الاثنين، 19 أكتوبر 2009

(متخافوش) يدعو لعودة اليهود لمصر.. وليس ضدهم

أحياناً يردد بعضنا كلاماً يتكرر في مناسبات معينة دون أن يعي مايقول كما حدث مؤخرا في أعقاب قضية نور الشريف التي غطت علي أحداث أكثر أهمية نواجهها حاليا مثل فضيحة أبو مازن وإجهاضه لتقرير جولدستون مقابل شبكة محمول أو حتي فضيحة ماتردد عن قتل أبو عمار بأيدي أقرب الناس له.. أو فضيحة سرطنة الشعب المصري وإطعامه بماء المجاري .. أو فضائح صحية عالمية علي غرار ماتردد عن تخليق فيروس أنفلونزا الخنازير في المعامل الأمريكية لصالح شركات الأدوية في إطار مايمكن إعتباره حرباً بيلوجية عالمية.. فنحن مشغولون بما هو أهم مثل دور الصهيونية العالمية في إسقاط مرشح اليونسكو المصري الذي صرفت عليه الدولة من قوت الشعب المسكين أكثر من مليار دولار ومع ذلك لم يجلب لنا غير الخيبة الكبري ..وأخيرا قضية دور الصهيونية في فضيحة نور الشريف بسبب مسلسل (متخافوش) وهو كلام مضحك لاأدري كيف يمر علي من رددوه بمنتهي البساطة لعدة أسباب أهمها أن من يرددون ذلك يتصورون أن الدولة المصرية التي سمحت بنشر هذه القضية قبل أن تتصدي للتحقيق فيها من المستحيل مهما بلغت بنا السذاجة والكراهية أن نتصور أنها تلفق فضيحة كبيرة لأحد أبنائها النجوم لأنه قدم مسلسل يعتقدون أنه يهاجم اليهود مع أن العكس هو الصحيح كما سنكشف بعد قليل..فما هي الضرورة لذلك؟ وربما كان المنطقي أن تتصدي هذه الدولة لعرض المسلسل منذ البداية خصوصا وأنه كان معروضا علي قنواتها الرسمية في رمضان في توقيت عرض متميز.. بل وكان الأدعي أن تلغي هذه الدولة من قبل مسلسل(فارس بلا جواد) الذي حذفت منه مشاهد بالفعل تتحدث عن حقيقة بروتوكولات صهيون ودورها فبما يحدث الأن.. ولكنها لم تفعل.. وليس صحيحا أن إسرائيل قد هاجمت في وسائل إعلامها مسلسل متخافوش أو إعتبرته معادياً لإسرائيل وأتحدي من يأتي بصحيفة إسرائيلية واحدة قد قالت ذلك وقت عرض المسلسل أو بعده وهو الكلام الذي يردده الفنان نور الشريف ومن حوله خلال الأزمة الأخيرة.. ليبقي أن نحلل المسلسل لنعرف هل كان( متخافوش) مسلسلاً ضد اليهود أم معهم؟ وهل كان يدعو لأكثر من التطبيع الذي يحاكمون بسببه د.هالة اليوم أم أنه مسلسل وطني؟؟ وهل كان عنوان المسلسل موجهاً إلي المصريين ودعوة لهم لعدم الخوف من إسرائيل أم هو دعوة مزدوجة لليهود ألا يخشوا العودة لأوطانهم مثل مصر وتونس وغيرها من بلادنا تحت ستار أنهم مواطنون عرب لهم ممتلكات في هذا البلد وحقوق مشروعة في مقابل دعوة للمصريين ألا يخشوا هذه العودة ممن يتمسكون بأوطانهم من هؤلاء اليهود؟!! ودعونا في البداية نقول أن المسلسل إرتكز علي قضية أساسية كانت هي محور حلقاته منذ البداية وحتي أخر حلقة وهي مالخصها بطل المسلسل بقوله (إنتموا لأوطانكم) وقد ركز برنامجه المصور داخل المسلسل علي هذا المعني الذي إعتبر أنه واجه بسببه مطاردة الصهيونية .. ودعونا نتساءل هل كانت هذه الدعوة مطلقة لكل الناس أما أن المقصود بها اليهود تحديدا كعرق عاش معظم حياته في الشتات وهاهو يتجمع الأن في شكل كيان مغتصب لأرض ليست ملكا لهم؟؟ والحقيقة أننا لانعرف ديانة أخري تعيش في تكتل علي أرض مغتصبة غير الديانة اليهودية أو بالأحري من ينتمون لهذه الديانة.. فاليهود هم الوحيدين في العالم المعنيين بدعوة مكرم بدوي فالدعوة موجهة لهم.. من يعيشون في إسرائيل وخارجها .. وخلال الحلقات يظهر نور الشريف أو مكرم بدوي أثناء بحثه عن جذوره إلي تونس لنري علي الشاشة وربما لأول مرة في تاريخ الدراما تلك المقابر المنتشرة بكثافة لليهود علي أرض تونس وتنتشر نجمة داوود في أرجاء المكان النظيف الرائع والذي يوحي بتاريخ حافل لهؤلاء اليهود في منطقتنا العربية بل أن بطلنا الهمام يقابل إمرأة يهودية لازالت تعيش في مصر( وهذا طبعا مخالف للواقع) وهي تنضم بحماس لدعوته في التمسك بمصر كأرض وتاريخ لها بل أنه يزايد ويذهب بها للأسكندرية ليقدم لنا يهوديا أخر في إطار مغامرات يشوبها قدر كبير من المصادفات والسذاجة.. كما يستند إلي كتاب الباحث والناقد المفكر أحمد رأفت بهجت والمعروف بإسم (اليهود في السينما المصرية) ليثبت أن لهم تاريخ في هذه الأرض.. وأنهم الأولي بالعودة لأوطانهم.. مع أنه تجاهل في هذا الكتاب -الذي يعتبر وثيقة هامة- إدانته الحرب الصهيونية وإستغلال دور العرض السينمائية في الإجتماعات للمؤتمر الصهيوني الأول.. أقول تجاهل ذلك وإكتفي بطريقة الإجتزاء بالإشارة إلي أن لهم تاريخ كبير في مصر..ليبقي هذا المعني في بؤرة إهتمام ودعوة المسلسل.. فهو يريد أن يقول بإختصار أن بديل الحياة في إسرائيل هو عودتهم للأرض العربية سواء أكانت في مصر أو تونس أو المغرب أو ليبيا وهكذا بإعتبارها الوطن الحقيقي لهؤلاء والذي ينبغي الإنتماء إليه.. فماذا نسمي دعوة كهذه؟ وألا تعد أخطر من مجرد تطبيع مع عدو صهيوني بل هي تتجاوزه إلي دعوة أبناء العم للعودة لبلادنا بإعتبارهم أصحاب حقوق تاريخية؟؟ أننا نتابع هذه الأيام الشراء المحموم لعمارات وسط البلد للوكالة اليهودية وطرد السكان الأصليين بإعتبار هذه العمارات كانت يوما ما ملكا لليهود من جنسيات مختلفة.. وقضية أتيليه القاهرة الأخيرة تشهد علي التواطئ الداخلي لتمكين اليهود من العودة لمصر في إطار صفقة لايعلم إلا الله متي ستتنتهي والي أين.. فما هي دلالة توقيت هذه الدعوة من نور الشريف في مسلسل متخافوش؟ لقد قدم نجمنا داخل المسلسل شخصية يهودية من أصل إيطالي تعرضت للقتل بسبب دعوتها هذه.. بل تعرضت زوجته هو أيضا للقتل لتهديده بالإبتعاد عن هذه القضية وقضايا أخري مثل إغتيال مجموعة من الشخصيات الهامة في فترات مختلفة..ولذلك سنري في الدراما المصرية ولأول مرة أيضا يهوداً أ×يار يدعون للسلام والمواطنة في بلادنا.. ونور يقول بذلك أته يميز بين الصهيونية واليهود ونحن لانختلف علي هذا التمييز.. لكنه لايعني بالمرة أن نطالب بعودة اليهود إلي وطننا العربي ومصر تحديداً وفي هذا التوقيت.. فهي دعوة مشبوهة وغريبة لايغفر لها أن الأستاذ نور يهاجم الصهيونية في سياقها.. وكلنا يعلم أنه لافرق بين حمائم وصقور.. وأن أبناء العم ينتظرون الفرصة للإننقضاض علي التاريخ والجغرافيا وكل شيئ.. ومن هنا فإن المزايدة بأن المسلسل هو سبب إعلان الحرب علي نور بقضية الشواذ يبدو مفتقراً للمنطق السليم.. وعليه أن يبحث عن أسباب أخري قد نصدقها مثل تصريحاته المنشورة بمصر اليوم والمتعلقة بموضوع التوريث يوم 14 سبتمبر الماضي ورأيه في البلد بشكل عام وهو الكلام الذي يتردد الأن بين الناس.. أما حكاية متخافوش هذه فليته ماذكرها لأنها أخطر مافي تاريخه الفني وتحتاج لتفسير.. في هذا التوقيت بالذات!!!!!! هشام لاشين.......نقلا عن جريدة الأحرار اليومية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق