الثلاثاء، 29 يوليو 2008

هشام لاشين يكتب عن كتيبة ارهاب(الريس) ابو شادي!!

لأنه يتناول العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في مصر، رفضت الرقابة علي المصنفات الفنية سيناريو فيلم «كتيبة الإرهاب» للمؤلف والمخرج سامح سالم، والذي تقدم به في سبتمبر من العام الماضي أي قبل الإعلان عن فيلم «حسن ومرقص» الذي يعرض حاليا في دور السينما وكتبه يوسف معاطي واشترك في بطولته عادل إمام وعمر الشريف. سامح أكد أنه كتب سيناريو الفيلم بدقة دون أن يثير أي فتن طائفية بين الطرفين، فقد استعرض أسباب الاحتقان الطائفي وقدم بشكل غير مباشر الحل للوصول إلي حياة هادئة دون عواصف بين الطرفين، ولكن الرقابة صدمته برفض الفيلم دون إبداء أي ملاحظات كما أنها لم تطلب منه تعديل أو حذف أي مشاهد واكتفت موظفة في الرقابة بقولها: «بلاش دلوقتي نتكلم في الموضوع ده.. البلد مش ناقصة.. وبعدين إنت كاتبه بحسن نية أوي».. هكذا وببساطة دخلت الرقيبة الي نوايا كاتب السيناريو.. وحكمت عليه.. مثلما منحت لنفسها الحق في الحكم علي ظروف البلد ومايصلح للعرض فيها الان ومالايصلح .. تماما مثل جماعات التكفير التي اعطت لنفسها الحق في الحكم علي الاخرين !!. ولم تكن هذه هي الواقعة الاولي التي يرفض فيها جهاز الرقابة علي المصنفات الفنية في عهد (الريس) علي ابو شادي افلاما ذات صبغة سياسية واجتماعية جادة او ناقدة للخطر الخارجي علي الوطن او حتي تنتقد السياسة العرجاء في مصر المحروسة .. فقد كثرت الشكاوي في عهد الرقيب من رفض الاعمال الجادة في مقابل انتعاش افلام الاسترخاء والضحك علي الدقون وصولا لأكبر عدد من الالفاظ القذرة والسباب العلني ومشاهد الجنس والسحاق التي وصلت لذروتها في افلام مخرجين بعينهم وتحديدا خالد يوسف الذي يملك من الاستثناءات الرقابية مالا يملكه مخرجا اخر بعد رحيل يوسف شاهين وهو ايضا مالا يملكه ممثل اخر غير عادل امام.. باختصار هناك خيار وفقوس طبقا لحسابات معقدة وغير مفهومة .. ربما قوة نفوذ المستثني وربما علو صوتهاعلاميا .. وربما اسباب ثالثة لانعرفها او لانملك الدليل عليها .. لتصبح رقابة ابو شادي تكيل بمعيارين احدهما شخصيي يخضع لنفوذ وقوة المخرج او الممثل وهو مايعرف( بالشخصنة) والثاني معيار فكري يكرس الشذوذ والانفلات الاخلاقي والسب وصولا للتعرض للذلت الالهية كما في فيلم ( الريس عمر حرب) .. بينما يرفض كل ماهو جاد او ناقد للسياسة الخارجية او حتي الداخلية كما حدث عدة مرات مع الممثل هاني رمزي في اكثر من فيلم تم الاعتراض علي مضمونه رغم انه يدور في اطار هزلي كوميدي مثل ( ضابط واربع قطط) الذي تحول بفعل الرقابة لأسد بعيدا عن عالم الضباط وهو ماحاول تبريره ذات مرة في حوار للحياة اللندنية بقوله (أنتم لا تعرفون الضغوطات التي اصبحت تحكم العمل الرقابي حيث باتت هناك توافقات ومواءمات أمنية ودينية وثقافية. خذي مثلاً واقعة فيلم هاني رمزي وتغيير الاسم، أنا لم أطالب بذلك بل جهات أخرى. لأنني لو كنت طلبت ذلك سيكون من المفارقات المضحكة خصوصاً انني كرئيس للرقابة وافقت على سيناريو الفيلم وأعلم تماماً أن الشخصية الرئيسية فيه هي لضابط، كما أن الملصق كان يضم صورة ضابط، كيف أطالبه بالتغيير؟ أكيد سيكون عندي خلل!!).وخطورة هذه الكلمات ان الرقيب يعترف فيها بأنه موجه من الامن وانه يعرض افلامه علي اجهزة اخري قبل التصريح بالعرض كطما فعل في (هي فوضي) وقام بعرضه علي وزارة الداخلية حتي لايتحمل مسئولية الموافقة عليه.. كذلك الاصرار علي وضع علامات الاستفهام امام اسم الفيلم للتحول من تقرير واقع الي استنكار ( لاسمح الله) وتحذير.. اما طريقة الخروج من المأزق فهي سهلة وموجودة بوضع لافتة قديمة تتجدد اسمها ( للكبار فقط) وكأنها صك الحماية للآفلام التي يري الرقيب انها قد تسبب له صداعا لكن مطلوب تمريرها .. والطريف ان الزميلة ( علا الشافعي سألت ابو شادي في نفس حوار جريدة الحياة اللندنية قائلة) وحين سألناه حول ازدواجية المعايير الرقابية التي تحدث الكثيرون عنها، قائلين أن هناك منتجين ومخرجين تتم محاباتهم من دون غيرهم، صمت أبو شادي قبل أن يتكلم من جديد مؤكداً أن لا يستطيع أحد أن يقول إن الرقابة تكيل بمكيالين في حالة فيلم «عمارة يعقوبيان» والذي عُرض للكبار فقط، نظراً لوجود مشهد أساسي في الفيلم كان يتضمن حواراً شديد الذكاء والقوة، يبرر فيه الشخص المثلي الجنس حالته، وهو ما قد يخلق حال التباس عند صغار السن. أما بالنسبة الى «سهر الليالي» فكانت هناك مشاهد تتعلق بالأزمة الجنسية بين إحدى البطلات وزوجها. أما في «حين ميسرة» فهناك ايحاء وتلميح وليس تصريحاً، فمشهد الشذوذ لم يتضمن فعلاً واضحاً، على عكس أفلام أخرى) وتعود الزميلة لتسأله: بعيداً من مشهد الشذوذ هناك مشهد لممارسة جنسية بين طفلين من أطفال الشوارع داخل «حين ميسرة» وجمل حوار كأن تقول الفتاة لصديقها «أنت جامد قوي يا أيمن» و «الولد يعتلي الفتاة». أليس هذا كافياً لجعل مشاهدة الفيلم للكبار فقط؟وهنا قال أبو شادي: «الذين شاهدوا الفيلم من الرقباء، اختلفوا حول فكرة تصنيف الفيلم، ومع هذا لم يكن هناك رقيب رأى أن الفيلم يجب أن يصنف «للكبار فقط». فالفن في النهاية وجهات نظر خصوصاً أن الفيلم محتشد بالمشاكل فلماذا التركيز على هذه الجزئيات الصغيرة.الرجل يري اذن ان الشذوذ من الجزئيات الصغيرة التي لاتستحق التعليق او الالتفات!! . . وهناك عشرات الامثلة اليومية علي رفض رقابة الريس ابو شادي لآفلام سياسية جادة في مقابل عشرات الموافقات علي افلام تذخر بالايحاءات الجنسية والالفاظ الخادشة تحتنفس اللافتة.. وصولا لأفكار تافهة ومسطحة ليطرح السؤال نفسه وبقوة.. لمصلحة من مايفعله رقيب السينما المصرية الحالي ؟؟ ولماذا يصمت عشرات الاعلاميين في فضح دور ابو شادي في دعم فن الواحدة والنص رقابيا ومنع افلام التنوير الحقيقية وحجبها طالما لايتمتع صاحبها بنفوذ يحمي به نفسه واعماله من بطش الرقيب؟؟ واذا علمنا ان تغلل ابو شادي في اجهزة وزارة الثقافة المختلفة ومجالسها ولجانها بدءا من رئاسته للمجلس الاعلي للثقافة .. وهو ارفع منصب ثقافي تولاه كبار جدا من قبل .. يكمله سياسة العصا والجزرة التي يتعامل بها مع العديد من الاعلاميين علي طريقة منحه الكتب والسفريات للمهرجانات المختلفة عبر نفوذه في المركز القومي للسينما ومهرجان السينما الروائية والمهرجان التسجيلي والقصير بالاسماعيلية وغيرها من الادوات التي يتحكم فيها ويمنحها ويمنعها حسب اقتراب الاعلامي او ابتعاده من دائرة النقد او(التخديم) عليه.. لأدركنا لماذا يتجاهل العديد من كبار الاعلاميين توجيه النقد للرجل .. وتجاهل موقفه الخطير من الثقافة والفن المصري الذي يتحول الان الي تكريس للدعارة والتسيب وحجب كل ماهو جاد او داعم للوعي .. لقد اشتري البعض السفريات والجوائز وعضوية لجان التحكيم والهبات المختلفة بصمت رهيب .. وتزييف مدجج بالجرأة والابتزاز.. ولذلك لاتتوقعوا في عهد ابو شادي افلاما ناقدة للسلطة او لاسرائيل .. ولاتتوقعوا ممن يفرض ابنته علي جهات الانتاج الا عشرات التنازلات الرقابية فيما يخص الاخلاقيات او مشاهد البورنو ! ان صانع الذوق العام في مصر الان يعمل بدم بارد وبدعم من وزير الثقافة شخصيا للقضاء علي اخر معاقل الذوق والقيم وماتبقي من ريادة .. ويكفينا عودة اغنيات من عينة ( اصله مبيعرفش ومبيقدرش والعنب والخيار والطماطم والكوسة) في عهد الرقيب المصون !! المذهل ان السيد ابو شادي يتحكم في قراءة السيناريوهات التي تنتج في بعض الشركات قبل وصولها ليده كرقيب مثل شركة اسعاد يونس ( الشركة العربية) لقاء اجر .. وكذلك ( جهاز السينما) برئاسة ممدوح الليثي لقاء اجر .. وهو يوافق ويذكي الافلام التي تتفق مع افكاره وتوجهاته وبالتالي مصالحه ودائرة نفوذه وامتيازاته ومحرماته .. ثم يوافق عليها رقابيا ويرخص لها بالتصوير والعرض .. فهل هناك شبكة اكبر او اخطر من ذلك للتحكم في ذوق وثقافة شعب كبير ووطن بحجم مصر المحروسة؟؟ والا يعد ذلك شكلا من اشكال الارهاب غير المباشر لكل من تسول له نفسه لتوجيه النقد له ؟ ان الرجل يتولي حفنة مناصب تساوي( كتيبة ارهاب) كاملة.. الم اقل لكم انه ( الريس) علي ابو شادي؟؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق