشة حتي لايتحول القضاء المصري إلي قضاء وقدر لايمكن الفكاك منه حتي لو لم يعجبنا ماوصل إليه حاله .. والأمر الاول يتعلق بقوله أن الشارع لديه رغبة جامحة في القصاص وأن ذلك لايجب أن يكون علي حساب العدالة..والسؤال الذي أطرحه علي سيادة المستشار هل تتناقض رغبة الشارع في القصاص من القتلة مع مقتضيات العدالة؟ وبصيغة أخري هل يعتبر سيادته أن القصاص من قتلة المصريين علي نحو جماعي ودون تمييز أحيانا أمرا فيه ظلما للقتلة لأن القانون لايملك نصا أو دليلا علي هذه الجرائم بالشكل الذي يرتضيه القانون؟ لقد تعلمنا في الدين والحياة أنه لكم في القصاص حياة ياأولي الالباب.. أي ياأصحاب العقول فكيف يقر المستشار بأن هناك رغبة في القصاص وهذه حقيقة وفي المقابل يرفض أن يصطدم ذلك بمقتضيات العدالة.. أي عدالة تلك ياسيدي؟ وهل من العدالة ترك القتلة طلقاء في الشارع بعد منحهم صكوك البراءة لكي يواصلوا جرائمهم بينما دماء الشهداء لم تبرد بعد؟ لقد قمت سيادتك بإقرار حقيقية في تصريحك عندما قلت أن الظلم يهدم المجتمع.. نعم ياعزيزي.. صدقت .. فترك القتلة في الشوارع ورفض القصاص للشهداء هو ظلم مابعده ظلم.. وإذا كان ذلك قضاءا وقدرا فمرحبا به أما إذا كان ذلك بمقتضي قضائكم فلا مرحبا ولاسهلا بهذا الظلم البين الذي لاتوافق عليه أي قوانين أو شرائع..اما حكاية أن التصوير يهدر كرامة المتهم فإني أستحلفك بالله أن تجيبني.. أين إذن قيمة الردع الواجبة في جرائم سلب وقتل ونهب وطن بأكمله.. اي إهدار لكرامة السيد حبيب العادلي الذين تأبون تصويره وتحرسونه برجال الشرطة ذاتها التي قتلت المجتمع.. فكما تعرفون سيادتكم أن من قتل إنسانا متعمدا فكأنما قتل الناس جميعا.. ومن المؤكد أن هناك قتلي وبرصاص الشرطة وبأوامر من وزير الداخلية.. فهل يحتاج الامر إلي فذلكة قانونية لتطول المحاكمة ويرفض تصوير المجرم حماية لكرامته؟ وماذا يارجل القانون عن كرامة الشهداء وذويهم؟ ماذا عن كرامة الوطن التي إمتهنت لسنوات طويلة دهست خلالها العدالة تحت الأقدام ولم تستطيعون حضراتكم الإعتراض؟ أم أننا أولاد البطة السوداء والسادة المجرمون الكبار أولاد البيضاء؟ نريد العدالة سيادة المستشار.. نريد الردع والقصاص أيها الكبير في عالم القانون والعدالة.. نريد كلمة حق لدي سلطان جائر ذهب مع رياح عاتية لن يعود بعدها الزمن للوراء مهما تلكأت العدالة.. إننا نريد أيها السادة الكبار أن نستشعر تغييرا واحدا بعد الثورة.. لانريد قضائكم العادل الناعم البطئ المريب البرئ براءة الذئب من دم شهداء الثورة.. نريد قصاصا سريعا.. كفي نعومة ولعبا بالألفاظ وجدلا سخيفا.. إعتقلوني لو أردتم بتهمة السخرية من القانون ورجاله لكن أرجوكم لاتتركوا دم الشهداء يجف.. الشعب حذركم في مظاهرته الاخيرة.. نريد تطهير القضاء من الفلول.. نريد تطهير العسكر من الفلول.. نريد تطهير الشارع من الفلول.. إرحمونا أو إقتلونا.. إعتقلونا أو أعتقونا .. حاكموا القتلة بسرعة وطهرونا من تلك المسرحية الهزلية التي صارت في غاية السخف.. مصر علي مشارف حرب أهلية بين البلطجية وباقي الشعب إن لم تتخذوا قراراتكم بسرعة.. التلكأ من عمل الشيطان والبطئ مفتاح الخراب.. والثورة تنتظر من ينقذها قبل أن تتحول إلي إنقلاب دموي سوف يقضي علي الأخضر واليابس.. لانريد قضاءا عاديا في هذه اللحظات .. نريد قضاءا ثوريا ينهي هذه المهزلة الأرضية التي لم نعرف مثلها علي مدار تاريخنا.. تصوير القتلة علي شاشات ميدان التحرير وهم يحاكمون هدف قومي ليهدأ الشهداء في قبورهم.. وتصوير الكاميرات لمحاكمات الفاسدين الذين خربوا الأرض بأخضرها ويابسها هدف شعبي لنشعر بقيمة هذه الثورة.. التصوير.. التصوير.. لنخلي عيشتكوا مرار!!
نشر بجريدة الأحرار بتاريخ 18 يوليو 2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق